تبدأ مرحلة جديدة، وفترة رئاسية مهمة للرئيس عبدالفتاح السيسى، تأتى بعد أن استعادت الدولة لياقتها السياسية وقدراتها، وتبدأ الفترة وقد أكمل الحوار الوطنى عامين كاملين، منذ أن دعا إليه الرئيس فى إفطار الأسرة المصرية فى رمضان قبل الماضى، ومنذ اللحظات الأولى لانعقاده، أوفت الدولة بالتزاماتها العاجلة، وتم تفعيل لجنة العفو الرئاسى، والتى نجحت فى خروج مئات ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية نهائية، أو من النيابة، وتم دمج بعضهم فى المجتمع أو فى وظائف، وظهر بعضهم فى جلسات الحوار الوطنى.
الشاهد أن الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس، كان أهم خطوة نجحت فى بناء الثقة بين التيارات السياسية والدولة من جهة، وبين التيارات ونفسها من جهة ثانية، وعلى مدار شهور، أثبتت التجربة أن الحوار هذه المرة يختلف عن مرات سابقة كان يظل من طرف واحد، لكن الرئيس استجاب للمطالب العاجلة، ووجه الحكومة، بالتنسيق مع «أمانة الحوار» وصولا إلى تنفيذ المخرجات والتوصيات الاقتصادية.
وأثبتت تجربة الحوار الوطنى أن أفضل طريق هو الحوار بلا شروط، وبصراحة ومن دون لف أو دوران أو إخفاء للنوايا فى أغلفة كلام كبير، وتفرض على كل التيارات التى تدعو للشفافية أن تلتزم بها، وهو ما كشف بالفعل عن قدرات وإمكانيات لدى بعض هذه التيارات، بينما توقفت تيارات أخرى عند نقطة قديمة لم تتجاوزها، خاصة وقد وصل الحوار إلى مراحل مهمة بعد الانتهاء من توصيات ومطالب بعضها يتعلق بالعمل السياسى، والاقتصاد والمجتمع، ومشكلات مثل التعليم والصحة، وكشف الحوار عن الحاجة إلى خطوات وتشريعات تدعم توسيع القدرات على تعليم وعلاج المواطنين، والمزج والتفاعل بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلى.
ومن ميزات الحوار، أنه كشف عن قدرة التيارات والخبراء على قراءة الملفات والتعامل مع الأرقام والقضايا الاقتصادية والاجتماعية، بناء على دراسة، وليس فقط من خلال طرح آراء فردية، وأتاح فرصة النقاش حول المستقبل وتوسيع المجال العام، خاصة أن العمل العام والسياسى والحقوقى يقوم على طرفين، الدولة والمؤسسات من جهة، والأفراد والتيارات والتجمعات من جهة ثانية، ولدى كل طرف وجهة نظر تستند إلى رؤيته ومصالحه، وأفضل الطرق وأقصرها لعمل عام ناجح، وجود سياق من الحوار والتفاعل بين أطراف المعادلة، وأن يكون كل طرف مستعدا للاستماع والتفاعل، ربما تبدو هذه التفاصيل بديهية لكن الواقع يشير إلى أن وقتا طويلا يضيع فى مناقشة البديهيات، وإعادة ترديد مقولات منقولة لم تختبر أو أنها فشلت لكونها نبتا غير ثابت.
وعندما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى للحوار الوطنى، قبل عامين لم تكن هناك أزمات او انعكاسات لأزمات عالمية، وبالتالى فقد استبق كل هذه الانعكاسات بدعوته للحوار، تأكيدا لكون المشاركة والتوافق يسمح بتبادل الآراء وصولا إلى نقاط تفاهم.
وبالتالى كانت النقطة الأهم والمكسب الحقيقى، بناء جسور ثقة بين كل الأطراف تسمح بالكثير على طريق رسم خرائط المستقبل، خاصة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى - فى كل مناسبة - يؤكد انفتاح الدولة على الجميع، والاستجابة لمطالب الحوار الوطنى فيما يتعلق بالقضايا العاجلة، حيث تم تفعيل لجنة العفو الرئاسى، وكل ما يدخل منها ضمن سلطاته الدستورية والقانونية، مع تأكيد من الرئيس بتلبية مطالب الحوار الوطنى التى تم التوافق عليها، وسبق واستجاب الرئيس لمطلبىّ مد الإشراف القضائى على الانتخابات والاستفتاءات، والمجلس الأعلى للتعليم، ووعد بالنظر فى قوانين الوصاية ومفوضية منع التمييز، وقانون تداول المعلومات مع وعد بإحالة أى مطالب أخرى إلى مجلس النواب والجهات المختصة.
ومن الواضح ان مؤشرات الحوار الوطنى سوف تظهر فى المرحلة الجديدة، من خلال تشريعات وخطوات بل وأشخاص ظهروا خلال المشاركة، لتتحول ثمار الحوار إلى برامج عمل تساهم فى بناء المجال العام الأكثر اتساعا، ضمن خارطة جديدة، أهم عناوينها توسيع المجال والمشاركة، فى واقع أكثر تقبلا لتنوع الآراء، وتكافؤ الفرص، والتحرك نحو المستقبل.
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع