تمر اليوم ذكرى تأسيس مدرسة الفنون الجميلة والتي تم افتتاحها على يد الأمير يوسف كمال في مثل هذا اليوم 12 مايو 1908 بشارع درب الجماميز بالدار رقم 100، حيث تم افتتاح أول مدرسة للفنون الجميلة في مصر لتكون بداية ونواة لاحتواء عشاق الفن التشكيلي الذي كان المصريون موهوبين فيه، وفي شهر يونيو 1910 انتقلت إدارتها للجامعة المصرية الأهلية واستمرت حتى أكتوبر من نفس العام لتلتحق بعدها بإدارة التعليم الفني بوزارة المعارف.
وتعود فكرة تأسيسها لنحو قرنين من الزمان، حينما غزت الحملة الفرنسية مصر بقيادة نابليون بونابرت وبسبب حاجة علماء الآثار المرافقون للحملة إلى فنيين قادرين على رسم الآثار المصرية ومحاكاتها بدقة وأمانه، حتى يتمكنوا من فك الرموز والوقوف على الأسرار، ولم تنجح فكرة إنشاء المدرسة آنذاك بسبب فشل الحملة الفرنسية وعودتها من حيث أتت.
ولكن محمد علي باشا لم يهتم بإنشاء المدرسة، على الرغم من اعتماده على الفرنسيين في إنشاء المدارس العليا، وإرساله البعثات إلى فرنسا للتخصص في ميادين العلم المختلفة في الطب والهندسة والرياضيات والعلوم الطبيعية والحربية وغيرها، ولم يكن من بينها بالطبع الفنون الجميلة، وهذا الأمر يعكس رأي القائمين على أمر هذه البعثات المعتمد أساسا على حرمة ممارسة فنون التصوير والنحت وعمل التماثيل، والاستعاضة عن ذلك بالزخارف النباتية والهندسية على الأثاث والنسيج والخزف والخشب، وكان الفن الإسلامي يعتمد على التجريد والرمز واستخدام الخط العربي وجمالياته، ولا يعتمد على التصوير المطابق لشكل الإنسان والحيوان.
وكان الهدف من إنشاء مدرسة (كلية) الفنون الجميلة، هو إعداد المهندس المعمارى والمهندس الديكور والفنان التشكيلى لخدمة البيئة فى عدة مجالات فالتشكيلى يسهم فى رفع مستوى التذوق الفنى ونشر الوعى الجمالى وتعريف العالم الخارجى بالمستوى الرفيع الذى وصل إليه الفن التشكيلى فى مصر.
اختير للمدرسة فيلا بحى شبرا بشارع خلاط رقم 11 عام 1927 ثم نقلت فى أغسطس 1931 إلى 91 شارع الجيزة وفى سبتمبر 1935نقلت إلى مكانها الحالى بشارع إسماعيل محمد رقم 8 بجزيــرة الزمالك بالقاهرة، وبعد قيام ثــورة 23 يوليو 1952 عدل اسمها إلى كلية الفنون الجمــيلة وقد ضمت إلى وزارة التعليم العـالى ســنة 1961 بعد أن كانت تتبــع وزارة التربية والتعليم ثم ضمت إلى جامعة حلوان فى أكتوبر 1975.
ومع انفتاح مصر على أوروبا انتقلت إليها كثير من تأثيرات الثقافة الغربية في الأدب والفن ونمط الحياة، وبدأ بعض الأمراء والأغنياء المصريون يهتمون باقتناء اللوحات الزيتية التي يرسمها فنانون غربيون، وكان فريق منهم قد عرف الطريق إلى مصر، وبخاصة الفرنسيون الذين عرفوا بالمستشرقين من أمثال: إميل برنار (1869-1941م)، وجويومان (1841-1927م) وكرابيليه (1822- 1867م)، وماريلا (1811-1747م)، وبيرشير (1819-1891م)، وقد اقتنى لوحات هؤلاء وغيرهم محمد محمود خليل، وهو ثري مصري فرنسي الثقافة، أغرم هو وزوجه باقتناء الأعمال الفنية.