محمد فهيم عبد الغفار

عنان الجلالى الذى أعرفه.. وداعاً رمز الكفاح

السبت، 22 يونيو 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم أكن يوماً أتخيل أن رجل أعمال بقيمة عنان الجلالى، صاحب سلسلة فنادق هلنان العالمية، سيكون على قائمة أصدقائى، بيد أن نوعاً من الإعجاب الشديد جعلنى أحب هذا الرجل على المستوى الإنسانى والأخلاقى منذ رأيته لأول وهلة، وصارت فيما بعد صداقة ممتدة بيننا.

أتذكر عندما شاهدت عنان الجلالى لأول مرة، في أحد اللقاءات مصادفة، يبدو عليه سمت الوقار والهيبة، لكننى عندما تحدثت إليه وجدته إنساناً غاية في الأخلاق والتواضع، ويكفى أنه حكى لى قصة كفاحه الملهمة، منذ أن رسب مراراً في الثانوية العامة، إلى أن قرر السفر إلى أوروبا للبحث عن فرصة عمل.

روى لى الجلالى، كيف تسكع في شوارع النمسا، وكم من مرات نام في الطرقات وفى صناديق التليفونات، محاولاً الاحتماء من البرد القارس، إلى أن حصل على فرصة للعمل يوميا بدوام كامل داخل إحدى المطاعم في مقابل وجبة طعام.

باغته بسؤالى، كيف تحملت هذا العناء وأنت ابن طبقة اجتماعية ميسورة، فوالده كان ضابطاً، ويسكن في مدينة هليوبوليس، فقال لى بإجابة صارمة: "كنت أعلم ما سأصل إليه بعد هذا العناء وكأنى أرى المستقبل أمامي"، ثم استطرد في رواية قصة نجاحه حين أخبرنى بتدرجه شيئاً فشيئاً  عندما انتقل للعمل في الدنمارك، إلى أن وصل بكفاحه واجتهاده ليكون مدير أكبر فندق في الدنمارك وهو في منتصف العشرينيات من عمره.

"لم أعمل في أوروبا بحثا عن المال، بل بحثاً عن الخبرة والقيمة وبناء الكفاءة"، كان هذا هو الهدف الذى يبحث عنه الجلالى والذى عبر عنه لى بهذه الكلمات، إلى أن قادته خبرته وكفاءته لإنشاء سلسلة فنادق عالمية.

ذات يوم وأنا في صحبته أمام أحد فروع فنادقه بمنطقة التجمع، وكنا نتبادل أطراف الحديث، فجأة قاطعنى قائلاً: "شاهد هذه القمامة المتراكمة على جانب الطريق، ورأيته يمسك بآلة كنس آلية متواجدة أمام الفندق، ويقوم بجمع القمامة بنفسه وهو في كامل حلته وأناقته، قلت له لماذا لا تستدعى أحد العمال المتواجدين كى يتولى هذا الأمر بنفسه، قال لى إنه حريص على أن يفعل هذا الأمر بين الحين والآخر أمام عماله دون أن يوجه لهم كلمه، ليعطيهم قيمة أن "الشارع هو مصدر لقمة عيشنا جميعا فيجب علينا جميعا المشاركة في نظافته".

زادنى دهشة عندما أخبرنى أنه حينما يتجول داخل مطابخ فنادقه للإطلاع على آلية العمل بداخلها، إذا رأى إناء غير نظيف يقوم على الفور بغسله بنفسه، ليعطي للعمال قيمة وشعورا بإنهم جميعا شركاء في العمل من المالك إلى أصغر عامل.

كم تمنيت أن يكون بيننا أرباب عمل بعقلية وفكر عنان الجلالى، الذين يعلمون أن الإدارة ليست مجرد إعطاء أوامر أو نواهي وفقط، بل هي علم وخبرة وتخطيط وكسب ثقة ونفوس العاملين، ليتحولوا من من مجرد موظفين إلى مبدعين يشعرون بإمتلاك محل عملهم، فيفنون في تقديم كل ما يصب في مصلحة العمل.

أدين لك صديقي بما تعلمته منك في فن الإدارة، وبما لمسته من تعاملك الإنساني مع كل من حولك، ولا أقول لك وداعاً بل أقول إلى لقاء.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة