وزير الصحة الفلسطينى ماجد أبو رمضان لـ"اليوم السابع": 80% من مستشفيات غزة دمرت.. آلاف الجرحى لا يستطيعون مغادرة القطاع بعد غلق معبر رفح.. مخازن الأدوية حرقت عن بكرة أبيها.. و70% من سكان غزة هجروا من بيوتهم

الأحد، 02 يونيو 2024 08:00 م
وزير الصحة الفلسطينى ماجد أبو رمضان لـ"اليوم السابع": 80% من مستشفيات غزة دمرت.. آلاف الجرحى لا يستطيعون مغادرة القطاع بعد غلق معبر رفح.. مخازن الأدوية حرقت عن بكرة أبيها.. و70% من سكان غزة هجروا من بيوتهم وزير الصحة الفلسطيني
حوار / أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

** أكثر من 500 طبيب وعامل صحي استشهدوا والمئات اعتقلوا ويتعرضون لتعذيب نفسي وجسدي

** الأطباء يتعاونون مع متطوعين لتنظيف المستشفيات وإعادتها للعمل بعد انسحاب الاحتلال منها

** المستشفيات في قطاع غزة لم تعد قادرة على استقبال المزيد من المصابين

** جاري حصر الأضرار والتكاليف المادية التي نحتاجها لإعادة تأهيل المنظومة الصحية بعد انتهاء الحرب

 

في نهاية مارس الماضي، وبالتحديد يوم 31 مارس، وقفت حكومة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى لحلف اليمين أمام الرئيس محمود عباس أبو مازن، في أصعب مرحلة تمر على فلسطين منذ نكبة 1948، حيث أبشع عدوان يتعرض له قطاع غزة ودمار وحرب إبادة جماعية، ولا آفاق بشأن انتهاء تلك الحرب وتصاعد كبير للانتهاكات في الضفة، ومنع وصول أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية، خراب ودمار يحيط بكل المدن الفلسطينية، ليصبح أمام تلك الحكومة تحديات كبيرة للغاية، والجميع يعول عليها لإنجاز أبرز الملفات وهي وقف الحرب وإعادة إعمار القطاع.

على رأس تلك التحديات، المنظومة الصحية التي انهارت بشكل كامل في القطاع، حيث استهداف مستشفيات وقتل واعتقال أطباء وخروج أغلب المراكز الصحية عن الخدمة، وارتفاع كبير في أعداد الشهداء والمصابين، واقتحام وتدمير البنية التحتية للقطاع الصحي، وظروف أشبه بالمستحيلة يعيشها العاملين بهذا القطاع في ظل استمرار العدوان وتلوث متصاعد للبيئة وارتفاع أعداد الإصابات بالأمراض المعدية وانتشار العديد من الأوبئة.

هذه الملفات وجدها الدكتور ماجد أبو رمضان في المقدمة بمجرد دخوله أول يوم بمكتبه بعدما سلمته الدكتورة مي الكيلة وزيرة الصحة في حكومة الدكتور محمد أشتية ملفات الوزارة وتغادرها، تحديات لا يمكن أن يصدقها أي عقل كيف يمكن أن يتعامل معها، الطبيب الفلسطيني الذي لا يمكنه حتى دخول القطاع لمتابعة حجم الدمار الذى لاحق المنظومة الصحية أصبح عليه إعادة إحياء القطاع الصحي المدمر بشكل شبه كامل والتعامل مع الظروف الصعبة التي يعيشها أبنائه الأطباء.

الدكتور ماجد أبو رمضان وزير الصحة الفلسطيني
الدكتور ماجد أبو رمضان وزير الصحة الفلسطيني

حاولنا خلال حوارنا مع الدكتور ماجد أبو رمضان، وزير الصحة الفلسطينية، بعد توليه حقيبة الوزارة، الوقوف على حجم الدمار الذي لاحق هذا القطاع الحيوي، والصعوبات البالغة التي يعيشها الأطباء في غزة، وحجم الخسائر التي تكبدتها الوزارة، خطتها للتوسع في المستشفيات الميدانية خاصة بالقرب من خيام النازحين، وخطته لإعادة إحياء المستشفيات التي توقفت عن العمل والمبالغ التي تحتاجها الوزارة لإعادة بناء البنية التحتية الصحية بعد الدمار الذي تكبدته وطرق التعامل مع انتشار الأوبئة في القطاع وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالي:

في البداية.. كيف هو الوضع الصحي في غزة مع تخطي 8 أشهر من العدوان الإسرائيلي؟

الوضع الصحى في غزة سيء جدا وضع كارثي، خاصة مع استمرار عمليات القصف وهدم المباني ونسف مربعات سكنية.

