حظى مسلسل «الحشاشين» بإشادة واسعة من مثقفين كبار وبارزين، معبرين عن إعجابهم بعناصر العمل الفنى المختلفة، فى الكتابة والإخراج والديكور والتصوير والأداء التمثيلى، وخلق حالة من الإبهار خطفت قلوب وعقول جميع أطياف المجتمع، ليؤكد العمل الدرامى التاريخى أن مصر تمتلك الكثير من الخبرات والكوادر والعقول الشابة، لتقديم أعمال فنية تليق بقيمتها الكبيرة بشكل عام، وبالتاريخ الفنى لمصر على وجه الخصوص، فكانت آراء المثقفين الكبار حول تجربة «الحشاشين» فى الدراما المصرية إيجابية.
عبر الكاتب حلم النمنم، وزير الثقافة الأسبق، عن سعادته بوجود مسلسل «الحشاشين» فى الدراما المصرية، مؤكدا لـ«اليوم السابع» حرصه على مشاهدته يوميا وبانتظام، وشعوره بالفخر أيضا، ووصفه بالمسلسل الجرىء والشجاع، وفيه حث وطنى وإنسانى ودينى عال، موجها الشكر لصناع العمل، ومنهم المؤلف عبدالرحيم كمال، وشركة سينرجى والمتحدة للخدمات الإعلامية، والمخرج بيتر ميمى، وللنجم كريم عبدالعزيز الذى كان اختيارا موفقا لتجسيد دور حسن الصباح.
وأوضح حلمى النمنم: لا أعتبر مسلسل «الحشاشين» تاريخيا رغم أن مادته تاريخية، وذلك لأننا عشنا واقعا مماثلا لهذه الطوائف فالأفكار لا تموت، لأن حسن الصباح وجماعته لم ينتهوا، فوجدنا تنظيم القاعدة ثم خرج علينا داعش، ولم نستطع أن نغفل عن أفكار حسن البنا، فهؤلاء هم استنساخ لفكرة ومشروع حسن الصباح.
وأضاف: خطورة حسن الصباح تذهب لكونه يتبع مذهب الإسماعيلية، فهو فى الأصل شيعى واتجه نحو الباطنية لنشر أفكاره ومعتقداته وهذا أخطر ما فعله، لذلك فالمسلسل جرىء وشجاع.
أكد وزير الثقافة الأسبق، أن المتخصصين بحثوا كثيرا فى هذه الجماعة الطائفية الخطيرة، فمن بين الباحثين الذين تحدثوا أيضا عن هذه الطائفة الدكتور عبدالرحمن بدوى ومحمد بدران وعباس العقاد.
كما أشاد حلمى النمنم، بدور الفنان أحمد عيد، قائلا: «شاهدت له أعمالا فنية عديدة، لكن هذا العمل أعتقد يمثل علامة فارقة فى حياته فقد أجاده بشكل كبير، كما أن دور الفنان فتحى عبدالوهاب جبار».
ومن جانبه، قال الدكتور والمؤرخ محمد عفيفى: إن مسلسل «الحشاشين» يمثل عودة للدراما التاريخية المصرية بشكل كبير، وصعودا للإنتاج المصرى الضخم والمبهر، وهذا بالطبع أمر يحسب لصناع العمل.
وأوضح «عفيفى»: خلال العقود الماضية ابتعدنا عن تقديم الدراما التاريخية، وكانت تقدم داخل الاستديوهات الفنية، وهذا الشكل أصبح موضة قديمة، خاصة أن مسلسلات الدراما التاريخية التركية والإيرانية عالية الإنتاج غزت العالم.
ولفت محمد عفيفى، إلى أن اختيار تقديم تاريخ طائفة الحشاشين فى عمل درامى يرجع لكونها أكبر تنظيم متطرف فى التاريخ الإسلامى، ومشكلة الحشاشين أنها سرية وباطنية والمادة التاريخية قليلة عنها، ويرجع ذلك لأنهم تعمدوا حجب المعلومات التى تخصهم والترويج فقط للأساطير بشكل مبالغ فيه، ويرجع نقص المعلومات عنهم أيضا بسبب دخول المغول قلعة آلموت وحرق معظم كتابات الحشاشين.
وتابع المؤرخ: إن التقنيات الفنية لمسلسل الحشاشين، من حيث الإخراج والتصوير والإضاءة واستخدام الجرافيك، مبهرة، وتم استخدامها بأعلى جودة وبشكل كبير.
واستكمل محمد عفيفى: أما بالنسبة للممثلين، فتجسيد شخصية حسن الصباح شيئا صعبا، خاصة لأنه عرف بأنه شخصية غامضة، ولكن الفنان كريم عبدالعزيز أجاد استخدام تعبيرات الوجه لإيصال شخصية الصباح للجمهور، وفيما يتعلق بنظام الملك، تميز الفنان فتحى عبدالوهاب فيه بشكل محترف، وبالنسبة للوجوه الشابة الفنان «أحمد عبدالوهاب» الذى جسد دور يحيى، فكان أكثر من رائع، وأيضا دور حبيبته نورهان التى جسدتها «سارة الشامى» تمكنت من إيصال مشاعرها للجمهور بشكل مميز.
كما قال المؤرخ أيمن فؤاد: إن «الحشاشين» من أهم المسلسلات التى عرضت خلال شهر رمضان، فهو عمل تاريخى درامى يليق بمصر ومكانتها، وبالنسبة لأحداث المسلسل تأتى من وحى خيال المؤلف والمخرج، فكتب التاريخ لم ترصد واقعة قتل حسن الصباح لابنه، ولكن الأحداث مبنية على الحبكة الدرامية بشكل مميز.
أكد أيمن فؤاد، أن المسلسل فيه جهد فنى عال مبذول بمنتهى الدقة، بدءا من اختيار الممثلين إلى الملابس والديكور والإخراج والتصوير.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور الناقد حسين حمودة: إن الدراما التاريخية تقدم للمبدعين المشاركين فيها مادة غنية، على مستوى الكتابة والسيناريو والإخراج والتمثيل والتصوير إلى آخر العناصر الفنية المتنوعة، وتتصل هذه المادة بالانتقال إلى عصر آخر أو بالحركة بين عصور متعددة، وبالغنى البصرى إذا تحركت هذه الدراما فى أماكن غنية بصريا.
وأوضح حسين حمودة: أتصور أن العودة إلى هذه الدراما التاريخية، مع مسلسل «الحشاشين»، كانت موفقة على هذه المستويات جميعا، وأنها أيضا وطبعا كانت عودة ناجحة لأنها ارتبطت بتناول تجربة تاريخية لها أبعاد كثيرة جدا، وتطرح قضايا خطيرة ومهمة حاضرة فى حياتنا الحديثة والمعاصرة.
وأشار أستاذ النقد الأدبى إلى أن طائفة الحشاشين من أخطر الطوائف التى عرفها التاريخ، وأكثرها دموية، بشهادة واحد من أفضل من كتبوا عنها المؤرخ برنارد لويس، وأيضا كما تجسدت خلال التصور الأدبى الذى قدمه حولها أمين معلوف فى روايته الجميلة «سمرقند»، واختيار هذه الطائفة والوقائع التى ارتبطت بها، بغض النظر عن مراوغة بعض هذه الوقائع، وإمكان تناولها من زوايا متعددة، هذا الاختيار يفتح للمتلقين نوافذ كثيرة تتيح لهم الإطلال على تجارب وقضايا لا تخص زمن الحشاشين وفترتهم وتجربتهم فحسب، بل ترتبط بتجارب وقضايا حاضرة فى زمن المتلقين، أى زمننا، وهذا يعنى أن تناول الحشاشين دراميا يقدم للمتلقين مرايا متعددة الأبعاد، يرون فيها من خلال تجربة الحشاشين القديمة البعيدة، صورا لتجارب راهنة قريبة، وهذا كله يجعل المشاهدين يشاركون فى اكتشاف جوانب كثيرة مرتبطة بقضايا مطروحة فى أزمنة مختلفة.
وتابع حسين حمودة: الكتابة والإخراج والتمثيل وغيرها من العناصر الإبداعية كانت موظفة وموفقة فى هذا المسلسل، وقد ارتبطت حركة التصوير الخارجى مثلا باختيار أماكن مناسبة وموحية، نجحت فى التعبير عن عالم تلك التجربة كما تراءت فى التاريخ البعيد، واستند هذا طبعا بالإنتاج الكبير الذى قامت «المتحدة» به.
وأضاف حسين حمودة: بوجه عام تضافرت العناصر الإبداعية والفنية والإنتاجية كلها فى هذا المسلسل، ونجحت فى تجسيد عالمه، وعلى مستوى التمثيل، مثلا، هناك مستوى رفيع من الأداء، خصوصا من الفنان كريم عبدالعزيز الذى جسد الشخصية المحورية بالمسلسل، وأتصور أن الممثلين والممثلات بوجه عام قدموا أداء ممتازا.
كما قال الدكتور والناقد شريف الجيار: يعد مسلسل «الحشاشين»، أحد أهم الأعمال الدرامية التاريخية الإشكالية المغامرة، التى أعادت للدراما التاريخية المعاصرة قوتها مرة أخرى، بعد مرحلة من الخفوت ليست بالقليلة لهذا النوع من الدراما.
وأوضح شريف الجيار: يهدف المسلسل إلى رصد خطورة التطرف الدينى، وأثره على الراهن والمستقبل، لذا طرح الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال، والمخرج المتميز بيتر ميمى، هذه المغامرة الفنية، التى تناولت واحدة من أخطر الطوائف الدينية، الإسماعيلية النزارية، «الحشاشين»، ومؤسسها حسن الصباح، التى برزت فى القرنين الحادى عشر، والثانى عشر الميلادى، فى بلاد فارس، والتى عرفت بـ«أشهر فرقة اغتيالات فى التاريخ القديم»، وكان يعتمد عليها فى تنفيذ عمليات اغتيال لنشر أفكار الجماعة، والتخلص من المعارضين كلهم، واتخذ من قلعة آلموت فى إيران مكانا له ولأتباعه.
وأشار شريف الجيار، إلى أن المسلسل أحدث حالة من الشد والجذب، فى علاقة الدراما بالتاريخ، وقدرة الدراما على تمثيل المراحل التاريخية، ونقلها للمتلقى فى صيغتها الفنية المتخيلة، التى تبعد بالأحداث أحيانا عن الحقيقة التاريخية، والمسلسل صنع تأثيرا على الجمهور المصرى والعربى، دفع بالمشاهد إلى البحث فى تاريخ هذه الجماعة، وحقيقة حسن الصباح وجماعته.
وتابع شريف الجيار: بالنسبة للمسلسل فنيا، فقد توفرت له كل عوامل النجاح، من حيث الميزانية الضخمة، والإخراج المتميز، وجودة التصوير، والمؤثرات السمعية والبصرية، فنحن أمام صورة عالمية، فضلا عن الأداء التمثيلى الاحترافى الذى قام به فريق العمل، لا سيما كريم عبدالعزيز، وأحمد عيد الذى عاد إلى الشاشة الصغيرة بقوة، إلى جانب ميرنا نورالدين، وفتحى عبدالوهاب، وسامى الشيخ، وسوزان نجم الدين، وغيرهم، فالجميع تنافس فى الأداء التمثيلى، حتى يخرج العمل بهذا الإتقان الفنى الذى أبهر المتلقى.
ايمن-فؤاد
حسين-حمودة
حلمى-النمنم
شريف-الجيار
محمد-عفيفى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة