هل يمكن أن تؤثر الاعتراضات والتحذيرات الأمريكية لإسرائيل فى مسار الحرب؟ السؤال مطروح على مدى شهور الحرب، ولا يبدو أن هناك تأثيرا كبيرا لتحذيرات الرئيس الأمريكى، أو حتى غضب الديمقراطيين من تحرك إسرائيل إلى رفح جنوب غزة بعد أن قضوا هم والرئيس بايدن أشهر فى محاولة منع مثل هذه العملية.
هناك توقعات أن يكون الغزو نقطة تحول جذرية للديمقراطيين تجاه إسرائيل ورئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، الذى أصبحت العلاقات معه متوترة بشكل متزايد، لكن السوابق تشير إلى أن هذه التحركات والمواقف تأتى ربما لأسباب وظروف انتخابية، لا تقلل من استمرار الدعم الأمريكى، خاصة أنه خلال شهور الحرب تكررت عمليات رفض نيتنياهو الاستماع لاعتراضات الديمقراطيين والبيت الأبيض.
آخر تحذيرات الرئيس الأمريكى جو بايدن فجر أمس الخميس أنه «إذا اقتحمت إسرائيل مدينة رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة فلن نقوم بتزويدها بالأسلحة، وقال إن القنابل التى قدمتها أمريكا لإسرائيل وأوقفتها الآن استخدمت فى قتل المدنيين، وأن إسرائيل لن تحصل على دعمنا إذا دخلت المناطق السكنية بمدينة رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة».
وعبر بايدن والديمقراطيون عن خشيتهم من أن يتحول غزو رفح التى يعيش فيها أكثر من مليون لاجئ فلسطينى، إلى كارثة إنسانية وهو ما دفع بعض النواب الديمقراطيين لمطالبة الرئيس جو بايدن للنظر فى تقييد عمليات نقل الأسلحة وبالفعل تم إيقاف شحنة ذخيرة أمريكية لإسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر، ومع هذا فإن الديمقراطيين مقتنعون بأن على إسرائيل أن تقضى على من شنوا هجمات 7 أكتوبر مع اتخاذ احتياطات بألا يتحول الأمر إلى مجزرة ضد المدنيين، وهو ما تحقق بالفعل بعد وصول أعداد الشهداء لما يقرب من 36 ألفا، وعشرات الآلاف من الجرحى، وهو ما يجعل التحركات الأمريكية غير فاعلة لردع نتنياهو، خاصة وقد تلقت الولايات المتحدة تحذيرات متنوعة تشير إلى كارثة إنسانية فى رفح حال اتساع الغزو.
وبالفعل فقد حذرت الأطراف المختلفة من خطورة التصعيد الحالى وأكدت ضرورة العودة للمفاوضات وما تحقق من تقدم كبير بها وقد رعت مصر المفاوضات وبذلت جهودا كبيرة مع كل الأطراف، ولا تزال الفرصة قائمة، مع تحذيرات بأن انهيار هذه المحادثات يضيع فرصة وقف تدهور الحرب وخطر اتساع الصدام إقليميا، وقد أعلن البيت الأبيض، أن المحادثات الخاصة بالهدنة فى القاهرة تسير بشكل جيد، وأن إسرائيل وحماس وصلتا إلى مرحلة فى محادثات الهدنة قد تسمح لهما بسد الفجوة بينهما لكن بالرغم من هذا التقدم والجهد الذى بذله المفاوض المصرى، فقد ظل التعنت والمناورات سببا يهدد بنسف فرصة أخيرة للتوصل إلى وقف الحرب.
وبالرغم من مواقف الإدارة الأمريكية من المفاوضات فإن تناقضات الرئيس بايدن لم تتوقف طوال مراحل العدوان على غزة التى تجاوزت الشهور الستة، فى أطول مدة تستغرقها عملية عسكرية، والتى لم تخل من أهداف سياسية أو انتخابية للرئيس الأمريكى بايدن، أو رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، والذى نجح فى توظيف عملية الأقصى لنشر الرعب داخل المتطرفين بالمجتمع الإسرائيلى، وحاول تنفيذ مخطط التهجير والتصفية والذى فشل حتى الآن.
موقف الرئيس الأمريكى جو بايدن، متناقض، فهو يحذر لكنه يستخدم الفيتو فى مواجهة كل قرار لوقف إطلاق النار، أو إعلان الدولة الفلسطينية، وهو ما يشير إلى غياب الإرادة، وهو ما حذرت منه مصر وأرسلت رسائل حادة تحذر من انهيار المفاوضات.
فى المقابل لا تزال تفاصيل مكاسب القضية تتركز فى تصدر القضية واجهة الاهتمام العالمى، بما يمنح فرصة لطرق الحديد وهو ساخن والدفع نحو دعم الحقوق الفلسطينية، لكن هذا يتطلب الابتعاد عن مناورات ضيقة والسير نحو مصالحة فلسطينية يمكن أن تسهم فى استغلال الزخم الذى حصلت عليه القضية، لبناء خطوط يمكن تطويرها وصولا إلى إنهاء لحرب طالت ولا تزال تهدد باتساع الصراع.