معتمد عبد الغنى

حكاية الناقد الفني الذي أعاد نور الشريف من الاعتزال

الإثنين، 29 أبريل 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نور الشريف، الأسطورة السينمائية العربية، لم يكن مجرد ممثل عادي، بل كان فنانًا استثنائيًا بموهبة لا مثيل لها. عرفه الجمهور بأدواره المميزة في السينما والتلفزيون، لكن القليلين هم الذين يعرفون حكاية الناقد الفني الذي أعاده من الاعتزال.

في أواخر السبعينيات، قرر نور الشريف الاعتزال دون الكشف عن السبب. وظلّ سر اعتزاله طي الكتمان حتى كشفه الكاتب الصحفي محمد تبارك في التسعينيات. روى تبارك حوارًا دار بينه وبين الناقد البريطاني الشهير "ديزموند هيرس" حول أحوال السينما المصرية. وعندما سُئل هيرس عن الممثلين المصريين المفضلين لديه، ذكر اسمًا واحدًا فقط: نور الشريف. وصف هيرس نور الشريف بأنه صاحب موهبة استثنائية، وأنّه عندما تتفجر هذه الموهبة، سنقف أمام فنان له مواصفات خاصة في الأداء.


قرأ نور الشريف هذا الحوار في إحدى الصحف القومية، فشعر بدافع جديد للعودة عن قراره. اتصل بالصحفي الذي أجرى الحوار معه وشرح له أنه كان قد قرر الاعتزال بالفعل وأنّه كان يفكر في خطواته التالية. بعد قراءة كلام هيرس، تغيرت نظرة نور الشريف للأمور. عاد إلى العمل بقوة، وقدم العديد من الأعمال المميزة التي أثبتت موهبته الاستثنائية.

أما قصة اعتزاله الثاني في التسعينيات فكان اعتزالًا جزئيًا، ارتبط بالدراما التلفزيونية فقط، بعد نجاح مسلسل "السيرة العاشورية"، أعلن نور الشريف الاعتزال مرة أخرى. لأنه لم يكن راضيًا عن ميعاد عرض المسلسل، رغم نجاحه. وأعلن أن آخر مسلسل سيكون من بطولته هو "الرجل الآخر"، وبعدها سوف يتفرغ تمامًا لبطولة مشاريعه السينمائية والإخراج. وبالفعل، قدم فيلم "العاشقان" بعدها مباشرة، وكان مستعدًا لمشاريع أخرى.


لكن سرعان ما تغيرت خططه مرة أخرى. أغراه مصطفى محرم بمسلسل "عائلة الحاج متولي" وعدد من المشاريع الفنية الأخرى، فعاد إلى العمل في التلفزيون.

إذا نظرنا إلى سبب الاعتزال من وجهة نظر نور الشريف، كان الراحل يرى أنها ليست مسألة تقدم في العمر، بل تكون حقيقة ملحة تفرضها التحديات التي يواجهها الفنان، حيث يصل إلى مرحلة لا يمكنه فيها استمرار العمل بنفس الحماس والإبداع كما كان يفعل في السابق.

يأتي التحدي الأكبر عندما يدرك الفنان أن مصدر إلهامه وموهبته قد بدأ يتلاشى، وأنه لم يعد لديه القدرة على تقديم أعمال جديدة تلامس القلوب وتبهر العقول كما كان يفعل في الماضي.

والشريف كان يعيش ويتنفس السينما في كل لحظة من حياته. حتى في أواخر أيامه، برزت لمساته الفنية المذهلة أمام الكاميرا، فكانت لحظته الأخيرة على الشاشة مذهلة كما كان دائمًا. وعلى الرغم من معاناته مع المرض، فإنه استطاع أن ينقل ببراعة وحساسية مشاعر شخصية مريض الزهايمر في فيلم "بتوقيت القاهرة".

ظلّ نور الشريف رمزًا للفن والإبداع حتى وفاته. ستظلّ أعماله خالدة في ذاكرة محبيه، وستظلّ حكايته مع الناقد الفني ديزموند هيرس مثالًا على تأثير الكلمة الطيبة على نفس الفنان الموهوب.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة