على مَر العصور والأزمنة، كانت لأبناء سيناء الأوفياء أدوار كبيرة في الدفاع عن الوطن وصون مقدراته، باعتبارهم حراس البوابة الشرقية للدولة المصرية.. ويُعدد التاريخ مواقف وطنية عظيمة لأبناء سيناء دفاعاً عن مصر الكبيرة، كمواقفهم ضد التتار والصليبيين والحملة الفرنسية والاستعمار البريطاني والصهيوني.. واستطاعوا تحقيق إنجازات تاريخية في حماية أرض الفيروز، بداية من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والمساهمة في تحقيق نصر أكتوبر المجيد، ومروراً بمساعدة مؤسسات الدولة الوطنية في دحر خطر الإرهاب بشبه جزيرة سيناء، وصولاً إلى تنمية وتعمير سيناء الحبيبة..
للقبائل المصرية دور قوي في حماية سيناء والدفاع عنها، وبطولات سيسجلها التاريخ بأحرف من نور جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة والشرطة.. من منا لا يتذكر، الموقف البطولي لقبائل سيناء في 31 أكتوبر عام 1968، حينما نظمت إسرائيل مؤتمراً موسعاً في مدينة الحسنة بوسط سيناء، شاركت فيه وفود يمثلون حكومات دول العالم والأمم المتحدة ووسائل إعلام عالمية، بحضور مشايخ وعواقل سيناء.. وكان الغرض من هذا المؤتمر الخبيث هو تدويل أرض الفيروز، وتحريض المشايخ على إعلان قيام دولة مستقلة لهم في سيناء، بدعم خارجي ومزايا كثيرة ومستقبل زاهر.. لكن تحطمت هذه الخطة اليهودية على صخرة صمود ووطنية أبناء سيناء الشرفاء، الذين أحبطوا المخطط وأعلنوها صراحةً بصوت موحد: "إن باطن الأرض أولى بنا من ظهرها، إذا ما قبلنا هذا الأمر.. مصريون وُلدنا واستُشهدنا وسنبقى إلى أن نموت، ومن يريد التحدث بشأن سيناء فعليه الذهاب إلى الرئيس جمال عبد الناصر".. ورغم أن سلطات الاحتلال قامت بحملة اعتقالات موسعة لممثلي القبائل المصرية بعد هذا المؤتمر، إلا أن القبائل ظلّت ثابته على موقفها وصامدة في مواجهة المُحتل..
و منذ أيام قليلة تم الإعلان عن تدشين اتحاد القبائل العربية برئاسة الشيخ إبراهيم العرجاني وضمه لـ 30 قبيلة كصَف واحد وظهير شعبي لدعم مؤسسات الدولة المصرية،
اتحاد القبائل العربية هو كيان مصري أصيل، هدفه الرئيسي هو خلق إطار شعبي وطني يضم أبناء القبائل العربية، لتوحيد الصف وإدماج كافة الكيانات القبلية في إطار واحد؛ دعماً لثوابت الدولة الوطنية ومواجهة التحديات التي تهدد أمنها واستقرارها، إلى جانب السعي الدؤوب لتبنى القضايا الوطنية والتواصل مع جميع القبائل العربية للوصول إلى قواسم مشتركة في إطار الدولة وخدمة لأهدافها، ودعماً للرئيس السيسي.
وكان لافتاً في المؤتمر التأسيسي الأول لاتحاد القبائل العربية، الإعلان عن تغيير اسم قرية العجراء إلى "مدينة السيسي"، في لمسة وفاء من أبناء سيناء لقائدهم عبدالفتاح السيسي، الذي وضع سيناء على الخريطة التنموية للمرة الأولى في تاريخها بعدما تم القضاء على الإرهاب فيها تماماً، ومن المقرر أن تكون المدينة من مدن الجيل الرابع التي تستخدم التقنيات الحديثة وتوظف التكنولوجيا المستقبلية في عملها.
الإعلان عن تشكيل اتحاد القبائل العربية رسمياً، يأتي في توقيت مهم وظرف حساس تمر به المنطقة والعالم جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.. ويحمل في طياته دلالات عديدة، لعل أولها أن أرض سيناء لمصر والمصريين، للرد على المخططات الإسرائيلية الساعية لتهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى دول الجوار وفي مقدمتها سيناء الغالية.. كما أن هذا الكيان، سيكون سلاح جديد للدولة المصرية، ودليل قاطع على تماسك كافة أطرافها وأطيافها خلف القيادة السياسية لتولي مسيرة التنمية والإعمار وحفظ سيناء من أي مخططات شيطانية.
الأيام المقبلة ستشهد تشكيل مجلس اتحاد القبائل مكون من 20 عضواً ستكون مهامه اختيار الأمين العام، كما ستجرى انتخابات للجان النوعية المختلفة، وفي ضوء ذلك سيبدأ الاتحاد تحركاته على الفور لعقد مؤتمرات وفعاليات عديدة في كافة المحافظات.
ويبقى القول، إن اتحاد القبائل العربية يأتي تلبيةً لمتطلبات المرحلة الراهنة، وحائط صد منيع أمام خطط الطامعين في الأراضي المصرية من كل جهة، والخطوة بمثابة إدراك للتحديات التي تواجه الوطن على كافة الاتجاهات الإستراتيجية، وحفاظاً على الأمن القومي المصري بالأساس.