حازم حسين

يحترق بالحرب ويختنق بالأكاذيب.. نتنياهو من انكشاف الداخل إلى دعايات الحدود

الأربعاء، 24 أبريل 2024 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يمكن أن يُغمض عينيه ويتخيَّل نفسه مُنتصرًا؛ هذا هو السبيل الوحيد لأن يُحرز نتنياهو أهدافه فى غزّة.. صار أسوأ رؤساء الحكومات الإسرائيلية يتقلَّب بين الوهم وأحلام اليقظة، مدفوعًا بطموحاته الشخصية للبقاء أو النجاة من مقصلة الحساب؛ ولأجل ذلك يرتكبُ كلَّ الأخطاء الكفيلة بتعميق مِحنته. الحربُ الهوجاء كانت خطيئةً لا يعرف الآن كيف يُفلت من قبضتها، والأهداف فوق الواقعية وتوسعة الصراع واستفزاز الجوار، كلّها خطايا تُعبِّر عن انسدادٍ يُهيمن على أُفق تل أبيب ويُعقِّد خياراتها، وما بين الإصرار على إزاحة العبء عن كاهله، والرغبة فى اصطناع صورة النصر الكفيلة بتعويمه مُجدّدًا، يمضى الرجلُ المسكون بالفوضى والهواجس وجنون العظمة، من سيّئٍ لأسوأ، ومن ارتباك الحسابات إلى الفشل والإخفاق، تأخذُه الحلولُ العسكرية الحارقة حينًا، ويأخذ أردأ ما فى السياسة أحيانًا، ولا يُراكم شيئًا فى دفاتره سوى الخسائر واللعنات والأعداء.


كانت الخصوماتُ واضحةً فيما قبل السابع من أكتوبر. يكره المُعارضةَ والفلسطينيين، ويكرهه بعضُ النخبة الصهيونية وفصائل المقاومة وبقيّة محور المُمانعة. أمَّا اليوم فقد أضاف إلى خصومه طابورًا ممّن كانوا على الحياد، ومن عامة الجمهور، والطبقة السياسية فى الإقليم والعالم. لقد كان على مرمى حجرٍ من إنجاز اتفاقات تطبيعٍ جديدة تُضاف للدائرة الإبراهيمية التى استحدثها ترامب، ولعلَّه أوشك أن يمتص الغضب العارم من مشروعه لإصلاح القضاء، بينما كانت الجبهاتُ المحيطةُ هادئةً فى أغلبها، أو دون سقف الاشتباك المُزعج كما فى سوريا وجنوب لبنان. وتبدَّلت الصورةُ تمامًا خلال سبعة أشهر من الحماقة والتوحُّش؛ فالْتهبت الساحاتُ الباردة، وانفتحت غيرُها، وتعمَّقت العداوة السياسية فى الداخل بأثر الهزيمة والعجز، مع تظاهراتٍ لا تهدأ رفضًا لإدارته المُشينة للحرب والتفاوض، والعواصم المُستندة إلى بروتوكولات سلامٍ بدأت تتشكَّك فى صدقيّة الشريك والتزامه، ولا أُفقَ للانفتاح على إبراهيميِّين جُدد. كأنّ الدائرة أُغلِقت من حوله؛ ويلفّ فى ساقيةِ الدم مُستمتعًا، ومفتونًا بصيغة الملك اليهودى الذى يخوض معركةَ وجودٍ. وعلى هذا التكييف؛ لم يعُد قادرًا على استبصار واقعه الخانق، ولا تمييز الطرق السالكة من مسارات الصدام والاحتراق.


حسبةُ الرجل بالغة التعقيد. عليه فى ناحيةٍ أن يُعوِّض الهزيمة وضياع الهَيبة والرَّدع، وأن يُفتِّش عن شمّاعةٍ يُعلِّق عليها ملابسَه المُتّسخة عندما يحينُ أوان المُساءلة، كما لا بديلَ عن مُلاعبة المُنافسين بالنار حتى لا تُفرَض عليه انتخاباتٌ مُبكّرة، ومُلاعبة الحُلفاء بالدهاء والخديعة لاستحضارهم إلى أرض المعركة. وكلّما واجهته عقبةٌ أدار بصرَه بحثًا عن أقرب الطرق للالتفاف عليها؛ ولو كانت أكثرها وعورةً وتكلفة. ربما لهذا اصطنع مواجهةً مع إيران مُنطلقًا من الساحة السورية، ويُمنِّى النفسَ باستنفار «حزب الله» لإشعال الأوضاع عند التَّمَاس اللبنانى، ولهذا أيضًا سيسير فى خطَّته لاقتحام رفح، تحت دعايات الكتائب الحماسية الباقية، وشَرط إفنائها قبل الحديث عن نهاية الحرب أو يومها التالى. وإن كانت بقيّةُ الجبهات تُوفِّر له وقودَ التصعيد، وتستجيبُ لنزواته بين وقتٍ وآخر؛ فإنّه يُواجه على الجبهة الجنوبية عائقًا لا يسهُل تجاوزه. مبدأه الصلابةُ المصرية وما لديها من عوامل قوّة، خشنةٍ وناعمة، فضلاً على الالتزامات التى تُرتِّبها اتفاقيّة السلام وبروتوكولاتها المُكمِّلة كورقة المعابر وتفاهمات محور صلاح الدين، وتقاطُع ذلك مع ثابتٍ راسخ أعلنته القاهرة منذ اليوم الأوّل، صُلبه التشدُّد فى إبقاء القضيّة فوقَ حدِّ التمييع والتصفية، والرّفض الكامل لأُطروحة التهجير قسرًا أو طوعًا، لا سيّما لناحية سيناء.


قبل شهور، أفلت زمامُ لسانه مُلمِّحًا إلى تسليح حماس من جهة مصر، ولعلَّه أوعز لحُلفائه من اليمين المُتطرِّف؛ فتتابعت الرسائلُ الشبيهة على ألسنة وزراء وأعضاء بالكنيست. ردَّت القاهرةُ وقتَها بلُغةٍ حادّة، وبالشواهد والأدلّة؛ فانطفأت الموجةُ الرسميّة، قبل أن تعود تل أبيب لإشعالها من بابٍ آخر. كان السبيل تلك المرَّة عبر مُحلِّلين وعسكريِّين مُتقاعدين من خلال إعلام الدولة، وفى مقالاتٍ صحفية نُشِرَت أحيانًا مُجهَّلة الاسم مع إشارةٍ إلى صفة استخباريّة سابقة لصاحبها. ومحورُ الحديث أنَّ أنفاقًا تحت الحدود الدولية تتكفَّل بنقل الأسلحة والذخائر من سيناء إلى قطاع غزّة، وأنّ قُدرات حماس اللوجستية ناشئة عن إسنادٍ مصرى، أو على الأقل عن تهاونٍ وغضٍّ للطَّرف. وإن كان ثابتًا بما لا يحتمل الشكَّ أنَّ المصريين أكثر داعمى القضية شرفًا وإخلاصًا، ويُناصرونها بكلِّ ما فى وسعهم من طاقةٍ وإمكانات، وإدارتهم السياسية كانت الأصدق على المحور الفلسطينى فى كلِّ المراحل والمحطَّات؛ فلم تُناور به أو تنفض يدَها من حقوقه العادلة؛ فإنَّ صيغة الدعم واضحةٌ للجميع منذ خمسة عقودٍ على الأقل، عندما وضع الرئيس السادات مقعدًا لمنظّمة التحرير فى مُؤتمر مينا هاوس؛ لكنهم اختاروا الغياب تحت سطوة بعض العواصم العربية التى احترفت الخطابةَ وقتها، وبعدها سعى لأن تشملهم تفاهمات كامب ديفيد ولم يستجيبوا أيضًا، ولم يثبُت من وقتِها أنَّ الرؤية المصرية وضعت السلاح فوق السياسة، ولا أنها تخلَّت عن الدبلوماسية لحظةً واحدة، وذلك عن قوّةٍ لا عن ضعف، وإيمانًا بأنّ النزاع فيما بين النهر والبحر لا يقبلُ الحسمَ خارج التسوية الموضوعية المُتوازنة، بما لا يُمكِّن طرفًا من رقبة الآخر، ولا ينزلق إلى شعبويّة التفتيش فى الحلول الإلغائية الصاخبة.


عِلّة الدعايات الصهيونية عند حدود غزَّة مُنكشفة ومفهومة؛ لكنها ليست مُبرّرة.. أوّل الأسباب أنهم يبحثون عن تفسيراتٍ خارجية للإخفاق، بديلاً عن فحص الداخل المُهترئ وتعليق الأجراس فى أعناق أصحابها. كما أنه فى الغالب يُحضّر لاجتياح رفح، ويسعى لتخليق الأعذار الكافية لإقناع الحليف الأمريكى، سعيًا لتذويب مُلاحظاته الأوّليّة على الخطوة، واستغلال رضاه فى مُعادلة الرفض المصرى الكاسح. ولا يخلو الأمرُ من ابتزازٍ سخيف للقاهرة؛ إذ يتوهَّم صاحبُه أنّه بإلقاء الاتهامات قد يدفعها إلى حالة التبرير وتبرئة نفسها، ويفوز من وراء ذلك بالصمت أو المُوافقة الضمنية على مُغامرته العسكرية الجديدة. ولعلَّه يرتكبُ عِدّة حماقات؛ إذ تتفجَّر من داخل السردية المُلفَّقة مُلاحظاتٌ جديدة على ثغراتِ المُؤسَّسات العبرية، ويتجدَّد الحديث عن خروقاتٍ داخل الجيش والطبقة السياسية، سمحت بتسليح المُقاومة وتقوية شوكتها لنحو عقدين، والأخطر أنه يُغامر بالعلاقات المُستقرّة استقرارًا حرجًا مع القاهرة، ويضع اتفاقيّةَ السلام بين البلدين أمام امتحانٍ صعب؛ وليس فى صالحه قبل غيره أن يرفع مستوى السخونة على أيّة جبهةٍ إضافية، بينما تكاد تحترق به بقيّةُ الجبهات المفتوحة على امتداد الإقليم.
بالتزامن مع تجديد الأغاليط الحدودية، أعلن رئيسُ شُعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش استقالته، مُتحمِّلاً المسؤولية عن «طوفان الأقصى» ونتائجه، والإخفاق فى التنبّؤ به. وإذا تحقَّق الفشل على تلك الصورة المُزرية مع هجومٍ مُنسَّقٍ فى يومٍ واحد، ومن داخل غزَّة المُراقَبة على مدار الساعة، بالكاميرات والمجسَّات وأحدث تقنيات التجسُّس والمُتابعة؛ فإنَّ شُكوكًا عظيمة تطرحُ نفسَها فيما يخصّ كفاءةَ أجهزة المعلومات العبريّة، ما ينسفُ أيّة ثقة فى ادِّعاء الرصد والإحاطة بعملياتٍ جرت على الحدود، لناحية مصر أو لبنان وغيرهما، لأنَّ الرخاوةَ التى بدت عليها الدولة بكاملها فى غلاف غزَّة خلال أكتوبر، ثم فى سبعة شهور تالية من الحرب والاستنفار عند أعلى مستويات الجاهزية، تقطعُ بضعف القدرة واختلال قنوات الاتصال، وبأنَّ الاستنتاجات التى تصل لرأس السلطة لا تُعبِّر عن واقع الحال. وقد قال نتنياهو نفسه بعد «الطوفان» إنه تعرَّض للتضليل، ولم يُخطره رجاله بالمخاطر الناشئة أو باصطياد إشاراتٍ غير طبيعية، وبالبديهة؛ فإنّ مراكز القيادة التى اقتُحِمَت من مُقاتلين حفاة ومُتواضعى الإمكانات والمعارف التكتيكية، لا يُمكن الوثوق فى قُدرتها على اختراق الجغرافيا البعيدة، وقد اختُرِقت فى عُمقِها دون استباقٍ أو استدراك.


إلى ذلك؛ ثمّة حقائق لا يُمكن القفزُ عليها إزاء مسألة الحدود. لقد عانت مصر من انفلات الأوضاع فى غزَّة بأكثر ممَّا طال إسرائيل أو خصمَ من القضية الفلسطينية العادلة. ولعبت الأنفاقُ دورًا مشبوهًا فى نقل الإرهابيين والأسلحة لسيناء، وليس العكس، ومن آثار ذلك اقتحام السجون فى 2011، ونشاط الإرهاب قبل ثورة 30 يونيو وبعدها. وإذا كانت القاهرةُ استوعبت الأحداث وعادت لاحتواء حماس؛ فإن ذلك على قاعدة ثوابتها الأخلاقية والعربية، والتزامها تجاه الأشقاء فى الأرض المُحتلّة، فضلاً على أن الحركة كانت فرعًا عن الإخوان حتى أعلنت فكَّ ارتباطها بالجماعة قبل سنواتٍ قليلة، وتعتبرُ نفسَها جزءًا من محورٍ لا تتّفق الدولة المصرية مع خطابه وانحيازاته، ولها خياراتٌ مُضادّة لأجندته فى كثيرٍ من البيئات العربية التى أضرَّها التوسُّع المذهبىّ المحمول على صيغة الميليشيا. والمُفارقة المضحكة، أنَّ التصويبَ الأعمى قد يصيب تل أبيب على طريقة النيران الصديقة، وتكفى الإشارة إلى ظهور «بنادق عوزى» فى بعض الأحيان بين تسليح التكفيريين الذين انتشروا لسنواتٍ داخل شمال سيناء وعلى مُقربةٍ من الحدود.


النقطةُ السالفة تفتحُ بابًا من الجحيم على نتنياهو نفسه. إنّ نوعية المعدّات القتالية فى القطاع تُشير لجهة المنشأ بوضوح، وبعضها قد تكون من إسرائيل نفسها. لا يُمكن الحديث عن بنادق M16 فى أيدى بعض الحماسيِّين بمعزلٍ عن فساد الجيش، والأمر ليس جديدًا على الإطلاق؛ إذ أُثير فى تحقيقاتٍ داخلية وتقارير صحفية، وتكرَّر الحديث عن سرقة أسلحةٍ وذخائر من قواعد فى النقب والجولان، وعن ضبط عسكريِّين ومدنيِّين مُتورِّطين فى التهريب للضفَّة ومنها إلى غزّة، أو للأخيرة مُباشرةً. وأعلى مستويات القيادة فى تل أبيب يعرفون أنَّ ضبّاطًا وجنودًا باعوا عتادًا حربيًّا للعشائر والبدو مُقابل أموالٍ ومواد مُخدِّرة. والتقديرات تتحدَّث عن مئات آلاف القطع الصغيرة والمُتوسّطة فى أيدى الفلسطينيين، ونظرة على حال الضفّة الغربية تكشفُ كثيرًا من الشقوق المُتّسعة فى بنية السرديَّة البنيامينية، فهناك لا أنفاق ولا حدود مع مصر، ونحو مليون مُستوطنٍ يُحوّلونها إلى قطعة جُبنٍ سويسرية أكثر ما فيها البؤر والثقوب، بينما لا يتوقَّف السلاح عن العبور؛ إمَّا بفسادٍ فى الإدارة الصهيونية، أو من خلال شبكاتٍ مُرتبطة بالمحور الشيعىّ، تحت بصر فرق الأمن أو نتاج قصورهم الفادح، والمسألةُ نفسها ناحية البحر؛ إذ تُستخدَم سواحلُ غزّة لتمرير الشحنات؛ رغم القبضة الخانقة حولها من بحريّة الاحتلال، ولنتذكَّر فقط أنَّ حصار الرئيس عرفات فى مُقاطعته برام الله قبل اغتياله، تأسَّس على حادثة السفينة فى 2002، واتّهامه بتسهيل مرور السلاح لحماس عبر شواطئها على المتوسط.


للمصلحة الوطنية وحدها؛ اتّخذت مصر إجراءاتٍ جادّةً على قوسها الشرقى قبل سنوات. وبحسب بيانٍ لهيئة الاستعلامات، دمَّرت 1500 نفقٍ، وفعَّلت سياجًا ثلاثيًّا يضمن إحكام الأمن فى المنطقة، مع تنشيط المعابر الرسمية لاستيعاب حركة التجارة والسفر. والاختراقُ الذى وقع كان على الضلع الشرقى للقطاع، ناحية الغلاف والنقب، أى باتّجاه محور ارتكازٍ وعمليات شديدِ الحيويّة لدى إسرائيل. ولا معنى لحديثهم اليوم إلَّا الهروب إلى الأمام، واستعارة طرفٍ ينوبُ عن نتنياهو فى فشله؛ بينما سوابقه تقطعُ بمسؤوليته الكاملة عمَّا آلت إليه الأوضاع. لقد أغلق المسارات السياسية، وشدَّد قبضة العنف والإبادة، ووضع البيئة الفلسطينية أمام خياراتٍ كلّها مُرة. لكنه قبل ذلك استثمر فى الانقسام، وعزَّز القطيعة بين الضفّة وغزّة، وكان عونًا لحماس فى الإمساك بمفاصل القطاع بعد انقلاب 2007؛ ولأجل ذلك مكَّنها على حساب السلطة، وأضعف الأخيرة أمام الشارع، وتوسَّط لدى إحدى العواصم العربية لتمويل حُكم الحماسيِّين، بل كانت حقائبُ الأموال تمرُّ عبر مطاراته ومعابره، وخلال تلك الفترة تحصَّلت الحركةُ على أكثر من 6 مليارات دولار فوق الطاولة، ناهيك عن الكواليس والقنوات الخفيّة. وإذا كانت تقاريره بالحرب الأخيرة تحدَّثت عن وِرشٍ ومصانع سلاح بالأنفاق؛ فإنه شريكٌ مُباشر فيها بالمواد مُتعدّدة الاستخدام العابرة من داخل حدوده، وبقايا أسلحته غير المُتفجّرة فى خمسة حروب، والنسبة المعتادة 10 % من القذائف، ويقول عسكريون إسرائيليون إنها تتضاعف مع جيشهم، ما يعنى أنه من نحو 75 ألف طن ألقوها خلال ستة أشهر، قدّموا لخصومهم عشرة أطنان أو أكثر، تُضاف لِمَا تحصَّلوا عليه فى المواجهات السابقة.


ادّعاءات الصهاينة مُتكرّرة، فقد حاولوا التهرُّب من تهمة الإبادة أمام محكمة العدل الدولية بإلقاء مسؤولية المساعدات على مصر، رغم فتح معبر رفح طوال الوقت، وأنّ وزراء تل أبيب تحدثوا علنًا عن تجويع القطاع. وفعلوها مع وكالة أونروا؛ سعيًا لإزاحتها وتقطيع ورقة اللاجئين وحقّ العودة، ولم تعُد مناوراتهم مُقنعةً أو تنطلى على أحد.. الثابتُ أنّ الغزِّيين تحت حصار خانقٍ من ثلاث جهات، والحرب حوَّلت القطاع لرُكامٍ من الأطلال والجُثث.. ونتنياهو أكثر العارفين باستحالة إفناء حماس، ولو عطَّل القسّام مرحليًّا فلن يطفئ نار الثأر والثورة فى نفوس العوام. كلّ ما فى الأمر أنه يقطع طريقه التراجيدية لآخرها، ويُغالب يقينه العميق بأنه ذاهب للسجن أو التقاعد، ولا بديل غيرهما لرجلٍ احترف إشعال الحرائق، وانصرف عن إطفائها إلى الأكاذيب. والحال أنه سيمضى كما مضى سابقوه، وستبقى القضيّةُ حيّةً ونابضة؛ لأنها مسألةٌ إنسانية لا يحكمها فارق القوة أو توليد الدعايات وتسويقها. الحلّ أن تسدَّ تل أبيب ثغراتها أوّلاً، بالسياسة والدبلوماسية والتعقُّل، والواقع أنّ الثغرة كانت واضحةً طوال الوقت، وما تزال، وهى فى مقر الحكومة وأعلى مستويات الجيش.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة