مصر الكبيرة.. مصر العظيمة.. هي الداعم الأكبر والأقوى للأشقاء الفلسطينيين على مر التاريخ، وستظل الدولة المصرية وقيادتها السياسية الحكيمة، سنداً راسخاً وظهراً قوياً للقضية الفلسطينية دائماً وأبداً، حتى تُقام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
خلال العقود الماضية حرصت القاهرة دوماً على تأكيد مقاربتها الوطنية للقضية الفلسطينية، التي تعتبرها قضيتها الأساسية على المستوى الإقليمي، وهي مقاربة ترتكز على عدة مرتكزات رئيسية، منها أن البوابة الأساسية والوحيدة لحل القضية الفلسطينية تكمن في حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع الحفاظ على مواقف رئيسية ترفض الحلول الأحادية التي تعيق إقامة الدولة الفلسطينية، مثل الاستيطان والإجراءات التي تتخذها إسرائيل في القدس، مع دعم الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة للاجئين،،
مقاربة الدولة المصرية، فرضت على القاهرة بشكل دائم، التحرك المتزامن في عدة مسارات في آن واحد للتعامل مع الأوضاع التي تسببت بها الإجراءات الإسرائيلية الميدانية والسياسية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية،
مصر الكبيرة اشتبكت بشكل دائم مع كل القضايا الخاصة بالملف الفلسطيني، وعلى رأسها ملف المصالحة الفلسطينية، وللقاهرة إسهامات مضيئة في هذا الملف، على غرار الإشراف على الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، والإشراف على صفقة جلعاد شاليط، إلى جانب دورها في دعم إعادة إعمار غزة عقب الضربات الإسرائيلية للقطاع عام 2021.
الجهد المصري متعدد الاتجاهات ظهر جلياً خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة المستمر منذ 6 أشهر، ونتجت عنه جملة من التداعيات السلبية على المستوى الأمني والإنساني والسياسي، شملت قطاعا كبيرا من الشرق الأوسط.. وهو ما أوجب على مصر من واقع مسئوليتها التاريخية ودورها المحوري وواجباتها القومية والإنسانية، المبادرة بتفعيل تحركات آنية في عدة اتجاهات، لمحاولة حصار هذه التداعيات، وتقليل تأثيراتها قدر الإمكان.
تحركات مصر الكبيرة تركزت بشكل رئيسي على مسارات ثلاثة أساسية.. الأول هو مسار "تثبيت المواقف السياسية المصرية"، حيال التطورات المتلاحقة في قطاع غزة.. والثاني هو مسار "تفعيل التحركات المصرية العاجلة لمحاصرة التأثيرات المختلفة للعمليات الإسرائيلية في غزة".. أما الثالث، فيرتبط بطرح حلول واقعية وفعالة تساهم في تحسين الوضع الإنساني في القطاع ووقف إطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية بمكن من خلالها الوصول إلى الهدف الأسمى "حل الدولتين".
الدولة المصرية ثابتة ثبات الجبال، ورسوخها دائماً وأبداً في مناصرة الحق الفلسطيني، وتقف موقفاً جاداً وحازماً تجاه محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
القاهرة أكدت عقب عدوان السابع من أكتوبر الماضي، على جملة من الثوابت الخاصة بها تجاه مسألة التصعيد الإسرائيلي في غزة، على رأسها رفض أي عمليات عسكرية إسرائيلية في القطاع، ورفض عمليات التدمير والقتل الممنهج الإسرائيلية، ورفض مساعي تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر أو أي دولة أخرى.
جاء التأكيد بشكل متكرر على هذه الثوابت، على لسان عدد كبير من المسئولين المصريين، على رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أعلن بشكل واضح، أن تهجير الشعب الفلسطيني لسيناء يمثل خطاً أحمر بالنسبة لمصر.. وقد أكدت القاهرة منذ اللحظة الأولى على أن هذا التصعيد يضر بالأمن الإقليمي للمنطقة ككل، وليس فقط بالداخل الفلسطيني.. والآن نشهد فعلياً ما حذرت منه مصر في بداية الحرب،،
تحذيرات القيادة السياسية المصرية المستمرة من تصفية القضية الفلسطينية، عبر دفع سكان غزة إلى مغادرة أراضيهم، تأتي في صلب الدعم المصري للفلسطينيين وقضيتهم.. فرغم استضافة مصر بكل ترحاب خلال الأعوام الأخيرة لمئات الآلاف من المواطنين من سوريا والسودان وغيرها من الدول؛ إلا أن الأمر مختلف تماماً فيما يتعلق بسكان غزة، حيث توجد ضرورة حتمية لاستمرار صمود أهالي غزة على أرضهم، وعدم مغادرتهم بأي حال من الأحوال، لأن هذا سيمثل تحقيقاً لأهداف بعض الأطراف الإسرائيلية التي تريد إنهاء "حالة" قطاع غزة بشكل دائم.. ويعتبر الحفاظ على الوضع القائم في غزة، من الأولويات المصرية في المراحل السابقة واللاحقة، من زاوية منع تصفية القضية الفلسطينية، وإغلاق الباب أمام أي تهديد مباشر للأمن القومي المصري.
مصر طرحت خارطة طريق واضحة لوقف إطلاق النار، وتهدئة الأوضاع في غزة.. ويجب على جميع الأطراف تنفيذها، لوصول المنطقة والعالم إلى بر الأمان.. الخارطة تتضمن تصور شامل لحل جذور الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وتوصف بالحل الأعم والأشمل مقارنة بالتصورات الغربية المماثلة، والتي تنحاز بشكل أو بآخر لتل أبيب.
الخارطة المصرية تستهدف في المقام الأول، تحسين الوضع الإنساني في غزة، وإعادة إحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع، والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل في مفاوضات لإحياء عملية السلام، وصولاً لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تعيش جنباً إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولية، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، وبشكل كامل، في الأراضي الفلسطينية،،
ومن ثم يتم تفعيل المرحلة التالية من الخارطة المصرية، وهي العودة لمسار الحل السياسي، وفق الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية، والتي تتضمن حق الفلسطينيين المشروع في إقامة دولة مستقلة، للوصول إلى الهدف النهائي وهو إقرار تسوية عادلة للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، من خلال مبدأ حل الدولتين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ويبقى القول، إن جهود الدولة المصرية لم تتوقف للحظة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي؛ لوقف عمليات إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين، بالتزامن مع جهد سياسي نزيه ومستمر، للتوصل إلى هدنة أنسانية مؤقتة، تفضي لوقف دائم لإطلاق النار.
لا يمكن لمصر أن تترك الأشقاء في غزة أبداً.. ودعم فلسطين بمثابة عقيدة راسخة في الوجدان المصري، دائماً وأبداً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة