يعتبر الكشف عن مومياء الملكة حتشبسوت أحد أعظم ملكات العالم القديم من أهم الاكتشافات الأثرية التي قمت بها في حياتي... لقد كانت حقاً مغامرة مثيرة استمرت لأكثر من عام ولم أكن أتخيل أننى سوف أعثر على مومياء حتشبسوت ، لنكشف أحد أسرار الحضارة الفرعونية
بدأت قصة الكشف المثيرة في عام٢٠١٠ عندما عرضت على قناة ديسكفرى عمل فيلم عن الملكة حتشبسوت.. وبدأت أعد لهذا الموضوع ... وبالفعل قمت بزيارة مقبرة الملكة حتشبسوت رقم (20) بوادى الملوك بالبر الغربى بالأقصر وهى من المقابر الأولى التى تم بناؤها في الوادي الساكن، ولا أعتقد أن هناك أثرى دخل هذه المقبرة بعد أن اكتشفها هيوارد كارتر عام 1903م .. والمقبرة يصل طولها إلى حوالى 219 متر وتنزل بانحدار شديد داخل صخر الجبل المنحوتة به، ويمثل النزول إلى هذه المقبرة خطورة كبيرة ومصاعب جمة يتكبدها كل من يغامر بزيارة هذه المقبرة الفريدة في تصميمها وأنفاقها الخطيرة.
عثر داخل حجرة الدفن بمقبرة الملكة حتشبسوت على تابوت خاص بالملكة موجود بالمتحف المصرى، بالإضافة إلى بقايا الأواني التي تحفظ الأحشاء ويطلق عليها الأثريون اسم الأوانى الكانوبية، وقطع من الحجر الجيرى تحمل بقايا نصوص من كتاب "ما هو موجود في العالم الآخر". وبعد زيارتى لمقبرة الملكة قمت بزيارة خبيئة المومياوات الموجودة بالدير البحرى بالقرب من وادى الملوك، وقد كشف عن هذه الخبيئة عائلة عبد الرسول الشهيرة عام 1881م. وعثر داخل هذه الخبيئة على (40) مومياء لفراعنة مصر، بالإضافة إلى مومياوتين لامرأتين مجهولتى الاسم من الأسرة المالكة.. هذا بالإضافة إلى العثور على صندوق من الخشب يحمل اسم العرش، الاسم المولودة به الملكة حتشبسوت، وداخله يوجد كبد الملكة ، والذى تم وضعه داخل الصندوق أثناء عملية التحنيط.
وكان ظني في البداية أن إحدى هاتين المومياوتين يمكن أن تكون للملكة حتشبسوت.. ووضعت المومياوتين داخل جهاز الأشعة المقطعية، حيث اتضح أن واحدة منهما ماتت قتيلة؛ وذلك لأن فمها مفتوح حتى الآن.
أما السر فقد كان في انتظارنا في المقبرة رقم (60) والتى تقع أسفل مقبرة حتشبسوت مباشرة وعثر عليها أيضاً هيوارد كارتر وقام في عام 1907م، بنقل مومياء من هذه المقبرة كانت داخل تابوت من الخشب يحمل آخر حرفين من اسم مرضعة الملكة حتشبسوت والمعروفة لدينا باسم "سات ابن رع". وبدأت أبحث عن هذه المومياء فى المتحف المصرى، وعثرنا عليها داخل مخزن في الطابق الثالث، ووجدت أن طريقة التحنيط تمت على الطراز الملكي، ووقتها ظننت أن هذه المومياء يمكن أن تكون للملكة حتشبسوت، وكان ذلك هو بداية رحلة البحث عن مومياء الملكة حتشبسوت أعظم ملكات مصر ... حكمت في أزهى عصور مصر من تاريخها القديم.
لقد أقامت حتشبسوت أجمل العمائر الدينية والجنائزية على الإطلاق، ولا يزال معبدها بالدير البحرى شاهداً على جمال عمارتها. وكان أهم ثلاث شخصيات فى حياة هذه الملكة هم المهندس المعمارى سنموت الذى شيد لمليكته معبد الدير البحرى وربما كان هو الحبيب الخفي للملكة، وحرصت بأن يدفن أسفل معبدها، أما الشخصية الثانية فهى مرضعتها الخاصة، وبالطبع كانت الشخصية الثالثة فى حياة هذه الملكة هى ابنتها الأميرة نفرورع...
