رغم التحذيرات المصرية المتتالية منذ بداية أحداث طوفان الأقصى من توسيع رقعة الصراع والعمل على احتواء الموقف وما تلته من تحذيرات دولية عربية وأوروبية بل وأمريكية، ورغم أن القاهرة كشفت خطورة سيناريو توسيع رقعة الصراع فى المنطقة، لا سيما مع تزايد حدة وكثافة المناوشات على الساحة اللبنانية، وفى العراق وسوريا، أكثر من مرة، وأكدت على ضرورة وقف استهداف المدنيين وعنف المستوطنين الإسرائيليين، وأولوية وحتمية التوصل لوقف فورى وشامل لإطلاق النار، وضرورة نفاذ المساعدات الإنسانية بالكميات التى تلبى احتياجات سكان قطاع غزة، إلا أن كل ذلك قوبل بتعنت إسرائيلى وخطط لتوسيع رقعة الصراع بالشرق الأوسط.
ما زالت -إسرائيل ونحن قاربنا على الشهر التاسع من بداية أحداث طوفان الأقصى- تسعى خلف سراب تحقيق أهدافها من القضاء على المقاومة الفلسطينية والإفراج عن الرهائن رغم المساعدات الغربية والأمريكية بشكل خاص، إلا أن كل ما تحققه فشل يضاف إلى فشل.
بعد مرور 9 أشهر على بداية الصراع إسرائيل أصبحت فى ورطة كبيرة وكل ما أحرزته على الأرض كان وصمة عار على جبينها وفضيحة لمبادئها التى لطالما أعلنتها مرارا وتكرارا، فما كان ما أحرزته على الأرض إلا تدميرا للبنى التحتية وقتل للأطفال والنساء وتشريد الآلاف من شمال غزة إلى وسطها ومن وسطها إلى جنوبها ومن جنوبها إلى رفح الفلسطينية، إن كل ما تقوم به إسرائيل هو مطاردة للشعب الفلسطينى الأعزل من مكان إلى آخر، دون تحقيق أى هدف من أهدافها المعلنة.
باتت دولة الاحتلال بجرائمها تتعرض للعزلة الدولية شيئا فشيئا وتروج للقضية الفلسطينية، وكانت آخرها إعلان إسبانيا انضمامها إلى جنوب أفريقيا فى الدعوى التى قدمتها الأخيرة أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الاحتلال فى ديسمبر 2023، وانضمت إليها تشيلى ومصر فى وقت لاحق.. وأكدت خلالها جنوب أفريقيا أن الحصار الذى تفرضه دولة الاحتلال على غزة يرتقى إلى الإبادة الجماعية، وينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية التى أبرمت بعد المحرقة فى 1948، وأعلنت أكثر من 50 دولة تأييدها للدعوى.
أما على الصعيد الإقليمى فقد أعلن جماعة الحوثيين منذ الأشهر الأولى للصراع أنها ستستهدف السفن التى ترفع العلم الإسرائيلى أو تديرها شركات إسرائيلية أو يملكها أشخاص إسرائيليون، وحذرت فى بيان لها كافة الشركات والتجار من شحن بضائعهم ومصالحهم مع السفن الإسرائيلية أو التعامل معها، وأعلنت القوات البحرية اليمنية أنها مستمرة فى تنفيذ عملياتها العسكرية "ضد سفن ومصالح العدو الإسرائيلى حتى يتوقف عدوانه على غزة ويكف عن جرائمه بحق الشعب الفلسطيني".
وبين الحين والآخر، تتبنى فصائل المقاومة فى العراق قصف مناطق فى إسرائيل، وقواعد أمريكية فى سوريا والعراق ردا على الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، محذرة الولايات المتحدة من أنها "ستزيد عدد العمليات المسلحة ردا على مواصلة واشنطن تقديم المساعدة العسكرية للجيش الإسرائيلى"، ومؤخرا، مع التصعيد فى بين "حزب الله" اللبنانى وإسرائيل، حذرت فصائل عراقية إسرائيل من شنها حربا شاملة على لبنان، معلنة استعدادها للمشاركة فى القتال، حيث أكدت "عصائب أهل الحق" أن مصالح أمريكا بالعراق والمنطقة محل استهداف إذا واشنطن دعمت إسرائيل بهجوم على لبنان، كما هدد الأمين العام لكتائب "سيد الشهداء" التابعة للحشد الشعبى العراقى أبو آلاء الولائى إسرائيل بـ"قتال من نقطة الصفر" إذا شنت حربا على لبنان وباستخدام كامل الترسانة العسكرية.
وقبل ساعات قليلة من كتابة مقالى هذا أعلن حزب الله قصف أهداف عسكرية إسرائيلية، فى حين أعلن الجيش الإسرائيلى إصابة 6 من جنوده على الحدود مع لبنان، وأكد وزير الدفاع الإسرائيلى أن بإمكان إسرائيل إعادة لبنان إلى العصر الحجرى، لكنها لا تسعى للحرب مع حزب الله، وقال حزب الله إن مقاتليه هاجموا 6 أهداف إسرائيلية قبالة الحدود، وفى مزارع شبعا المحتلة، كما استهدفوا مبانى يستخدمها جنود إسرائيليون فى مستوطنات المطلة وأفيفيم وايفن مناحم، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها، وسقوط من بداخلها بين قتيل وجريح.
ومما سبق من مقدمات أستطيع أن أؤكد أن إسرائيل التى قضت 9 أشهر فى حربها على غزة -وبكل الجرائم التى ارتكبتها وبكل المساعدات التى قدمتها الدول الغربية والولايات المتحدة بلا حساب، ولم تستطع أن تحقق أهدافها حتى الآن بعد أن تكبدت من الخسائر ما تكبدت ببسالة وجلد الفصائل الفلسطينية- لن تستطيع أن تحارب كل تلك الجبهات المفتوحة فى الجنوب والشمال والفصائل فى ظل اضطراب داخلى وتظاهرات لا تهدأ، ومحاولات للفرار من الداخل إلى دول أخرى وخسائر اقتصادية فادحة، فى النهاية إسرائيل ذلك الحلم الواهن سينكسر ويموت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة