كل عام وأنتم بخير تحتفل هذه الأيام المباركة الأمة الإسلامية بعيد الأضحي المبارك ، ووقف ملايين المسلمين علي صعيد عرفات يدعون الله بكل الأماني الغالية التي تعتمر في قلوبهم الوهنة ومعهم كل المسلمين في كل مكان علي الأرض , الجميع يرفعون أكفهم تضرعا لله بالدعوات في يوم عرفة وهو خير يوم طلعت عليه الشمس .
وحينما يحل يوم العيد
ويصلون وينحرون ، يهمون في تنفيذ شعيرة مبهجة من شعائر العيد وهي الفرح والسرور وانشراح الصدور .
وهنا تظهر فلسفة الفرح في العيد عند المسلمين والحكمة في إدخال الفرح والسرور على المسلمين حيث يعتبر العيد مناسبة لإظهار الفرح في الدين، وإظهار السرور بين الناس، فإفراح الناس عبادة يحبها الله - تعالى -، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أَحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على] ويكون ذلك بالزيارة، أو الهدية، أو بالسؤال عنه عن أحواله، وهذه الأعمال في سائر السنة إلا أنها تتأكد في العيد لإنها قائمة علي الفرحة.
وينجلي من خلال إظهار الفرحة شكر الله تعالى فمن حكم مشروعية العيد أنه وسيلة لإظهار الشكر لله - تعالى - على نعمه، وعلى تجدد نعمه كل عام، كما أن العيد شكرٌ لله - تعالى - على التوفيق لأداء العبادات من صيام وحج، وشكر المسلم لله - تعالى - على أن بلغه مواسم الخير مثل ليلة القدر والعشر من ذي الحجة.
ففهم الحكمة من الفرح في مشروعية العيد يجب فهمها كقيمة نبيلة تنعكس على الفرد والجماعة، ولها تأثير على الصغار والكبار، والرجال والنساء، وهي كثيرة ومتعددة، ومنها ضبط التوازن النفسي ومعالجة الاكتئاب الذي يمكن أن يصاب به الانسان الآن من ضغوط الحياة اليومية فالإنسان الفرح المسرور هو إنسان متزن متماسك نفسيا قادر علي البناء والاصلاح والقيام بدوره المجتمعي أفضل ما يكون .
وفي المشاركة في الفرح من تعظيم شعائر الله تعالى حيث يظهر في العيد تطبيق المسلمين لمظاهر الإسلام من اجتماع المسلمين في الطرقات والساحات في صلاة العيد، وتطبيق سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذبح الأضحية، وزيارة الأرحام، فكل هذا من تعظيم شعائر الله - تعالى -، وقد قال -عز وجل-: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ففعل هذه العبادات يعد علامة على أن القلب محب لشعائر الله - تعالى -؛ أي محب لتعظيم العلامات الخاصة بهذا الدين.
غير معناها الفلسفي والاجتماعي الكبير في التضامن المجتمعي والتوحد والاصطفاف علي معني جميل ونبيل وبالتالي فهو رسالة قوية الي أن هذا التضامن المجتمعي الحقيقي يمكن تكراره بقوة في حال الإتفاق علي قيم نبيلة ورسالة من رسائل إلهية واضحة لما يحبه الله ويرضاه .
إن يوم العيد هو يوم فرح وسرورٍ شُرع للمسلمين بإتمام فريضة فرضها الله ـ تعالى ـ عليهم، ولهذا فإن رسول الله ـ ﷺ ـ رخص في إظهار السرور في هذا اليوم وتأكيده، بالغناء واللعب واللهو المباح، وكثير من الأحاديث ما يفيد أن إظهار هذا السرور في الأعياد شعيرة من شعائر هذا الدين.
وهنا تأتي الحكمة من انتهاج عبادة الفرح بدءا من فرحة الأعياد الي نشر منطق التمسك الفرح في حياتنا اليومية
ففي فهم فلسفة الفرح في العيد والعمل به ، نفهم الحكمة من الفرح رغم الصعوبات، ونفهم كل ما تحمله هذه الفلسفة الفرحة من قيم الإيمان بالله ، والصبر ، والوعي ، والصلابة ، والاستمرار ، والتوحد المجتمعي علي الحقيقة المطلقة وهي رسالة الله في إصلاح وإعمار النفس والارض بالخير والحق والجمال .
فمن المنطلق الديني وهو إحياء السنن المؤكدة في العيد من نشر الفرحة الي المنطق الاجتماعي والصحي والنفسي والاقتصادي وغيرها من مجالات الحياة بالوعي بنشر الفرح والتمسك به من أجل تحقيق الانجاز في الحياة بشكل عام من خلال الحفاظ علي صحة الانسان وحياته ، فالفرح جسر لصحة الأنسان.
إذن افرحوا ..تصحوا ..
وكل عام والجميع بخير …
عيدكم سعيد .