أكرم القصاص

745 ألفا بالثانوية.. ثروة ولغز وخيارات صعبة للأسرة والمجتمع!

الثلاثاء، 11 يونيو 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع كل امتحانات للثانوية العامة نتذكر أننا على مدى عقود لم نصل إلى التوازن الذى يرضى المجتمع والناس، وفى كل موسم للثانوية يستعد عشرات الآلاف للدخول إلى الجامعات العامة والخاصة، بينما يخرج عشرات الآلاف من الشباب إلى سوق العمل، من كليات وتخصصات مختلفة، وبالتالى تظل الثانوية العامة مرحلة تمثل عقدة للأجيال والأسر، لأنها تمثل نهاية مرحلة وبداية أخرى، لكنها تبقى ضمن وضع صعب يجعل الخيارات ضيقة، من دون صورة ولو ناقصة حول المستقبل، يأمل أولياء الأمور أن تنتهى معاناتهم مع الثانوية العامة، ويجد أبناؤهم مكانا فى الجامعات يمهد لهم الطريق إلى المستقبل والحصول على فرصة عمل، ومكان فى المجتمع.

لكن للأسف لا يكون الأمر بهذه البساطة ولا يوجد ما يمكن تسميته نهاية المطاف، وهذا الواقع يحمل كغيره من التفاصيل تراكمات لأنواع وتجارب لم تصل بالتعليم إلى أن يكون وسيلة للمعرفة تمهد الطريق للمستقبل، لكنه مجرد معاناة وإنفاق من دون أفق، بل وأحيانا يتخرج الطالب من الجامعة ويجد نفسه بحاجة إلى تغيير مسار إلى تخصص آخر، أو الاتجاه إلى الدراسة فى تخصصات أخرى، ولا يوجد ما يمكن أن يسمى نهاية المطاف للطالب وأسرته، فيما يتعلق بالتعليم والتخصص، ولا المجموع العالى أو مكتب التنسيق هو الباب الذى يقود إلى مستقبل واضح المعالم.

فى السنوات الأخيرة هناك نقاش حول هذا كله، وتتم مناقشة كيفية تحديد الاختيارات بشكل يختلف عن الماضى، حيث لم تعد كليات القمة تمثل نفس القيمة، وأيضا ظهرت ولا تزال تخصصات جديدة ترتبط بالتطور التكنولوجى، أو تخصصات يحتاجها سوق العمل، ترتبط بفنيات الصناعة أو المشروعات الصغيرة أو القدرة على إدارة عمل خاص، وإنهاء عصر الوظيفة التى تثبت التجارب أنها لا تصنع استقرارا أو حتى خطا واضحا نحو المستقبل.

تغيرت خريطة العمل اليوم، السوق أصبح ضيقا وأعداد الخريجين أكثر كثيرا من الوظائف المطلوبة، حتى أصحاب التخصصات لا يعملون فى تخصصاتهم، الطبيب يمكن أن يتجه للسياحة، والمهندس إلى التجارة، والمحاسب إلى الكمبيوتر، وأغلب النماذج البارزة فى عالم البيزنس والعمل الحر، لا أحد يعرف تخصصاتهم العلمية.

ربما نكون بحاجة إلى مؤسسات أهلية أو غيرها تلعب دورا فى التوعية بكيفية اكتشاف وتنظيم اختيارات طالب الثانوية، وسياقات ومسارات تساعد آلاف الشباب على تحديد اختياراتهم من الثانوية، ليضمنوا مكانا فى الجامعة يوصلهم إلى الحياة والاستقرار والعمل، والتعرف على المهارات التى يمكنها أن تساعدهم فى الحصول على فرصة تحقق لهم ذاتهم ماديا ومعنويا، حتى لا يتكدس الشباب فى واقع محبط يتوهون فيه وتضيع سنوات عمرهم لمجرد أنهم غير قادرين على حسم اختياراتهم.


لقد انتقل جزء من هذا النقاش إلى الحوار الوطنى فى محوره المجتمعى، ربما لأن قضية التعليم أكبر من مجرد إجابة عن سؤال، فهو لا يتعلق بالتعليم فقط، لكن بالمجتمع، وبالاقتصاد والتمويل، الفصول والمعلمين والثقافة، وتغيير شامل فى نظام الامتحانات بشكل يلغى الحفظ ويجعل الامتحان وسيلة وليس غاية فى حد ذاته، والتحصيل للمعرفة والفهم والاستيعاب بما يجعل الخريج مسؤولا، وليس مجرد آلة تجيب عن امتحانات لا تعكس قيمة أو فهما، وأن يكون التعليم طريقا للمشتركات فى اللغة والثقافة والأساسيات، والعلوم والتاريخ، وهو دور يمكن أن يقوم به المجلس الأعلى للتعليم، مع ضرورة التوعية بالتخصصات ومدى الحاجة إليها، وربط التعليم الجامعى والفنى بالاستعداد والقدرات، وسوق العمل.
لدينا 745 ألف طالب وطالبة بالثانوية، يفترض أن نتعامل معهم كثروة تستحق التنمية، بالكثير من التوعية والنقاش والحوار.

p.8









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة