هناك أشياء لو تأخرت عن موعدها ضاع معناها ومغزاها، وفقدت قيمتها ولم يعد لها قيمة أو جدوى، بل يُصبح عدمها أفضل آلاف المرات من وُجودها، بالإنجليزية يقولون (It's too late)، وبالعربية (اتأخرت جدا، وفات الأوان). لذا علينا ألا نتأخر فى فعل العديد من الأشياء، حتى لا تُصبح بلا جدوى، وتفقد ماهيتها وهويتها.
فمثلاً هناك أحلام لا يُمكن أن تتحقق إلا فى مرحلة معينة من العمر، فلو تم تأجيلها ربما ستتحقق فى المُستقبل، ولكنها ستفقد مذاقها النفسي، بسبب تأخر تحققها، وهناك كلمات لا يُمكن أن يكون لها قيمة إلا إذا قيلت فى وقت مُعين، وبعد هذا الوقت فلا جدوى منها، مثل الاعتذار، فما قيمته إن فات وقت العتاب، فيُصبح فى هذه الحالة مثل القبلة على جبين ميت، فكل شيء خُلِقَ فى موعد مُعين، لكى يستخدم فى وقت مُعين، ويكون له أثر مُعين، فكل شيء بميعاد، والتأخير ليس فى صالح الإنسان، ربما يكون الخير مُقدر فى تأخير بعض الأمور، ولكن ليس كل الامور.
وكما يقولون: "فى العجلة الندامة"، فالأمر كذلك ففى التأخير الندم الكبير، فيا لحسرة الإنسان عندما يقول: "يا ليتنى لم أتأخر فى الذهاب إلى الطبيب، وليتنى لم أتأخر فى الاعتذار وتصفية النفوس، ويا ليتنى لم أتأخر فى الاعتراف بكلمة الحب، وليتنى لم أتأخر عن الموعد المُحدد"، فكم من مرة سمعنا أحدهم يقول: "لو كنت حضرت فى موعدي، لم يكن سيحدث كذا، أو ربما كان سيحدث كذا".
وهكذا يظل الندم حبيس القلب بسبب عناد الإنسان مع نفسه فى ألا يتخذ بعض القرارات فى الوقت الصحيح، فيتأخر فى إصدارها، فيكون هذا هو القرار الصحيح فى الوقت الخطأ.
فلا تستهينوا بالوقت، فصدق مَنْ قال: "إن لم تقطعه قطعك"، فالوقت إما أن يكون معك، أو ضدك، وأنت وحدك الذى تملك أن تجعله صديقًا، أو تضعه موضع العدو، فالوقت يعتز بنفسه، فإذا احترمته ساق لك كل الظروف، وإن استهترت واستهنت به، جعلك تندم بقية عُمرك على لحظة واحدة تمردت فيها عليه، واستهنت به، وهنا بدلاً من أن تتحول تلك اللحظة إلى لحظة إنجاز وانتصار حقيقي، تُصبح لحظة ندم محفورة فى القلب على مر الزمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة