تمر، اليوم، ذكرى تولية النبى محمد صلى الله عليه وسلم الصحابى أسامة بن زيد إمارة الجيش الذى أرسله لتأمين حدود شبه الجزيرة العربية من هجمات الروم، وذلك فى مثل هذا اليوم 28 مايو عام 632 م.
يروى التاريخ أنَّ هذا الصحابى الجليل كان ذَكِيًا جدًا، وشُجاعاً خارِق الشجاعة، حكيمًا يضَع الأمور في مواضعها، عفيفاً يأنفٌ من الدنايا، آلِفاً مألوفاً يحبّهُ الناس، تقِيًا وَرعًا يحبه الله، وحسب ما جاء في كتاب فن صناعة القرار عند القائد الصغير للدكتور عبد العظيم محمد، فقد ولى النبي صلى الله عليه وسلم أسامة قيادة جيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام وكان عمره يقترب من العشرين تقريبًا، قال الواقدي في المغازي: لم يزل رسول الله صله الله عليه وسلم يذكر مقتل زيد بن حارثة وجعفر وأصحابه ووجد عليهم وجدًا شديدًا، فلما كان يوم الاثنين لأربع ليالٍ بقين من صفر سنة إحدى عشرة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم، وأمرهم بالانكماش في غزوهم فتفرق المسلمون من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم مجدٌون في الجهاد فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر دعا أسامة بن زيد فقال: "يا أسامة سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطتهم الخيل، فقد وليتك على هذا الجيش".
فلما كان يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر بدى برسول الله صلى الله عليه وسلم فصدع وحمّ، فلما أصبح يوم الخميس لليلة بقيت من صفر عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده لواء ثم قال: "يا أسامة اغز باسم الله في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ولا تمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم".
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة: "امض على اسم الله"، فخرج بلوائه معقوداً فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي، فخرج به إلى بيت أسامة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة فعسكر بالجرف وضرب عسكره في سقاية سليمان.
وقال رجال عدة من المهاجرين والأنصار قتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريش، وكان أشدهم في ذلك قولاً عياش بن أبي ربيعة: "يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين؟"، فكثرت القالة في ذلك فسمع عمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم بعض ذلك القول فرده على من تكلم به وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقول من قال؛ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبًا شديداً فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة؛ ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد يا أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة بن زيد؟ والله لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي".
ولقد أثبت أسامة رضى الله عنه في قيادة جيشه إلى الشام أنه ذو جَلَّدِ على تحمل المشاق، وذو شجاعة فائقة، وعقيدة راسخة، وعقلية راجحة متبصرة بالأحداث والتتائج؛ ما أكسبه سمعة عالية، وصيتا وشهرة كبيرة بين الصحابة؛ فقدّروه وأحبوه، ولمسوا بأنفسهم مدى إصابة الحق في اختيار النبي صلى الله عليه وسلم له في الإمارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة