الفنُّ ليس أكثر من طاقةٍ تتدفّق فى شرايين التفاصيل العادية؛ فتمنحها وَهجًا ساحرًا. وحلاوته الخالصةُ عندما يأخذُ اليوميات الرتيبة من أيدى الناس، ويمنحهم الدهشةَ والجمال بدلاً منها. فليس مطلوبًا أن يشتغل على مُعادلاتٍ كيميائية مُركَّبة من أجل تخليق عناصر مُفارقةٍ ومليئة بالحيويّة والإمتاع؛ بل يكفيه أن ينفضَ الغبارَ عن القصص البسيطة، ويستجلى ما فيها من مشاعر وعلاقاتٍ وأحلام. ربما ينجحُ حِينًا ويُخفق أحيانًا؛ لكنه يظلُّ شاهدًا فى كل الأحوال على أنَّ الوظيفة الأولى للإبداع أن يُرمِّم شُقوقَ النفس البشرية، وأن يستجيب لأسئلتها الذاتية مهما بدت هامشيّةً وغير مُنمّقة. الفنُّ فى أعلى تجلّياته أن يكون كِسرةَ الخُبز التى تسدُّ جوعَ البسطاء، والتعويض الروحى الذى يُجلِى صُورَهم فى المرايا، ويضع أطراف أصابعهم على المفاتيح السحرية التى لا يعرفونها فى داخلهم، وأن يُثبِّت أقدامَهم فى عُمق الأرض، ويُحفّزهم فى الوقت نفسه على أن يرفعوا عيونهم لتخترق السماء.
القصّةُ فى وجهها الأوَّل الصريح تبدو شديدةَ البساطة. بوكيه من البنات، أو بالأحرى 7 ورداتٍ من طين الصعيد. قرَّرن فى لحظةٍ لا نعرف أسبابَها ولا بواعثها أن ينشرن عبيرهُنّ فى بيئةٍ ريفية مُحافظة؛ طالما احترفت كبتَ الصبايا وحرمانهنّ من الفَوَحان. أمَّا المُغاير فى الحكاية فأنَّهُنّ اخترن الفنَّ سبيلاً للتمرُّد على الواقع، أو لترويض ميراثه الثقيل. وبمواهب تُشبه سياقَها ولا تشذُّ عنه؛ أسَّسن فريقًا لمسرح الشارع، وأطلقن عروضهنَّ بين الناس على المُشترَك الاجتماعى، بلُغةٍ خالية من الهندسة والمُحسِّنات، وإمكاناتٍ شِبه مُنعدمة. وقد قدَّمن إجاباتٍ عمليّةً عن كلِّ أسئلة الإبداع الكُبرى، وما يخصُّ الالتزامَ والمسؤولية وفلسفةَ الجمال، من دون تنظيراتٍ مُعمَّقةٍ أو إيغالٍ مُفرطٍ فى الجدل والتحذلُق. باختصارٍ؛ نجحت فتيات «بانوراما برشا» فى وَضع المسرح فى صُلب أدواره التى انتُخِبَ لها منذ اخترعه الإغريق، وفى كلِّ تجاربه من عروض المعابد والشوارع وأطياف التغريب ومسرح المقهورين، لتُصبحَ الخبرةُ اليوميّةُ للُعبة التشخيص مُختبَرًا مفتوحًا للعلاج النفسى والمُداواة المجتمعية، والأهمّ أنه صار أداةَ اتّصالٍ عضويّةً ومنبرًا لإعلام القرية؛ ويبيعُ لأهلها جمالاً صافيًا ممَّا يعرفونه ويُحسنون تذوُّقَه والانفعال به.
فاز فيلم «رفعت عينى للسما» الذى يُوثِّق تجربةَ البنات البديعات بجائزة العين الذهبية، ضمن قسم أسبوع المُخرجين فى مهرجان كان السينمائى. والتقدير فى ظاهره لفريق العمل المرئىِّ قطعًا؛ إنما فى الجوهر ينسحبُ قبلَهم على صاحبات التجربة الأساسية، أو بالأحرى ينتمى لهُنّ بأكثر ممَّا يخصُّ الآخرين. يُمثِّل الفوزُ الرفيع سابقةً للسينما المصرية فى أحد أرفع المهرجانات الدولية، لا سيِّما أنها المرَّة الأُولى، وكان الفيلم وحيدًا بين ستّة تجارب روائية مُنافسة من أوروبا وآسيا والأمريكتين، بكل ما للدراما المحكية بصراعاتها من جَذبٍ وبريق، وقد صار فى الحصيلة النهائية أهمَّ تجارب التوثيق فى الدورة وأكثرها ذيوعًا، وشهدت نحو اثنين وعشرين مشروعًا منها أعمالٌ لمُخرجين بارزين مثل أوليفر ستون وكلير سيمون. ورافقته مواكبةٌ إعلاميّة مهمَّة منذ انطلاق عرضه الأول، وما تزال التغطيات والعروضُ تتلاحق فى أبرز الدوريات الفنية وأشهرها عالميًّا.
لم أُشاهِد إلَّا مقاطعَ ونثاراتٍ من الشريط البالغ 102 دقيقة. ولعلِّى أعودُ للكتابة عنه لاحقًا من جوانبه الفنية بالتفصيل؛ إنما ما يشغلنى فى تلك المساحة بالدرجة الأُولى، التجربة الأصيلة وراء العمل، وليس انعكاسها الفنى على الشاشة الفضية فى «كان» وخارجه. ولا يخصمُ ذلك من قِيمة السَّبق الذى أحرزه المُخرجان ندى رياض وأيمن الأمير مع فريقهما، ولا الجهد الذى بُذِلَ على مدى أربع سنواتٍ كاملة، وأفرز بالتأكيد دَفقًا ضخمًا من المواد المُصوَّرة، تطلَّب اشتغالاً مُضنيًا على الانتقاء والتحرير وضبط الإيقاع وفلسفة السرد، والخروج بمُعادلٍ بصرىٍّ وحكائى ناضجٍ وجمالىٍّ للقصة فى أبعادها الإنسانية والاجتماعية، ومن دون الانحراف عن مَركز ثِقلِها الأساسى؛ ألَّا وهى المشاعر وطاقةُ الصدق التى تُحرِّك الفتيات فى تجربتهنّ أوّلاً، وتنعكس على مُحيطهنّ الذى صار حاضنًا للتجربة؛ وربما كان يُعاديها أو يتوجَّس منها على الأقل فى بادئ الأمر.
الفيلمُ ينتسبُ إلى الدنمارك بالإنتاج؛ لكنه عُرِضَ فى «كان» واقتنص الجائزة بصفته المصرية المُستمدَّة من جنسية مُخرجيه الاثنين. وإلى جوارهما؛ تُستَحَقُّ الإشادةُ لكامل الفريق: أحمد الصاوى فى الموسيقى التصويرية، وأحمد مجدى وفيرونيك لاجوارد فى المونتاج، ودينا الزنينى وأحمد إسماعيل فى إدارة التصوير، ومساعدتى الإخراج هاميس البلشى وضحى حمدى، والرؤية الموسيقية لمولوتوف فى أغنية الفيلم «سيبوا الهوى لأصحابه» التى أدَّاها فريقُ الفتيات جماعيًّا، بصحبة المُغنِّية الرئيسية مونيكا يوسف. وأثمنُ ما فى الحكاية أنَّ صُنَّاعها السينمائيين لم يتعاملوا معها كتجربةٍ فنيّة فحسب؛ بل أداروها بنكهةٍ إنسانية تَنُمّ عن توحُّدهم مع البرشا وبناتها، وانتمائهم للموضوع بأكثر من مُجرِّد التعبير عنه؛ فقدَّموا مُعايشةً تفصيلية واحتفائية بالمُشاركة فى كان، وصاحبوا البنات من بروفة عرضهن المُرتقَب فى المهرجان، ثمَّ حَزم حقائبهن للسفر، والوصول، والعرض فى الكروازيت، واللقاءات وجلسات التصوير، وإلى العودة والاستقبال الحافل من أهل القرية الواقعة فى مركز ملوى بالمنيا.
لأيمن وندى تجربتان مُهمَّتان من قبل: وثائقى «نهايات سعيدة» فى دورة مهرجان أمستردام الدولى للأفلام التسجيلية 2016، والفيلم القصير «فخّ» المعروض فى كان 2019، وقد حصل على تنويهٍ من مهرجان القاهرة فى العام نفسه. وهما فى «رفعت عينى للسما» يلعبان دورًا مركزيًّا فى تحقيق التجربة؛ ففضلاً عن رعاية المشروع والتكفُّل بتدبير إنتاجه المطلوب عبر قنوات التمويل الدولية، تقاسما الإخراج، وأسهمت ندى فى صياغة التصوُّر السردى، وشارك أيمن فى التصوير والمونتاج. وبعيدًا من مسألة الإتقان الفنى التى رجَّحت كفَّةَ الشريط على منافسيه؛ فلعلَّ مدارَ الحكاية وشُخوصها كانا البطل وراء اقتناص العين الذهبية. السينما ليست مُجرَّد تكنيكٍ ومُعالجات بصرية، ولا تنفصلُ عن موضوعها وحُمولاتها الدلالية، وإذا كانت الدراما الروائية تضعُ يدًا عُليا للمُبدع على العمل، وتخصُّه بالتكريم عن جهدٍ خاص بالكامل؛ فالمسألةُ فى لُعبة التوثيق تتوزَّع بين صُنَّاع الحدث الفنى وناقليه بالتساوى، لا سيما لو كانت كما فى حال بنات البرشا، دراما حياتية مُخلَّقَة من رحم الشارع والبشر العاديين، ويومياتٍ عاديّةً تكتسبُ بريقَها وفتنتَها، وتُنشئ أثرها البلاغى والنفسى وتُرقِّيه، بمقدار صدق المُنخرطات فيها، وليس بحصافة تنصيب الكاميرا التى تتلصَّص عليهن فقط.
للفريقِ طبيعةٌ أكثر اتِّساعًا ممَّا يبدو عليه فى الفيلم. إنه فعّالية ناشئة عن جمعية أهلية اسمها «مصر التنمية» وترفع شعارًا بليغًا وشديد التعبير «جنوبية حرّة». وفى برنامجه الحاشد عروضٌ تُشبه «العُلبة الإيطالية» بجانب الغناء والاستعراض والحكى وورش التدريب وتنمية المهارات، وليس مسرح شارع فقط، وأعضاؤه أو المنخرطون فيه كُثرٌ من أجيال عدّة، وبينهم أطفال وذكور يستفيدون بالأنشطة أو يُشاركون فيها، بحسب ما تشى المواد المصوّرة على صفحته فى موقع فيس بوك؛ إنما اختارت تجربة «رفعت عينى للسما» أن تُركِّز على الجانب النسائىِّ فى الحكاية، خصوصًا أن مُؤسِّسة التجربة اسمها يوستينا سمير؛ فانتخبوا معها ستَّ فتيات: ماجدة مسعود وهايدى سامح ومونيكا يوسف ومارينا سمير ومريم نصار وليديا هارون؛ لتدور الحكايةُ فى مجال الصبايا اليافعات، اللواتى قرَّرن توظيفَ ما يَرين فى أنفسهنّ من موهبةٍ؛ لأجل تغذية طُموحاتهنّ الشخصية أوّلاً، وإعانة مُحيطهنَّ على تجاوز مُعوِّقاته الثقافية والاجتماعية، عبر تشريح القضايا المُتّصلة بالحياة اليومية وميراث التقاليد، مثل العنف الأسرى والزواج المُبكّر وتعليم الفتيات وغيرها. وعامل القُوّة هنا ليس فى تَصدِّى فتياتٍ صعيديَّات للُعبة الفنِّ بكلِّ تعارُضاتها مع ثوابت البيئة؛ لناحية احتقار فكرة التشخيص، أو النفور من خروج البنات للمجال العام؛ ناهيك عن أن يَكُنَّ فُرجةً خارج نطاق السَّتر الريفىِّ الشائع. وربما لعبت فكرةُ الاختلاف العقائدىَّ دورًا فى تمرير التجربة؛ لكنَّ الأكيد أنها لم تكن سهلةً فى سياقٍ شديد الانغلاق والمُحافظة، وتعلو تقاليدُه النابعة من الجغرافيا على ما عداها من أفكارٍ ومُسوّغات.
يعرفُ العالمُ تلك النوعية من الأفلام باسمٍ واحد، ومحليًّا يتبدَّل البعضُ فى تسميتها بين التوثيق والتسجيل، والأغلبيةُ يتعاطون معهما على صفة التطابق الدلالى. وكلُّ سينما تتحقُّق فيها «التسجيلية» بالضرورة على معناها اللغوى المباشر؛ إنما التفرقةُ قد تكون مهمّةً للغاية فى النظر لتجربة البرشا. فالوثائقيّةُ أقرب للرَّصد المُحايد دون تدخُّلٍ أو افتعال، وتتمثّلُ الحقيقةَ من أقرب مسالكها، على أن تكون تأثيراتُها العاطفيّةُ فى داخلها، أمَّا الصيغة الأُخرى فلديها هامشٌ من الاشتغال على الحكاية بالتفكيك والتركيب، والتحكُّم فى عناصرها الفنيّة والجمالية؛ بحيث تبدو الروابطُ شديدةَ المنطقيّة والإحكام، ربما بما يتجاوزُ حقيقتَها فى الحياة العادية. هكذا يقعُ الانتقاءُ من الجمعيّة والفِرقة، وتُختَار مواقعُ التصوير وحالاته، بل ربما تُدار أحاديثُ الشخوص وانفعالاتها؛ بغرض اختزال الحمولات العريضة للحكاية فى مداها الزمنى والمكانى والإنسانى، وتكثيفها كما لو كان العملُ تقطيرًا لعِطر الورد؛ وليس مجرد استشرافٍ عابر للبستان.
هذا ممَّا يرفعُ قيمةَ المُعالجة السينمائية، ولا يحطُّ من قدر الصبايا اللواتى يتوفَّرن على ثراءٍ سمح للتجربة بأن تملأ الشريط، مثلما ملأت يوميّات الحياة، وأن تكون بديعةً ومُبدعةً على الشاشة كما فى القرية وبين عامّة الناس. وربما يبدو هذا واضحًا فى مرئيَّات عرضهنّ على شاطئ كان، إذ يتحرّكن بين الجمهور كتفصيلٍ من نسيج المشهد، فلا تستشعرُ أنهنَّ نتوءٌ فى التركيبة البصرية حتى وهُنَّ يقرعن الطبول ويُغنِّين بالعربية بين بشرٍ من كلِّ الألوان. إنه الشريطُ الذى يتنقَّل بين الشارع والشاشة؛ فلا يكونُ صاخبًا فى جماليّاته ولا باهتًا فى تعبيره، إذ يُمكن تلقّيه على كلِّ الحالات؛ وإن ظلَّت قيمتُه الكاملةُ وأثرُه اللامع فى بيئته الأُولى؛ لاعتبارات الاتِّساق والمُجاراة، ورساليّة الدور والفاعليّة.
قال المخرجُ فى مُداخلاتٍ عِدّة إنَّ البطولة للفتيات، وأهميّة الفيلم فيما يُعبِّر عنه من ثروةٍ بشرية، وما يُقدِّمه من فائضٍ صادقٍ فى الطاقات والمشاعر. وأحسبُ أنه لا يدَّعى أو يتمثَّل التواضع وإنكارَ الذات على خلاف الواقع؛ بل هى الحقيقةُ التى ستمتلئ بها رُوحُك بمُجرَّد أن تُشاهدَ الصُّورَ والمقاطع الدعائية وتسمع أغنية العمل. البناتُ عاديّاتٌ لدرجةٍ لا تلفت النظر؛ لكنها العاديّةُ التى فُرِضَت بالقولبة، وأنماط التربية والمعيشة المُخلصة للهامش، والخدَّاعة بفكرة النَّسْخ المُتطابِق، بينما تُخبِّئ بصمةً فريدة لكلِّ نسخةٍ على حِدة، والفارق دومًا بين من يعرفُ نقطةَ تميُّزه ويستثمرها، ومن يقضى عُمرَه جاهلاً بذاته وبالآخرين.. ستألفُ صبايا البرشا بمجرَّد أن تقع عينُك عليهنّ، وسيصلُك حجم ما بينهنّ من أُلفةٍ وحميميّة، وما يستشعرن من صِدقيَّة لمواهبهنّ، وقدرةٍ كامنة على تفعيلها لخدمة المُحيطين لا تسليتهم فقط. وعلى قدرِ البساطة البادية فى ملامحهنّ، وفى اللغة وعفوية القول والفعل؛ ستكتشفُ أعماقًا أبعدَ كثيرًا من الظاهر، وربما صاحباتها لم يضعن أيديهن عليها بدقّة؛ فجاءت سيّالةً كالماء وشفيفةً كابتسامةٍ عابرة. إنه كلُّ ما يُمكنُ أن يُقال همسًا عن الانتماء والصدق والدور الاجتماعى، وعن مُغالبة الظروف والتحدِّيات، وعن الرضاء بالقليل مع السعى لتجاوزه، والاجتهاد الدؤوب لإعادة صياغة الواقع؛ فإذا فرضت الحياةُ تصاريفَها الثقيلةَ عليهنَّ مع الآخرين؛ فإنها لم تسلبهُنّ طموحَ الترقِّى وطاقة التحدى والمعاندة، وفُرص الحضور والنجاح وإثبات الذات رغم كل العثرات.
يحملُ الفيلم اسمَ «رفعت عينى للسما»؛ لكنَّ صُنَّاعه لم يُترجموه للإنجليزية على المُلصق الدعائى، واختاروا مُعادلاً ثانيًا شديد البلاغة، «حافة الأحلام»، وبين العبارتين تقفُ التجربةُ الثريّة على أطراف أصابعها عند الحافّة، وتخترقُ السماوات ببصرها وأحلامها العريضة.. تنبّأ والدُ إحدى الفتيات بنجاح العمل؛ وتحقّقت النبوءةُ بأعلى صُوَرِها فى «كان»، وقد غادر الحياةَ ولم يحتفل معها؛ لكننى أحسبُ أنَّ الملايين فى مصر وخارجها يحتفلون، ويستشعرون قدرًا عظيمًا من الفخر بفتيات الصعيد المُثابرات، وبمواهبهنَّ التى طلعت من الطين على غير هوى البيئة وقوانينها، وفرضت نفسَها فى مُحيطها، وتدرَّبت بين الناس وعلى آمالهم وآلامهم؛ ثمَّ خرجت إلى العالم لتُعبِّر عن نفسها بأبلغ المعانى وأصدقها، وتقتنص جائزةً عالميّة تُثبت أوَّل ما تُثبت أنه لا مستحيل عمومًا، ولا مع المصريين بالتحديد، وبين بناتهن على تخصيصٍ أضيق داخل التحديد نفسه. لقد وقفت ورداتُنا السبعُ فى بستان «كان» كما يليقُ بثقافة عظيمة، وهويّةٍ تختزن مُعجزاتِها التى شكَّلتها العصورُ جميعًا فى آنيةٍ عاديّة، زخارفُها فى رُوحِها لا مادّتها فحسب، وجمالُها فى صدقها لا بُهرجها. لقد رفعت الصبايا عيونهنَّ إلى السماء واقتنصن المجدَ من حافة الأحلام؛ فرفعنا رؤوسَنا معهنَّ، ورآنا العالمُ بعينٍ ذهبية تليق بهنَّ وبمصر. فطوبى للبرشا وبناتها، وطوبى لكلِّ جميلٍ تتفجَّر به الأرض التى لَطالما احترفت صُنع الجمال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة