مما لا شك فيه أن من أول مبتغيات السياسى المحترف هو جنى الرضا العام من الجماهير الشعبية ورضاهم حول سياساته، صحيح أن هناك مبدأ سياسيا آخر مغايرا ومعاكسا، ويتبنى مواقف مفادها أن الجماهير العريضة لا تعرف معلومات كثيرة وتلك المعلومات تكون سببا أساسيا فى صنع القرار، وأن دور السياسى المسؤول ألا ينساق وراء رغبات الشارع بل يضع نصب عينيه مصلحة الوطن فى ضوء المعلومات والقرارات المتاحة لخدمته، لكن تظل أكاليل الغار الشعبية هى أمل كل سياسى ومنخرط فى العمل العام، ومن هنا وفى ضوء المتناقضين السابقين تأتى الحكومة المنتظرة وتقع بين شقى الرحى، رضا الناس أم مصلحة الوطن للعبور من الأزمات؟، وهنا بالتحديد يبرز دور الوسيط «الوزير» السياسى، ليشرح للناس لماذا القرار ومن أين جاء ولماذا اتخذه، وحينما تستوعب الجماهير، فتلقائيا سيتخذون صالح الوطن سبيلا حتى وإن تعارضت سبله مع مصالحهم الخاصة، لأن يقين المصريين الراسخ أن الوطن هو الأم والملاذ والسكن والملجأ الأول والأخير.
إننا نتطلع لحكومة تهتم بشكل استثنائى ببناء الإنسان، فالتعليم الأساسى قضية أساسية، فقد تحولت مصر إلى أمصار مختلفة باختلاف أنواع المدارس والتعليم، عربى ولغات وأمريكى وإنجليزى وألمانى وكندى وغيرها، إن ما نشاهده من أفعال وممارسات فى الشارع المصرى هو نتاج «اللاتعليم» فى المدارس الحكومية للأسف، وأصبح لدينا نوع آخر من الأمية الممهورة بشهادة المدرسة!!
الصحة أيضا يجب الاهتمام بها، فصحة المواطن المصرى شهادة صلاحية لأن يكون منتجا خلاقا مبتكرا، لذا وجب الاهتمام بالتأمين الصحى الشامل واتساع رقعته من بورسعيد لكل محافظات مصر، كما الثقافة والتنوير والفن يجب أن تتعمق مرة أخرى فى الوجدان المصرى.
إن نهضة مصر وخروجها من أزمتها لن تستقيم إلا بالاهتمام البالغ بالاقتصاد الكلى مع دعم السياسات النقدية والمالية له، والتركيز فى الصناعة أمل كبير ننتظره، لأن مستقبل مصر فى الصناعة لتحقيق الاكتفاء والتصدير، فمصر تمتلك طاقة بشرية هائلة يجب أن تتحول من عبء إلى ميزة نسبية، كما أن انخفاض قيمة العملة يعطى ميزة خاصة للتصدير وغزو الأسواق العالمية.
إن الزراعة مهمة أيضا بعد المشروعات العملاقة فى إعادة تدوير المياه من محطات المعالجة وغيرها عادت لتكون فى صدارة مشهد الإنتاج برغم محدودية الحصة المائية النيلية والممطرة لمصر، كما أن تكنولوجيا المعلومات والهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة كلها بوادر لبناء اقتصاد متجدد وعفى.
التطلعات كبيرة والحكومة القادمة طريقها صعب، لكنه ممكن، إن الإخلاص فى استهداف الرضا العام للشعب المصرى سيحقق طفرة سياسية كبيرة بعد طفرة البناء المتعددة التى حصدتها مصر فى العقد الماضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة