ألقت حرب غزة المستعرة منذ حوالي ثماني أشهر بظلالها على الانتخابات الأمريكية وسط ارتباك بات واضحاً داخل المكتب البيضاوي ودوائر صنع القرار بواشنطن المقربين من الرئيس الأمريكى جو بايدن، الطامح فى الفوز بولاية رئاسية ثانية، حيث بات أمام سيد البيت الأبيض طريقاً واحداً للملمة شعبيته المبعثرة والإسراع في إنهاء الصراع الدموي الذي راح ضحيته آلاف الشهداء والجرحى الفلسطينيين.
وفي هذا السياق كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن كبار زعماء الكونجرس الأربعة دعوا رسميًا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإلقاء كلمة أمام اجتماع مشترك للكونجرس، في عرض للوحدة بين الحزبين يخفي نقاشًا مشحونًا وراء الكواليس حول استقباله.
وجاءت الدعوة، التي لم يتم تحديد موعد لها، وسط انقسامات سياسية عميقة في الولايات المتحدة بشأن الحرب فى غزة ، والتي اشتدت بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في رفح.
وكان رئيس مجلس النواب مايك جونسون يضغط من أجل إصدار الدعوة منذ أسابيع، ساعياً إلى احتضان نتنياهو بشكل أوثق في الوقت الذي يتبرأ منه بعض الديمقراطيين، وخاصة التقدميين، ويدينون تكتيكاته في الحرب، التي تسببت في سقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين في غزة وتفاقم كارثة إنسانية للفلسطينيين.
وأوضحت الصحيفة، أن الجمهوريين دعموا بشكل لا لبس فيه سياسات نتنياهو، في حين أن الديمقراطيين، الذين ينظر الكثير منهم إلى حكومته اليمينية المتطرفة باعتبارها عائقا أمام السلام، منقسمون بشدة حول هذه السياسات. ودعا بايدن إلى وقف دائم لإطلاق النار وقال: حان الوقت لإنهاء هذه الحرب.
ودعا السيناتور تشاك شومر الديمقراطي من نيويورك وزعيم الأغلبية، في وقت سابق من هذا العام نتنياهو إلى التنحي وإجراء انتخابات جديدة. رداً على ذلك، هاجم نتنياهو شومر في خطاب افتراضي مغلق أمام الجمهوريين في مجلس الشيوخ. وكان شومر قد رفض في ذلك الوقت السماح لنتنياهو بإلقاء خطاب مماثل أمام الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، بحجة أنه ليس من المفيد لإسرائيل أن يخاطب رئيس الوزراء المشرعين الأمريكيين بطريقة حزبية.
وحتى قبل توجيه الدعوة، أدى احتمال زيارة نتنياهو إلى مبنى الكابيتول إلى انقسام الديمقراطيين. وقال السيناتور بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت إنه سيقاطع خطاب رئيس الوزراء، وقال التقدميون في مجلس النواب إنهم يخططون للقيام بنوع من اللفتة لتسجيل معارضتهم لحكومة نتنياهو ولوجوده في مبنى الكابيتول.
عائلات الرهائن تضغط
وفى أحدث حلقة للضغوط على رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، دعت عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين فى غزة جميع الأطراف إلى القبول الفوري للاقتراح الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثمانية أشهر فى القطاع وإعادة أقاربهم إلى الوطن، لكن الحكومة الإسرائيلية قالت إن شروط وقف إطلاق النار يجب الوفاء بها، وفقا لوكالة أسوشيتيد برس الأمريكية.
وحدد بايدن الجمعة اتفاقا من ثلاث مراحل اقترحته إسرائيل على حماس، زاعما أن الحركة لم تعد قادرة على تنفيذ هجوم آخر واسع النطاق على إسرائيل. وحث الإسرائيليين وحماس على التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح حوالي 100 رهينة متبقين، بالإضافة إلى جثث حوالي 30 آخرين، من أجل وقف إطلاق نار ممتد في غزة.
مصر تضغط لإنهاء الصراع
وتوقفت محادثات وقف إطلاق النار الشهر الماضي بعد جهود كبيرة بذلتها مصر ووسطاء آخرون للتوصل إلى اتفاق على أمل تجنب غزو إسرائيلي كامل لمدينة رفح جنوب غزة، حيث كانت قد حذرت القاهرة مرارا وتكرار من تفاقم الأوضاع الإنسانية بالقطاع المنكوب ومن أزمات قد تضرب المنطقة بسبب استمرار هذه الحرب العدوانية .
ففى ظل تشابك المشهد سواء المحيط بحرب غزة أو الانتخابات الأمريكية وحساباتها المعقدة، عكس خطاب الرئيس الأمريكى حقائق راسخة، من بينها محورية الجهود المصرية القطرية فى تحريك المياه الراكدة على صعيد التفاوض بين إسرائيل وحماس، وثبات وصلابة الموقف المصرى على وجه التحديد فيما يخص ضرورة الانسحاب الإسرائيلى من رفح، وهو ما سيتم بموجب ما أعلنه بايدن، لتتولى إدارة الجانب الآخر من معبر رفح إدارة فلسطينية.
إسرائيل تراوغ
وأكدت إسرائيل أن قواتها تعمل في الأجزاء الوسطى من مدينة رفح. وأدى الهجوم البري إلى نزوح نحو مليون فلسطيني من المدينة وأدى إلى اضطراب العمليات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة المتمركزة في المنطقة.
وبعد خطاب بايدن، قالت عائلات الرهائن يوم السبت، إن الوقت بدأ ينفد ويقع على عاتق كل من إسرائيل وحماس قبول الصفقة.
وقال جيلي رومان لوكالة أسوشيتد برس: نريد أن نرى الناس يعودون من غزة أحياء.
وتم احتجاز شقيقته، ياردن رومان جات، كرهينة وتم إطلاق سراحها خلال وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة أسبوع في نوفمبر ، لكن شقيقة زوج ياردن، كارمل، لا تزال محتجزة.
وأضاف "قد تكون هذه الفرصة الأخيرة لإنقاذ الأرواح. لذلك لا بد من تغيير الوضع الحالي ونتوقع من الجميع الالتزام بدعوة بايدن بقبول الصفقة المطروحة على الطاولة فوراً. ولا توجد طريقة أخرى لتحقيق وضع أفضل للجميع. ويجب ألا تخيب قيادتنا آمالنا. "
المعارضة الإسرائيلية تضغط على نتنياهو
فيما حث يائير لبيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال على الاستجابة لدعوة جو بايدن، الرئيس الأمريكى لهدنة في غزة والتي بموجبها ستطلق حماس سراح الرهائن.
وكتب يائير لابيد في منشور على موقع إكس ، تويتر سابقا، أنه لا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تتجاهل الخطاب المهم الذي ألقاه الرئيس بايدن. هناك صفقة مطروحة على الطاولة ويجب تنفيذها.
وأضاف "أذكر نتنياهو بأن لديه شبكة أمان منا لصفقة الرهائن إذا ترك بن غفير وسموتريتش الحكومة."
ويعرض الاتفاق وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا إسرائيليا من غزة مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن وإعادة إعمار القطاع الساحلي المدمر على المدى الطويل.
وعلى الرغم من أن بايدن حدد شروط الصفقة الجديدة، إلا أنه وصفها مراراً وتكراراً بأنها اقتراح إسرائيلي. ومع ذلك، أوضح الرئيس الأمريكي أنه يدرك أنه ستكون هناك مقاومة كبيرة لها من اليمين الإسرائيلي، بما في ذلك أعضاء اليمين المتشدد في الائتلاف الحاكم.
ومن ناحية أخرى، دعت عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين فى غزة جميع الأطراف إلى القبول الفوري للاقتراح الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثمانية أشهر فى القطاع وإعادة أقاربهم إلى الوطن، لكن الحكومة الإسرائيلية قالت إن شروط وقف إطلاق النار يجب الوفاء بها، وفقا لوكالة أسوشيتيد برس الأمريكية.
فرصة ترامب
يأتي ذلك كله، في وقت يستغل فيه الرئيس السابق دونالد ترامب، هذا الصراع العبثي من أجل الفوز في الانتخابات المقبلة،، فأمام تقدم ترامب اللافت فى استطلاعات الرأى، وفى ظل ما تكشفه استطلاعات أخرى عن تراجع بات واضحاً لشعبية بايدن فى أوساط الأمريكيين ذوى الأصول العربية أو المسلمة، وحتى فى أوساط حزبه بسبب حرب غزة وعجز واشنطن عن ردع الاحتلال، وفى ظل تعقيدات المشهد الانتخابى، وكذلك نفوذ اللوبى اليهودى داخل الولايات المتحدة ودوره فى العملية الانتخابية، حاول الرئيس الأمريكى ن الدفع بقوة لإنجاز صفقة تنتهى بوقف الحرب، أملاً فى وقف نزيف النقاط الذى تعانيه شعبية بايدن.
وفى خطاب ألقاه مساء الجمعة، وبعد أقل من 24 ساعة من الأحكام الصادرة بحق غريمه، أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن عما أسماه "مقترح إسرائيلي" لوقف إطلاق النار، وطالب قادة الاحتلال فى الوقت نفسه بدعم هذا المقترح، ما يعكس حجم الانقسامات التى تعانيها حكومة بنيامين نتنياهو ودوائره المقربة، وتزايد الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة من قبل تحالف يقوده السياسى اليمينى افجادور ليبرمان.
وقال بايدن فى الخطاب إن إدارته ركزت جهودها للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار فى غزة، وأن إسرائيل عرضت مقترحاً شاملاً فى هذا الشأن من ثلاث مراحل تبدأ بـ عودة الفلسطينيين فى غزة إلى منازلهم، ثم يتم تبادل كل الأسرى الأحياء بما فى ذلك الجنود الإسرائيليون، أما المرحلة الثالثة فهى مخصصة لإعادة إعمار القطاع.
فبايدن الذى يعانى العديد من الأزمات ضمن التحالف الأمريكى ـ الأوروبى فى مواجهة روسيا، وارتفاع فاتورة الدعم الغربى لأوكرانيا، كشف فى خطابه أمس الجمعة، عن تحرك أمريكى أكثر جدية لإنهاء الحرب فى غزة، وتبريد دوائر الأزمات فى الشرق الأوسط، حيث تعهد فى خطاب ـ فى حال إتمام مقترح التهدئة ـ بمرور دائم لشاحنات المساعدات وضمان عمل كافة الملاجئ، فى غزة، مؤكداً أن ذلك سيتم فورا وعلى مدار ست أسابيع، وكذلك سيكون هناك تفاوض على وقف إطلاق نار دائم فى المرحلة الثانية بوساطة من مصر وقطر وأمريكا تضمن كل الاتفاقات بين الطرفين الإسرائيليين وحماس".
وأضاف الرئيس الأمريكى فى كلمته أن إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ هجوم مماثل لـ هجوم 7 أكتوبر، مشيراً إلى أنه حث فى المقابل قادة إسرائيل على الوقوف وراء المقترح رغم أى ضغوط، قائلاً: "آن الأوان لبدء مرحلة جديدة يعود فيها الرهائن إلى بيوتهم ولهذه الحرب أن تنتهى ولليوم التالى أن يبدأ".
وحذر بايدن فى كلمته قادة الاحتلال من "المزيد من العزلة"، قائلاً: "هناك مخاطر من أن تزيد عزلة إسرائيل على مستوى العالم.. الالتزام بالصفقة الحالية هو ما سيعيد الرهائن والسلام للإسرائيليين".
وتابع الرئيس الأمريكى : "المقترح الإسرائيلى يتضمن وقفاً للأعمال القتالية لست أسابيع فى مرحلته الأولي"، لافتاً إلى أن إسرائيل ستواصل حربها فى غزة إذا رفضت حماس هذا المقترح الذى تم نقله إليها بواسطة المفاوضين القطريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة