لا تتوقف الدراسات الحديثة عن اكتشاف الجديد عن مصر القديمة وما جرى فيها ومدى التقدم الذي شهدته ومن ذلك ما يتعلق بالطب، فقد انتشرت البرديات الطبية وكشفت الآثار عن العديد طرق الفراعنة في علاج الأمراض وإجراء العمليات الجراحية.
وكان المصريون القدماء معروفين بإحراز تقدم غير عادي في الطب، مما جعلهم متقدمين على عصرهم، وفي دراسة جديدة نُشرت للتو في مجلة Frontiers in Medicine تسلط الضوء على مهاراتهم وإنجازاتهم في هذا المجال، حيث تقدم أدلة تثبت أن المعالجين المصريين حاولوا علاج السرطان لدى فرد عاش في مصر منذ أكثر من 4000 عام.
لمعرفة المزيد عن حالات الإصابة بالسرطان في مصر القديمة، ولاكتشاف كيفية معالجة هذه المشكلات، أجرى فريق من الباحثين الطبيين من ألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة دراسة على جمجمتين كانتا محتجزتين في مصر القديمة.
وأظهرت إحدى هذه الجماجم آفة كبيرة تشير إلى تدمير هائل للأنسجة، ناجم عن نوع من ورم الدماغ الذي يمكن أن ينمو لدى شخص يعاني من حالة تعرف باسم الأورام.
ولكن ما صدم الباحثين هو اكتشافهم لسلسلة من العلامات المقطوعة حول الآفة والتي يمكن أن تكون ناجمة عن أداة معدنية ذات حافة حادة للغاية - وبعبارة أخرى، بواسطة أداة طبية، وفقا لما ذكره موقع ancient orgnins.
في هذه الدراسة الجديدة، كان الباحثون يبحثون عن معلومات حول كيفية تعامل خبراء الطب في مصر القديمة مع السرطان على وجه التحديد، وإلى حد ما مع الحالات الأخرى التي ربما أثرت على الجمجمة أيضًا.
وأوضحت تاتيانا تونديني، الباحثة في جامعة توبنجن والمؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة: "أردنا أن نتعرف على دور السرطان في الماضي، ومدى انتشار هذا المرض في العصور القديمة، وكيف تفاعلت المجتمعات القديمة مع هذا المرض". .
وللمساعدة في هذه المهمة، حصل الباحثون على إذن لفحص جمجمتين مصابتين بالندبات تم انتشالهما منذ فترة طويلة من الحفريات على الأراضي المصرية.
كانت إحداهما جمجمة رجل يتراوح عمره بين 30 إلى 35 عامًا، عاش ومات بين عامي 2687 و2345 قبل الميلاد، بينما كانت الجمجمة الأخرى تعود لامرأة أكبر سنًا (يتجاوز عمرها 50 عامًا) عاشت وماتت بين عامي 663 و2345 قبل الميلاد.
وكانت جمجمة الرجل مصابة بآفة كبيرة بشكل خاص، مما يشير إلى وجود ورم في المخ في نهاية حياته، بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على ما يقرب من 30 آفة منتشرة أصغر حجمًا في مواقع أخرى حول جمجمته، مما يدل على أن حالته كانت في الواقع سرطانية وكانت منتشرة.
وأكدت الدراسة، أن يبدو أن المصريين القدماء أجروا نوعا من التدخل الجراحي المتعلق بوجود الخلايا السرطانية، مما يثبت أن الطب المصري القديم كان يجري أيضا علاجات تجريبية أو استكشافات طبية فيما يتعلق بالسرطان.