طالما نتحدث عن الحوار الوطنى فإننا بالفعل أمام تصورات وأفكار كثيرة تم طرحها من خلال مشاركات متنوعة لأطراف سياسية أو خبراء، وأهم ما أنتجته الفكرة هو بناء جسور للثقة بين الأطراف المتنوعة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ثم إن الجدية فى الطرح والتناول والاستجابة لمطالب أو توصيات بشكل عاجل أكدت الجدية من قبل الدولة وحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على رعاية الحوار وضمان استيعابه وتنفيذ توصياته ومخرجاته.
وبالفعل استجاب الرئيس لمطالب الحوار فيما يتعلق بالإشراف القضائى وقانون المعلومات ومفوضية مواجهة التمييز والمجلس الأعلى للتعليم وقوانين الوصاية وغيرها، بل وجه الحكومة بالعمل على تنفيذ توصيات ومخرجات الحوار وعقد رئيس الحكومة لقاء مع أمانة الحوار وأعلن تشكيل لجنة تنسيقية بين الحكومة والحوار الوطنى وعقد معها لقاء مع أعضاء اللجنة التنسيقية المشتركة للحوار الوطنى، التى تضمُ ممثلين عن مجلس الوزراء، ومسؤولى الحوار الوطنى، وذلك بحضور ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطنى، والمستشار محمود فوزى، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطنى، وأعضاء اللجنة التنسيقية، وهو اللقاء الثانى الذى يجمعه بمسؤولى الحوار الوطنى، بهدف متابعة تنفيذ توصيات ومخرجات الحوار الوطنى، لتأكيد الاهتمام الجاد بوضع التوصيات والمُخرجات حيز التنفيذ.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، الإجراءات التنفيذية التى اتخذتها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، لتنفيذ توصيات المرحلة الأولى من «الحوار الوطنى» فيما يخُص التعليم قبل الجامعى، عبر تقرير أعده الدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، مشيرا إلى أنه تم تشكيل لجنة مُوسعة برئاسته وأن الوزارة صاغت خطة استراتيجية (2024/2029) لتوحيد سياسات التعليم والتوافق مع الاتجاهات العالمية فى التعليم، وتُقدّم الخطة مجموعة من السياسات والبرامج وخارطة طريق للتنفيذ، والتى تضمنت إشراك المجتمع المدنى فى العملية التعليمية، وتنمية وتطوير موارد الوزارة الذاتية من خلال التوسع فى مجالات الاستثمار مع القطاع الخاص، والعمل على تعدد الفرص الاستثمارية، وتعظيم العائد منها بما يحقق دخلا ماديا للوزارة تستطيع من خلاله الإنفاق على القضايا الملحة فى العملية التعليمية.
بالطبع لا توجد قضية تستحق الحوار والمناقشة مثل قضية التعليم بكل مراحله ومناهجه وسنواته والقوى البشرية القائمة عليه، التعليم أهم الطرق نحو التقدم، وهناك اتفاق، بين كل التيارات، على أن التعليم أهم الملفات، لأنه يتعلق بالحاضر والمستقبل، وأنه بحاجة إلى إزالة تراكمات عقود وتجارب، انتهت إلى صورة متشعبة وأنواع وأشكال من التعليم العام والخاص والتجريبى واللغات والإنترناشيونال والآى جى، الى آخر الأنواع التى تشير إلى غياب تعليم موحد يمكنه أن ينتج سياقات متعارف عليها لبلد متجانس.
وفيما يتعلق بالخطة التى أعلنها الوزير فى السعى لتنفيذ التوصيات من الحوار الوطنى فقد تضمنت مناهج واستعانة بخبراء والاهتمام بالتدريب والجودة مع توسيع مشاركة القطاع الخاص إلى آخر المخططات التى أعلن الوزير واتخاذها للدمج والتطوير، خاصة فى مجالات رياض الأطفال والتعليم قبل الجامعى.
وبالإشارة الى مخرجات الحوار الوطنى فقد تطرق النقاش إلى مشروع قانون إنشاء المجلس الوطنى الأعلى للتعليم والتدريب، ليكون مظلة للتعليم تعالج التعدد فى أنواع وأشكال التعليم، وقد دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى، مجلس أمناء الحوار الوطنى، لعقد جلسة خاصة للجنة التعليم والبحث العلمى التابعة للمحور المجتمعى، لمناقشة مشروع إنشاء المجلس الوطنى الأعلى للتعليم والتدريب المقدم من الحكومة، حتى يمكن توسيع النقاش حول المجلس الذى يمثل خطوة مهمة ضمن استراتيجية التعليم.
وهذا المجلس أهميته فى كونه ممثلا للمجتمع فى وضع وصياغة السياسات العامة للتعليم، وربما تكون أهم خطوة فى دور المجلس هى الحفاظ على نظام تعليم يوفر المساواة، وليس نظاما مختلطا ومتداخلا، وهناك فرق بين تنوع وجود نظام تعليم واحد، مع تنوع أنواع هذا التعليم، لأنه من بين تشعبات وتراكمات العقود الماضية لدينا أنظمة تعليم متعددة، حكومى عادى وتجريبى ومعاهد قومية، والخاص عادى ولغات و«إى.جى» وأمريكى وإنترناشيونال، وناشيونال، وهى أنظمة تعليم تخرج طلابا لا تربطهم ببعضهم ولا بمجتمعهم روابط، وهذه التعددية لا علاقه لها بالتنوع ولكن بمصالح أطراف اهتمت بالربح على حساب التعليم.
وبالتالى فمن المهم أن يسعى المجلس الأعلى للتعليم للتعامل مع الملفات الخاصة بالتعليم ووجود نظام تعليم واحد، وهو أمر لا يتعارض مع التنوع، خاصة أن قضية التعليم فيها الكثير من النقاط، والتراكمات وربما يكون من أدوار المجلس الأعلى أن تضمن وجود مشروع متفق عليه يتم تطبيقه برضا وتفهم، مع الاخذ فى الاعتبار أن هناك اتجاهات ومصالح قد ترى فى أى مشروع لتطوير التعليم إضرارا بمصالحها، وهو ما يجب أخذه فى الاعتبار، بجانب أهمية تطوير حقيقى للتعليم الفنى، وربط التعليم عموما بسوق العمل وهو ما أشار إليه الرئيس السيسى أكثر من مرة، وأكد استعداد الدولة لدعم الكليات والمناهج الحديثة والمطلوبة.
كل هذه النقاط مهمة وتتعلق بالفعل بقضية المستقبل والحاضر والتقدم والتعليم والبحث العلمى أساس أى انتقال وطموح للمستقبل.
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع