هناك أحداث تاريخية فى حياة الأمم والشعوب لا يكون الحال بعدها كما كان قبلها، أحداث تؤرخ محطات مهمة فى تاريخ الدول، ولا شك أن 30 يونيو 2013 كان حدثا استثنائيا، فى التوقيت، والزخم الشعبى، والوحدة الوطنية، حيث تحركت الملايين بعفوية، ملأت الجماهير الميادين فى كل محافظات مصر بلا استثناء، فقط بعد عام من اعتلاء ممثل مكتب الإرشاد سدة الحكم فى مصر، ملايين لم ترفع سوى علم مصر، فكانت الرسالة واضحة، هذه ليس ثورة «فصيل» ولا تحرك «طائفة» ولا مظاهرات «فئوية»، ولكنها بحق «ثورة كل المصريين».
استثنائية تلك الثورة كانت فى أنها الدرس الأقسى لكل من أراد أن «يمتطى» صهوة المطالب المشروعة، وأن يحاول «تلجيم» الغضب الشعبى ليوجهه فى مسار كارثى ونفق مظلم، تلك الجماعة التى ما وصلت للحكم فى بلد إلا لينتهى الأمر إما بحكم «ثيوقراطى» يقتل وينهب ويثير الذعر باسم الدين، أو تقسيم البلاد وشرذمة العباد فى اقتتال أهلى، وضياع لمقدرات الدولة حتى لا تقوم لها قائمة ـ إن قامت ـ إلا بعد عقود من الزمان.
محورية تلك الثورة بأنها كانت تصحيحا لذلك المسار الكارثى نحو «جمهورية جديدة»، حل فيها «البناء» محل «الهدم»، حيث وجهت الموارد نحو أكثر من 7500 مشروع قومى وشحذت الطاقات نحو رؤية 2030، فكان من الطبيعى أن يكون لمصر عاصمة إدارية حديثة متطورة، وأن تكون «حياة كريمة » أكبر مشروع تنموى فى العصر الحديث، وأن يكون «الحوار الوطنى» ثقافة بين النخب المصرية، وأن تكون «الانتخابات الرئاسية» هى الأضخم فى نسب التصويت، ولكن قدر المحطات الاستثنائية أنها لا بد وأن تواجه تحديات استثنائية أيضا، فبين متربص فى الخارج ومتآمر من بنى جلدتنا يعاونه، وما بين إقليم ملتهب بحروب وصراعات على كل الأصعدة والحدود، وما بين من يهاب التغيير، ومن يحن إلى عصور بائدة، وبين ثقافة مجتمع لا بد أن تواكب ذلك التغيير، وجهاز إدارى يحتاج إلى إعادة هيكلة، وما بين عقود مضت من الفساد وضعف الإدارة، ولكن القيادة التى استطاعت أن تجمع المصريين على كلمة واحدة فى 30 من يونيو، قادرة دائما على استمرار الحلم والإرادة، وكذلك الشعب المصرى الواعى الذى كشف مخططات جماعة توهمت قدرتها على تغيير هوية مصر أو العبث باستقرارها هو شعب قادر على البناء وتجاوز التحدى.
وختاما.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.