للمصريين أسرار تجعلهم متعلقين بالروح على مدى التاريخ، وعندما نقول التدين المصرى، لا نبالغ فى وصف علاقة أزلية تربط المصريين بالإيمان، ويحتل آل البيت مكانة خاصة فى قلوب المصريين على مدى التاريخ، وربما على مدى عقود تمتد إلى ما قبل نزول الديانات السماوية، وفى مصر فقط يحتفل المصريون بكل مذاهبهم ومعتقداتهم بمولد السيدة زينب والحسين والسيد البدوى والعذراء ودميانة، وكل صاحب كرامة، ويؤمن المصريون شمالا وجنوبا بأن مصر محروسة بكل هؤلاء الأولياء، ولهذا عندما ظهر بعض المتطرفين واخترعوا تحريمات وتحليلات لفظهم المصريون إلى خارجها، لأنهم كانوا نبتا شيطانيا.
نقول هذا بمناسبة افتتاح مسجد السيدة زينب، بعد تطويره، وقبله مسجد السيدة نفيسة، وسيدنا الحسين، وهى مساجد لها فى القلوب مكانة خاصة مثل كل أولياء الله الصالحين الذين تمتلئ بهم محافظات مصر، فيما يبدو أن مصر تتفرد بهذا العدد من أولياء الله الذين جاء بعضهم من أماكن بعيدة، أو عرف الناس كراماتهم، وبعضهم بالطبع مجهول أو معلوم، باعتبار أنه مرت عليهم قرون طويلة.
وتحتل السيدة زينب والسيدة نفيسة مكانة خاصة مع الحسين لدى المصريين وعامة المسلمين بمذاهبهم وطوائفهم، خاصة فى مصر التى ليست مذهبية ولا غيره، لكنها تجمع بين حب الرسول عليه الصلاة والسلام، وآل بيته وكل خلفائه، بل وللمفارقة فإن مصر كان لها النصيب الأكبر فى رحلة العائلة المقدسة للسيد المسيح عليه السلام والسيدة مريم، اللذين جاءا إلى مصر يبحثان عن الأمان، وسافرا من شرق مصر إلى جنوبها، وهى رحلة مسجلة أيضا تضاعف من شعور المصريين بالقيمة، وفى نفس الوقت فإن طور سيناء وسانت كاترين وجبل موسى، كلها تحمل معانى متنوعة.
الشاهد أن المصريين لهم علاقاتهم الخاصة مع عالم روحانى يمتد على مدى القرون، وبالتالى فإن المصريين ممن يعتقدون فى أن مصر «مؤمنة ومحروسة» بآل الله، يشعرون بسعادة من تجديد وصيانة مساجد السيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة عائشة والحسين، بمشاركة نشطة من البهرة، وهم طائفة تحب آل البيت وتدعم تجديد ورعاية مساجدهم، بعيدا عن المذهبية، وهو أمر يرضى المصريين، ولهذا فقد توجه مفضل سيف الدين سلطان البهرة، بالشكر لمصر والرئيس عبدالفتاح السيسى، على تطوير مساجد آل البيت، وقال من مسجد السيدة زينب: أشكر جمهورية مصر العربية والرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة والشعب أن أجازت لى تجديد وتطوير مقام السيدة زينب، نحن فى مقام السيدة زينب بنت الإمام على بن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء ابنة رسول الله.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء افتتاح مسجد السيدة زينب بعد تطويره، قال إن لدينا خطة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة والصالحين، الذين جاءوا إلى مصر، وقال إنه إذا كانت هناك مساكن أو مبان حول هذه المساجد أو آثار القاهرة التاريخية، يمكن تعويضهم ونقلهم حتى تتاح الفرصة لصيانة هذه الأماكن بشكل أفضل، وذلك بالاتفاق مع محافظة القاهرة.
بالطبع فإن تطوير الأضرحة والمساجد مهم، بجانب أنه جزء من تطوير القاهرة التاريخية، التى تضم آلاف الرموز والأضرحة والأسبلة والوكالات، وتمثل أحد كنوز مصر عبر التاريخ، والتطوير يشمل شبكات الطرق والمحاور، التى تربط آثار مصر القديمة بالإسلامية ومتحف الحضارات بالمتحف الكبير، والقطارات تربط القاهرة بالأقصر والشواطئ، فى سياق يمثل خطوات هائلة لخدمة السياحة، التى تتنوع بين سياحة ثقافية لما يقرب من نصف آثار العالم، والسياحة الدينية ممثلة فى الأضرحة وآل البيت، ورحلة العائلة المقدسة التى تمثل أحد كنوز السياحة، وبالتالى فإنها خطوات مهمة وعملية بجانب كونها روحانية ترضى معتقدات المصريين وتمثل أحد اهتماماتهم.
مقال أكرم القصاص من عدد اليوم السابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة