ما الفرق بين الإنسان والحيوان؟
الإجابة الشائعة لهذا السؤال هى أن الإنسان حيوان عاقل، لكن يبدو أنها إجابة خاطئة، ومن رأيى أن الإجابة الصحيحة هي أن الإنسان حيوان مجنون.
هل تريدون أدلة على ذلك؟ تأملوا ما يحيط بنا، وستعرفون أن العالم بلا عقل، وأنه يسير خلف جنونه الذى سيلقى به للتهلكة.
أتذكر فى بدايات القرن الواحد والعشرين كنا نتعامل على أساس أننا صرنا فى عصر "العقل"، وأننا تعلمنا من كوارث القرن العشرين، ودخلنا عصر التصرفات الحكيمة، وأن الحروب ستختفى والحقوق ستعود لأهلها، وصدقنا أن الإنسان حيوان "عاقل"، ثم تبين لنا أننا نزداد كل يوم جنونا.
ما يحدث الآن فى العالم عامة، وما يحدث فى فلسطين خاصة، يدل على أن الإنسان فى الأصل يعيش على الحروب والأحداث الكبرى، وأن الحياة الهادئة المستقرة تصيب البعض بالقلق، فيثيرون الأزمات والفتن، كما أن أنظمة الغرب الحاكمة التى فى المفروض أن تخضع للدساتير والقوانين والفلسفات التى وضعها العقل، لا يخضعون لذلك بل يرتكبون الأخطاء ويبررون الكوارث، ويشهدون مقتل الأطفال بعيون جف منها الدمع.
راقبوا ما يحدث حولكم وستعرفون أن الجنون هو سيد الموقف، وأن المنطق لا وجود له، وستفعلون مثلي ستسيرون في الشارع ترددون مع الشاعر العربي الكبير أمل دنقل:
قلت: فليكن العقل في الأرض..
تصغي إلى صوته المتزن.
قلت: هل يبتنى الطير أعشاشه في فم الأفعوان،
هل الدود يسكن في لهب النار، والبوم هل
يضع الكحل في هدب عينيه، هل يبذر الملح
من يرتجى القمح حين يدور الزمن؟
* * *
ورأيت ابن آدم وهو يجن، فيقتلع الشجر المتطاول،
يبصق في البئر يلقى على صفحة النهر بالزيت،
يسكن في البيت؛ ثم يخبئ في أسفل الباب
قنبلة الموت، يؤوى العقارب في دفء أضلاعه،
ويورث أبناءه دينه.. واسمه.. وقميص الفتن.
أصبح العقل مغترباً يتسول، يقذفه صبية
بالحجارة، يوقفه الجند عند الحدود، وتسحب
منه الحكومات جنسية الوطني.. وتدرجه في
قوائم من يكرهون الوطن.
قلت: فليكن العقل
في الأرض، لكنه لم يكن.
سقط العقل في دورة النفي والسجن.. حتى يجن
… … … …
ورأى الرب ذلك غير حسن!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة