من جديد أعاود الحديث عن المقاومة الشعبية المصرية التى تتجلى فى أبهى صورها فى أوقات الشدائد، ليشتد بأس المصرى كلما اشتدت الأزمات، والتى بحق تعد اختراعا مصريا له السبق بين شعوب الأمم بمختلف مراحل التاريخ، القديم منه والحديث.
- ولماذا تكون المقاومة الشعبية مصرية أصيلة؟
هل لأن شعب مصر هو الشعب الوحيد الذى يدافع عن أرضه ويشارك بتطهيرها ضد اى معتد؟
-الإجابة: لا
ولكن لأن مصر هى أقدم حضارة على وجه الارض وتاريخها بصدر صفحات التاريخ الإنسانى على الإطلاق..
لذا:
فكل ما خرج من مصر هو الأول والأعرق وفقاً لسجلات التاريخ.
-أما عن "شعب مصر " الذى كان فى طليعة شعوب الأرض وأقدم مجاهديها، فقد اعتاد المشاركة جنباً إلى جنب جيشه فى صد أى معتد أو محتل تسول له نفسه وضع قدم له بأرض مصر.
ويشهد التاريخ على ملاحم المقاومة الشعبية المصرية ضد أشكال وأعراق العدوان المختلفة التى لم تكف يوماً عن أطماعها بأرض مصر وخيراتها، منذ غزو الهكسوس بالعصر المصرى القديم وحتى الاحتلال الإسرائيلى بالعصر الحديث، وما بينهما كالرومانيين واليونانيين وفرنسا وإنجلترا.. ولا تزال قائمة الطامعين تكتظ بالأسماء ضمناً أو علناً.
-"وأما عن المقاومة الشعبية المصرية بالعصر الحديث":
فقد استحت دول العالم المتكبرة من الإفصاح عن استمرار رغباتها باستعمار واستنزاف خيرات ومقدرات غيرها لعقود من الزمان، قبل أن تعود مجدداً ببجاحة وانكشاف للوجه لتستبدلها بالحرب الاقتصادية كوسيلة للضغط والسيطرة لحين إشعار آخر.
ولكن:
على الرغم من تضييق الخناق اقتصادياً على مصر من عدة جهات لإخضاعها وغل يدها ومحاصرتها بجميع أشكال الضغط على كل المستويات وعلى رأسها
"الاقتصادية".
كتغليظ شروط المؤسسات الاقتصادية الخارجية والضغط المستمر، فى محاولة قد ظنوا أنها هى الأفضل لكسر إرادة القيادة المصرية والشعب المصرى لقبول ما لن يقبله أبداً وإن مات جوعاً.
- حتى بعد أن تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه بالأسواق، ذلك بعد تحرير سعره بالبنوك، إلى جانب الصفقات الاقتصادية المصرية مع بعض الدول الشقيقة على رأسها الإمارات كصفقة رأس الحكمة، والتى كانت أهم نتائجها ضخ العملة بكثافة، لتصبح متاحة ومتوافرة بالبنوك ولدى التجار، ما يترتب عليه بشكل طبيعى انخفاض أسعار عدد كبير من السلع التى جنت أسعارها بحجة الدولار، و ما قامت الدولة بتسعيره بالآونة الأخيرة وإلزام جميع التجار به كسعر رسمى.
ولكن:
أبى الكثير من هؤلاء الذين امتلأت أنفسهم بأدران الجشع ألا يستجيبوا للوضع الجديد ، وقرروا تحدى هذا الإلزام ليتشبثوا بما آلت إليه أسعار منتجاتهم دون أى اعتبارات لأى مستجدات اقتصادية، ودون الالتفات ولو لوهلة لمعاناة المصريين الذين طفح بهم الكيل وهم بالصبر ملتزمون.
وكما هو المعتاد:
ما إن شعر المصريون بهذا الضغط غير المبرر من قِبل التجار والمحتكرين، حتى انتفضت المقاومة الشعبية المصرية لتقف بغير أسلحة، فقط متسلحة بعزيمتها المعتادة وقدرتها الجبارة بأوقات الشدايد والأزمات، لتعلن بفخر وشجاعة عن خوض هذه الحرب الاقتصادية رافعة شعار المقاطعة التى تفزعهم وتوجعهم كثيراً.
فخاض المصريون معركة مقاطعة الأسماك ببور سعيد فى البداية، ثم توالت المقاطعات بمحافظات أخرى، ثم لحقت بها مقاطعة اللحوم والدواجن والبيض التى يغالى التجار بأسعارها دون وجه حق، تماماً مثلما تبارى المصريون من قبل بالإعلان عن قوائم المنتجات المصرية، وإن كانت أقل جودة لتحل محل تلك التى تحمل إمضاءات دول تدعم وتمول و تؤيد قتل نساء و أطفال غزة و تدعم الكيان المجرم.
فبكل أسف كلاهما مجرم، من يدعم قتل الأبرياء فى غزة ومن يدعم تجويع بنى وطنه لتمتلئ خزائنه بالمزيد من المال الحرام.
نهاية:
أتمنى أن تؤتى هذه الجولة الرابحة لمقاومة الشعب المصرى أُكُلها وتكون بادرة خير لعودة الأسعار إلى حدود المنطق بعد أن تخطته بمراحل بعيدة.