هناك الكثير من الرسائل انطلقت من مشهد تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة رئاسية جديدة، لكن يبقى أهمها هو مشهد العاصمة الإدارية، التى اكتملت بشكل بدا مفاجئا لكثيرين لم يتابعوا التطور فى شكل ومضمون العاصمة الإدارية، وبدت عملية التنصيب نفسها بسيطة جدا بالرغم من أنها انطلقت من مدينة عملاقة ومبان تمت بشكل يحمل الأصالة والمعاصرة فى العمران، التنصيب نفسه رسالة فى بساطة الاحتفال ورسالة تؤكد تطبيق عملى للتقشف وضغط الإنفاق، لكن فى المقابل كان رفع علم مصر فى ساحة الشعب والنصب التذكارى لشهداء مصر على مر العصور والذى يحمل أسماءهم رسالة أيضا بأن مصر لا تنسى تضحيات أبنائها.. مشهد العاصمة الإدارية نفسه رسالة على حجم إنجاز كان حلما قبل 9 سنوات، وأصبح حقيقة، تجيب على الأسئلة بأن القاهرة قائمة وأن العاصمة الإدارية هى بصمة واضحة كاشفة عن إرادة كبرى فى تحقيق الحلم.
عندما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى، البدء فى بناء عاصمة إدارية جديدة، قبل 9 سنوات بدا الأمر أقرب لخيال، وطرحت الكثير من التساؤلات، بل والشكوك فى إمكانية التحرك فى هذه الأرض الفراغ الصحراء، وإمكانية تحققها أو تسويقها، لكن الأيام التالية كانت كفيلة بالرد على الأسئلة، بل وتقديم إجابات عليها وعلى غيرها، وفى يوم التنصيب 2 أبريل 2024 كانت الإجابة واضحة ومفصلة، الحكومة والبرلمان وكل الوزارات والهيئات انتقلت بالفعل وبدأت العمل وأقسم الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، وتستعد الدولة لمرحلة جديدة من العمل.
ظلت العاصمة الجديدة مطلبا مستمرا على مدار نصف قرن، بعد أن بدأت القاهرة تعانى من مشكلات الطرق والمرور والتكدس، مع بنية أساسية متهالكة، وصار مطلب نقل الحكومة والوزارات خارج المربع الضيق متكررا، خاصة أن كل التوقعات رسمت سيناريو متشائما، كانت التقارير الفنية والدولية تتوقع أن تصل السرعة فى شوارع القاهرة 2020 إلى 5 كيلومترات فقط فى الساعة.
لكن هذا كله أصبح من الماضى بعد أن تجاوز المصريون هذا الواقع، بفضل شبكة طرق ومحاور وكبارى عملاقة، بناء على تخطيط دقيق، وتشخيص لمشكلات النقل، والاحتياجات المستقبلية من تجارة وصناعة، ولم تكتف الدولة بحلول موضعية، وانطلقت إلى عاصمة إدارية جديدة ذات بنية تقنية ومعلوماتية عالية الدقة، متوازية مع سعى لتغيير نظام الإدارة ليتناسب مع هذا البنية، مع 42 مدينة من الجيل الرابع، فى حركة عمران غير مسبوقة أعادت الكثير من التفاصيل المفقودة وتراكمات عقود من التكدس، بل إن العشوائيات انتقل سكانها إلى مناطق ومجتمعات حضارية.
العاصمة الإدارية قامت مع مدن من الجيل الرابع، العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة ودمياط وأسيوط والمنيا الجديدة، والأنفاق التى تربط سيناء بالوادى والدلتا وتضاف إلى مدن لم تقم باعتبارها مصايف أو منتجعات موسمية، لكنها تستوعب ملايين المواطنين، وتمتص الزيادة السكانية، وتتضمن أنشطة زراعية وصناعية وتجارية واجتماعية، ومجتمعات قادرة على التوسع وتشكيل إضافات لجهود التنمية، من دون نسيان لنصيب الأقاليم، وخصوصا الريف والقرى، فى التنمية، مع حياة كريمة، والتى تعنى بإعادة صياغة حياة نصف المصريين وحقهم فى الخدمات، والمرافق والمنشآت التعليمية والصحية.
وجاء التنصيب ليؤكد أن العاصمة الإدارية الجديدة هى جزء من القاهرة، أحد أعرق العواصم فى العالم، بل إن بناء العاصمة فى هذا الوقت القياسى تزامن مع أكبر عملية تطوير للقاهرة التاريخية، والمتاحف الجديدة، ومحاور لربط المتاحف بحركة السياحة، بما يؤكد أن العاصمة الإدارية عقل للدولة يدعم تطوير نظام الإدارة المحلية، وتكون الحكومة قادرة على ممارسة عملها لخدمة الجميع من دون تفرقة.
وبالتالى فإن رسائل الرئيس من العاصمة الإدارية، هى استمرار حجم وشكل الإنجاز، والتركيز على الصناعة والزراعة والاتصالات والتكنولوجيا والسياحة، ومعها حزم الرعاية الاجتماعية وضمانات الحياة الكريمة وسكن لكل المصريين.
العاصمة الإدارية تجسيد لإرادة المصريين ونظرتهم وطموحهم للمستقبل.