اعتذرت الحكومة لجموع الشعب المصري عن أزمة انقطاع التيار الكهربائي وهو اعتذار مقبول، وأعلنت على لسان الدكتور مصطفى مدبولي عن التدابير والإجراءات العاجلة للحد من الأزمة بعد توجيهات وتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة، بمواجهة أزمة الكهرباء التي يعاني منها جموع المواطنين، وخاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة الشديد والغير مسبوق وامتحانات الثانوية العامة.
بداية نؤكد أن الأزمة عالمية والتغييرات المناخية العاصفة لها تأثيراتها السلبية على قطاع الطاقة في دول العالم، رغم الاتفاقيات والمؤتمرات المناخية التي تحذر من التداعيات الخطيرة لأزمة المناخ على دول العالم وخاصة الدول النامية، والأنانية المفرطة للدول الصناعية الكبرى، وتنصلها من مسئولياتها والتزاماتها بالقرارات والتوصيات الدولية لمؤتمرات المناخ من باريس وشرم الشيخ وحتى أبوظبي مؤخرا.
لكن هناك مسئولية داخلية تقع على عاتق الحكومة منذ بدايات الأزمة في الشتاء الماضي وكان عليها اتباع نهج القيادة السياسية في المصارحة والمكاشفة للشعب بحقيقة الأوضاع الداخلية والخارجية. الحكومة كما فعلت بالأمس القريب في المصارحة والمكاشفة كان عليها أن تفعل ذلك منذ عدة شهور ولا تترك جموع المواطنين فريسة للشائعات والأكاذيب في قضية الغاز والوقود اللازم لمحطات الكهرباء.
فكما قال رئيس الوزراء بالأمس وأوضح الكثير من الحقائق بأن مصر لا تعاني أزمة في توليد الطاقة ولا في شبكة النقل والأزمة فقط في توفير الطاقة من الغاز والمازوت وتوفير الموارد المالية لها والتي تقدر بحوالي 1.1 مليار دولار.
أسئلة وشائعات كثيرة خلال الفترة الماضية سرت بين المواطنين وكانت في حاجة عاجلة وفورية إلى إجابات صريحة دون تردد من الحكومة، كما عودنا الرئيس السيسي دائما، لمكاشفة ومصارحة الناس لتجسير فجوة الثقة وعدم ترك الساحة للمغرضين وأصحاب النفوس المريضة و" أهل الشر". والحكومة ينبغي أن تدرك أن أقصر الطرق للحقيقة وثقة الناس هو توضيح الموقف وتفسيره وطرح الحقائق وعرضها عليهم. وهو ما حدث بصورة كبيرة بالأمس داخل الرأي العام على الرغم من الشكوى وحالة الغضب من الأزمة.
الحكومة عرضت خطتها وهي عبارة عن إجراءات عاجلة في استيراد الوقود اللازم خلال الأسابيع القليلة الماضية وتوفير الموارد المالية.. ربما يكون هذا مرضيا للناس وكافيا بشكل مؤقت . لكن يتبقى الأهم والضروري وهو وضع خطط متوسطة المدى وخطط استراتيجية للانتهاء تماما من الأزمة واعلاء مصلحة الوطن والمواطنين.
الكل يعرف خطة الحكومة وهدفها للوصول بإنتاج مصر للكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى 6٫8 جيجاوات بحلول عام 2024، والوصول الى نسبة 42% من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2035. فالطاقة هي عصب التنمية والحافز لجذب الاستثمارات الأجنبية
فالطاقة المتجددة هي المارد الجديد للطاقة في العالم- كما يؤكد الخبراء-، وهي المستقبل والحاضر، والكنز الحقيقي لأى دولة، ومصر تستوعب ذلك جيدا ، فهي من أغنى دول العالم بالطاقة الشمسية وتعتبر في قلب الحزام الشمسي العالمي. ولدينا أكثر من 122 شركة مؤهلة للعمل في مشروعات الطاقة الشمسية، وتستخدم أعلى تكنولوجيا عالمية في هذا المجال
وكما نعرف أن مصر تحتل حاليا المركز الرابع عالميا، من حيث أكبر محطات بالعالم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بعد اﻻنتهاء من تشغيل محطة بنبان الشمسية بقدرة 2000 ميجا وات بالتعاون مع القطاع الخاص بعد الهند والصين ثم محطة أخرى بالهند.
والمعلن والمصرح به أن استراتيجية الطاقة المتجددة فى مصر تتسم بالمرونة الكافية، بمعنى مواكبتها للتغيرات العالمية فى التكنولوجيا، ومن ثم المراجعة الدورية للتكنولوجيات والنظر فى القدرات المستهدفة مستقبليًا، على سبيل المثال، مع التشريعات التي صدرت بشأن قوانين تنظيم الطاقة الشمسية للهيئات الحكومية والخاصة والمنازل وحتى السيارات ومشروعات الري وضخ المياه. والاستثمارات المعلنة للمشروعات الحكومية في الطاقة النظيفة تتجاوز المليار ونصف المليار جنيه واستثمارات القطاع الخاص حوالي 4 مليار جنيه إضافة الى الاستثمارات الضخمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
المسألة تحتاج إلى خطة واضحة للاستغلال الحالي والمستقبلي للطاقة الشمسية والإسراع في تنفيذها وتذليل كافة العراقيل سواء من ناحية الإجراءات أو التكلفة أمام تطبيقها سواء في المنشآت الحكومية والخاصة وفي المنازل وفي كافة مناحي الحياة بشكل مرحلي.
المسألة في حاجة إلى قرار وإرادة سياسية لتطبيق قرارات تركيب محطات توليد الطاقة الشمسية في المنازل والهيئات الحكومية وفقا للشروط التي أعلنتها الشركة القابضة لكهرباء مصر ...وساعتها سوف تنسى مصر وينسى المصريون أزمة الكهرباء.