ما هي نسبة المستشفيات التي خرجت عن الخدمة في قطاع غزة؟

أكثر من 80 % من المستشفيات والمراكز الصحية الأولية في قطاع غزة دمرت جزئيا أو كليا، والعديد من الكوادر هجرت من اماكنها لأماكن أخرى.

ما هو حجم الخسائر في القطاع الصحي؟

الأدوية والمستلزمات ومخازن الأدوية تعرضت للحرق عن بكرة أبيها، فالوضع سيء للغاية.

كم عدد الأطباء والممرضين الذين تم اعتقالهم في القطاع؟

وبالنسبة للأطباء والمسعفين لدينا أكثر من 500 طبيب وعامل صحي استشهدوا والمئات اعتقلوا والآلاف شردوا من أماكنهم.

 

هل هناك محاولات للتواصل مع من تم اعتقالهم للاطمئنان على أوضاعهم؟

تم اعتقال الكثير من الأطباء من بينهم الدكتور محمد أبو سلمية مدير مستشفى الشفاء الطبي في غزة، ولا زال معتقلًا، ولا نعرف عنه شيئا، وهناك الطبيب عدنان البرش الذي استشهد أثناء الاعتقال في سجنه، وحتى الآن لم يتم تسليم جثمانه لنا، والعديد من العاملين الصحيين الآخرين تعرضوا للتعذيب سواء النفسي أو الجسدي بصور متعددة كثيرة داخل المعتقلات.

ماجد أبو رمضان
ماجد أبو رمضان

** القطاع الصحى والمستشفيات هي منشآت محمية بفعل القانون الدولي ورغم ذلك ما زال الاحتلال يستهدفها منذ بداية العدوان.. بما تفسر ذلك؟

إسرائيل متغطرسة ولا تحترم أي قرار أممى أو جهد دولي وتقوم بقتل المدنيين العزل وخلال الأيام الثلاثة الماضية رأينا كيف أن النساء والأطفال حرقوا أحياء في خيام رفح والتي قصفتها إسرائيل رغم أنها هي التي أعلنت انها مناطق أمنة وطالبت المواطنين الفلسطينيين أن ينزحوا إليها، بجانب جرائمها في رفح وغلقها لمعبر رفح واحتلاله من الجانب الفلسطيني.

 

** كيف واجه الأطباء في القطاع كل هذه الانتهاكات وتغلبوا عليها ليواصلون ممارسة رسالتهم تجاه الجرحى الفلسطينيين؟

بالرغم من الاعتداءات المتكررة والتي وصلت إلى عدة آلاف من الاعتداءات على مرافقنا الصحية والأطباء والتمريض والعاملين الصحيين إلا أن الأطباء والترميض رفضوا مغادرة المرضى وظلوا معهم في المستشفيات حتى أخر ثانية مما أدى إلى إصابة واستشهاد العديد منهم.

** كيف عمل الأطباء على استعادة الخدمة في بعض المستشفيات بعد أن اقتحمها الاحتلال؟

بالرغم من اقتحام الاحتلال للعديد من المستشفيات في القطاع، واستهداف البعض الأخر، إلا أنه في كل مرة كان يخرج الاحتلال الإسرائيلي من أي مرفق صحي يسارع هذه الطواقم بمساعدة المتطوعين من أهالى المنطقة بتنظيف المستشفى وتنظيف المركز الصحى ومحاولة إعادته للعمل بكل طريقة ممكنة، ومع ذلك كان يعاد استهداف تلك المباني والمراكز الصحية مثلما حدث في مجمع الشفاء الطبي ومستشفى كمال عدوان والأندونيسى وفي رفح أيضا مستشفى ناصر عدة مرات.

كيف تستقبل مستشفيات غزة المصابين في ظل قلة الإمكانيات المتاحة لها؟

المستشفيات في قطاع غزة لم تعد قادرة على استقبال المزيد من المصابين والمرضى الذين أصبح أعدادهم بمئات الآلاف نتيجة تفشي الأمراض وهو ما يعرض المرضى للخطر خاصة أمراض الأصحاب المزمنة.

وزير الصحة الفلسطيني
وزير الصحة الفلسطيني

** ما هي الاستراتيجية التي تتبعها المنظومة الصحية من أجل استيعاب أكبر عدد من المرضى والجرحى؟

المستشفيات في غزة أصبحت تعمل بأضعاف أضعاف طاقتها الاستيعابية في ظل استمرار العدوان وتزايد أعداد المصابين جراء القصف الإسرائيلي.

** ما الذي يستطيع الأطباء تقديمه في المستشفيات للجرحى بسبب النقص الشديد في المستلزمات والمعدات الطبية؟

الوضع كارثي وكل ما يستطيع الأطباء تقديمه هناك هو الإسعافات الأولوية ومحاولة جبر الكسور وللأسف العديد من بتر الأطراف لكى لا ينزف المريض ويتشهد

** ماذا عن وضع الجرحى الذين لا تستطيع المنظومة الصحية في غزة من علاجهم ويحتاجون للعلاج بالخارج بعد غلق الاحتلال للمعابر؟

العديد من الجرحى يحتاجون إلى الإجلاء خارج قطاع غزة كي يحصلون على الخدمة الطبية اللازمة لهم ولكن للأسف بسبب تعنت الاحتلال الإسرائيلي واستمرار عدوانه وغلقه لمعبر رفح فإن الآلاف الجرحى لا يستطيعون المغادرة وهم معرضون لعاهات دائمة وربما فقدان الحياة

غزة أصبحت أكثر بقعة ملوثة في العالم بفعل الدمار تراكم النفايات والقنابل التي تلقى.. كيف أثر ذلك على السكان وساهم في انتشار الأمراض؟

بسبب الركام وتراكم النفايات الصلبة هناك العديد من القوارض والحشرات التي تنتشر وهذا يؤدى إلى نقل الأمراض وصعوبة كبيرة بجانب تحلل الجثث تحت ركام المباني وفي المقابر الجماعية التي ربما قام الاحتلال ببعثرتها وتدنيسها بجانب بعض المرضى دفنوا بدون تحديد وفي أماكن داخل المستشفيات، وهذا يعطل العمل وإعادة بناء غزة وإحياء البنية التحتية والمنظومة الصحية من جديد.

هل أصبح هناك أمرض قضى عليها العالم منذ فترة وبدأت تظهر في غزة من جديد بفعل التلوث؟

نعم.. بسبب الكم الهائل من القنابل والبارود والمتفجرات وبعضها من اليورانيوم المنضب وغيره من المواد الكيماوية التي لا نعرف عنها شيء بعد، فهناك بلا شك تلوث بيئى وإنساني خطير وهذا قد يترك أثرا على الأجيال القادمة لعشرات السنين، وهناك العديد من الألغام والمتفجرات الأخرى التي لم تنفجر قد تسبب كوارث كبيرة في حال تم التعامل معها بشكل خاطئ خلال إزالة الركام.

القصف الإسرائيلي محمل بمعادن ثقيلة بجانب رماد المباني المهدمة.. هل هذا ساهم في انتشار أمراض بعينها وهل تتوقع ظهور أمراض جديدة في ظل استمرار هذا العدوان؟

بالفعل.. بسبب نقص البنية التحتية في القطاع بسبب نقص العدوان، ونقص الماء النظيف وتعطل شبكة الصرف الصحى عن العمل وقلة الطعام المتاح لسكان غزة والمرضى، تسبب ذلك في تفشى الأمراض المعدية من أهمها التهاب الكبدى الفيروسي نوع أ وهناك عشرات الآلاف من سكان غزة أصيبوا بذلك بجانب حالات الإسهال والقئ والاتهاب المعوى الحاد الناتجة عن تلوث مياه الشرب وتلوث مصادرها وانعدامها في معظم الأحياء.

حدثنا عن معاناة أصحاب الأمراض المزمنة في غزة بسبب نقص الأدوية وتوقف الخدمات بالعديد من المستشفيات؟

نعاني بشدة من نقص للأدوية بالنسبة للأمراض المزمنة مثل السكر والضغط وأمراض القلب والكلى، وهو ما يعرض حياة السكان المدنيين خاصة كبار السن والأطفال والنساء الحوامل إلى خطر شديد.

** كيف أثر نقص الوقود على استمرار تقديم الخدمة الصحية في القطاع؟

نقص الوقود وانعدامه مؤثر كبير للغاية، حيث يؤدى إلى إحداث شلل في عمل المستشفيات، فالمستشفيات والمراكز الصحية لا تستطيع أن تعمل بدون كهرباء وبما أن شبكة الكهرباء الرئيسية معطلة منذ بداية العدوان، فالوقود ومولدات الطاقة هو عنصر أساسي مثل الأكسجين  لا غنى عنه للعمل في المرافق الصحية.

** كيف تؤمنون وصول الوقود والإمدادات الطبية للمستشفيات في القطاع؟

الجانب الإسرائيلي يقوم بالتحكم في معبر رفح بشكل كامل بعد احتلاله للجانب الفلسطيني من المعبر، ويمنع دخول المساعدات إلا بعدد قليل الذي لا يفي إلا 10 % من احتياجات القطاع وهذا تراكم على مدى الشهور الثمانية السابقة، وأيضا هو يمنع خروج السكان ويمنع خروج الجرحى والمرضى للاستشفاء في الخارج وهو مخالف للأعراض والقوانين الدولية.

هل هناك اتجاه للتوسع في المستشفيات الميدانية لمحاولة استيعاب هذا الكم الكبير من المرضى والجرحى؟

لابد من التوسع في المستشفيات الميدانية، لأن أكثر من 70 إلى 80 % من سكان قطاع غزة هجروا من بيوتهم وهم أعداد كبيرة في أماكن ليست أماكن سكنية ولا تصلح للسكن ولا يوجد بها بنية تحتية ويجب الوصول لهم بشتى الطرق لتقديم الخدمات الصحية اللازمة، وفيما يتعلق بالمستشفيات الميدانية هناك العديد من المستشفيات ولكننا بحاجة إلى عدد أكبر من المستشفيات كي تستطيع الانتشار الجغرافي في مختلف المحافظات الـ5 لقطاع غزة وأيضا تستطيع التعامل مع العدد الكبر للغاية من المرضى والجرحى الموجودين في القطاع.

** ما الذي تحتاجه مستشفيات غزة الآن كي تستمر في مواصلة عملها؟

قبل أي شئ، يجب وقف آلة الدمار والقتل الإسرائيلية فورا دون أي تأخير لأنه بدون هذا الأمر لا يمكن إعادة إصلاح القطاع الصحي وتقديم خدمات وبعد ذلك يأتي المساعدات التقنية مثل الفرق الجراحية الزائرة التي نستضيفها في بعض المرافق الصحية التي لا زالت تعمل وهم على خبرة ودراية ولهم دور كبير في علاج المرضى الذين لا نستطيع علاجهم بالكوادر الطبية المحلية، كما يأتي تزويد القطاع الصحي بما يحتاجه من أدوية ومستلزمات ومستهلكات طبية ومختبرات وأيضا الوقود اللازم لتشغيل هذه المستشفيات وبعد ذلك يأتي الدور الكبير للعيادات المتنقلة للوصول إلى السكان في أماكن تجمعهم.

هل هناك حصر لما قد تحتاجه المنظومة الصحية في غزة من تكاليف مادية لإعادة تأهيلها من جديد بعد هذا الخراب الكامل الذي لحق بها؟

نعم جاري حصر تلك الأضرار والتكاليف المادية التي نحتاجها لإعادة تأهيل المنظومة الصحية بعد انتهاء الحرب.

هل هناك تعاون بين وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمات دولية لمحاولة إعادة الحياة لبعض المستشفيات؟

هناك عامل كبير ومهم وهو دعم وزارة الصحة الفلسطينية بالأموال اللازمة لتنفيذ المخطط إعادة البناء لاحقا، وشراء ما يستجد من الأدوية والتطعيمات وأيضا دفع جزء من المرتبات وذلك من خلال الدعم الدولى وإرسال الأموال اللازمة للوزارة كي تستطيع مواصلة العمل في غزة.

كيف أثر منع الاحتلال أموال المقاصة للحكومة الفلسطينية على عمل الوزارة؟

الجميع يعلم أن إسرائيل تقوم بعمليات اقتطاع ووقف نقل المقاصة وهي أموال فلسطينية تجمع في الموانئ وتحجبها إسرائيل وتمنع الحكومة الفلسطينية ووزارة الصحة من القيام بعملها ودفع رواتب موظفيها وغيرها من الاحتياجات اليومية فلا بد أن يكون هناك ضغط دولي كبير لإعادة هذه الأموال ووزارة الصحة الفلسطينية تحتاج إلى أموال طائلة لإعادة تأهيل المرافق بناء مرافق جديدة بدلا من التي دمرت تماما.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة