دندراوى الهوارى

أوزوريس بطل الأسطورة الخيالية.. كيف يكون النبى إدريس لمجرد أن القافية حكمت؟ 10

الثلاثاء، 28 مايو 2024 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى البداية نؤكد على حقيقة اتفق عليها معظم الباحثين فى التاريخ والمتخصصين فى الآثار المصرية القديمة، أن أسطورة إيزيس وأوزوريس، اكتسبت شهرة طاغية، وتغلغلت فى الدين منذ العصور الأولى، بل وأثرت على بعض نواحيه، مع أن هذه الأسطورة فى أصلها بسيطة لا تتعدى قصة ملك طيب قتله أخوه الشرير فأحضرت زوجته جثته ونجحت فى أن ترد إليه الحياة، ولكن غير كاملة، ثم عكفت على تربية ابنه فى سر وكتمان مطلق، حتى إذا ما ترعرع وصلب عوده، انتقم وانتصر على قاتل أبيه، واستعاد عرشه.


أسطورة إيزيس وأوزوريس هى الأقوى والأشهر وصارت من أبرز التراث المصرى، وفهم الشعب مغزاها، فهى تجسد صراع الخير والشر، وأن الخير لا بد أن ينتصر مهما طال الزمن، بجانب أن قوتها وتأثيرها يضاهى أسطورة حرب طروادة عند الإغريق.


من قوة حبكة الأسطورة، وانتشارها وتجذرها فى أعماق حياة المصريين، وتأثيرها الكبير على الديانة المصرية فى مختلف عصورها، نُسجت حولها قصص وحكايات وتكهنات، منها أن أوزوريس ما هو إلا نبى الله «إدريس» وفى رواية أخرى ملك بشرى يحمل هذا الاسم، ثم إله، ولم يكن تأثير الأسطورة على البشر وحياتهم، فقط، وإنما امتدت لتصل إلى الطبيعة، فصار أوزوريس مسؤولا عن الفيضان والجفاف والقدرة على نشر «دبيب الأرض» مع كل فيضان.


الأهم، أن أقدم المتون الدينية المصرية، تطرقت لقصة أوزوريس، فمثلا نجد أوزوريس ابنا للإله «كب» والإلهة «نوت» وأن أخاه «ست» الشرير الذى يتعقبه بمشاركة أخ آخر لهما هو «تحوت» وبالفعل تمكن «ست» من قتل شقيقه «أوزوريس» ثم ألقى بجثته فى نهر النيل، فسبحت فى الماء وصار لونها أخضر فى أسود، وربما من هذا الحدث اتخذت البحار أسماء الألوان.


وتستمر القصة فى شرح كيف قاومت إيزيس أحزانها واستطاعت أن تعثر على جثة زوجها وتعيد له الحياة، وإن كانت غير مكتملة ثم تنجب ابنها حورس، والذى خاض معارك ضروس ضد عمه «ست» الشرير وفقد عينه فى هذه الحروب، وفى النهاية نجح فى استرداد عرش والده، وشكل الآلهة محكمة لمحاكمة ست والقصاص منه على فعلته الإجرامية.


بعد هذا السرد المبسط، تعالوا نتفق على أن كل علماء وخبراء ودارسى علم المصريات «Egyptology»، وهو أحد فروع علم الآثار، ويختص بدراسة تاريخ مصر القديمة، ولغتها وآدابها ودياناتها وفنونها، يؤكدون أن هناك شوائب لا حصر لها ألصقت بالحضارة المصرية القديمة، من خرافات وخزعبلات، ما أنزل الله بها من سلطان.


وللأسف أن أبطال إلصاق هذه الخزعبلات والخرافات، من المحسوبين على المثقفين، والكتاب الكبار، ومن بينهم الراحل الكبير أنيس منصور، الذى حاول جاهدا إثبات أن هناك تمثالا لـ«أبوالهول»، وهرما فى المريخ، متناسيا أن ترديد مثل هذه الأقاويل كارثة حقيقية على سمعة الحضارة المصرية، فلا العلم ولا المنطق والعقل يقبل أن تكون هناك نسخة مكررة من الأهرامات وأبوالهول فى كوكب المريخ، لأن الأمر ببساطة، استحالة صعود الفراعنة للقمر والمريخ!
إذن التجويد، وإضفاء «العملقة» والإتيان بالخوارق، على المصريين القدماء، خطيئة، أضرارها كبيرة، لأن عظمة الحضارة المصرية تكمن فى أن تأسيسها جاء بسواعد أبنائها من «البنى آدمين الطبيعيين»، وأن تميزهم يتمثل فى العلم والقدرة على التفكير والابتكار، فأسسوا هذه الحضارة التى بددت ظلام الجهل، والتخلف ليس فى مصر فقط، ولكن فى العالم القديم بأثره، ومن ثم فإن جنوح البعض من الباحثين فى علم الأديان، ومحاولة التأكيد على أن أوزوريس ما هو إلا نبى الله إدريس، انحراف غير مقبول، وكما حذرنا فى سلسلة مقالاتنا السابقة والمستمرة من خطورة إقحام الدين فى التاريخ، فإننا نحذر من فكرة ربط بين شخصية أسطورية، ونبى مرسل مذكور فى الكتب المقدسة.


تأسيسا على ذلك فإن الربط بين أوزوريس ونبى الله إدريس، بعيدا عن القافية، هو التشابه بين كون أن دور النبى «إدريس» الذى يتخذ من الأسماء المختلفة فى الحضارات القديمة، مهما ومحوريا كشخصية «خير ونماء وحكيمة»، وأوزوريس بطل الأسطورة القائمة على صراع الخير والشر، والخير ينتصر فى النهاية.
لكن يبقى السؤال الأهم، كيف لبطل أسطورة خيالية أن يكون نبيا أو رسولا؟
وللحديث بقية إن شاء الله.. إن كان فى العمر بقية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة