منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية في فبراير من عام 2022، تعانى موسكو من الاستهدافات الأوكرانية التي تركز على مركز الاتصالات الروسية، الأمر الذي دعا وزارة الداخلية في موسكو إلى إصدار بيانا توضح فيه أن أكثر من 90% من جرائم تكنولوجيا المعلومات في البلاد ترتكب من مراكز الاتصال الأوكرانية باستخدام التقنيات الحديثة، لا شك من أن ذلك يشير إلى ضعف موسكو في التصدي إلى تلك الهجمات التي تؤثر بشكل كبير على نتائج الحرب الدائرة بين البلدين، وتظهر قدرات موسكو الضعيفة في التعامل مع تلك الهجمات.
فهجوم موسكو الذي وقع في شهر مارس من العام الجاري، والذي أسفر عن مقتل قرابة 139 شخصًا وإصابة أكثر من 145 آخرين، ونفذه أشخاص قدموا من خارج الأراضي الروسية بحسب اتهامات موسكو، يؤكد أن هناك خلل في قطاع الاتصالات الروسي، فالهجوم على قاعة كروكوس سيتي، يعد الهجوم الأكثر دموية في روسيا منذ أزمة رهائن مدرسة بسلان في عام 2004 والأكثر دموية في العاصمة الروسية "موسكو" منذ تفجيرات الشقق السكنية عام 1999.
أما الهجوم على الكرملين، الذي نفذ بطائرة مسيرة انتحارية في يوم 3 مايو من عام 2023، وأعلنت روسيا حينها أن العملية هدفها اغتيال رئيس روسيا الاتحادية فيما أعلن الكرملين أنه "نتيجة الإجراءات التي اتخذها الجيش والأجهزة الأمنية الخاصة في الوقت المناسب باستخدام أنظمة الرادار تم تعطيل الطائرتين"، لكن الحقيقة أن هذا الأمر لا يعد "الوقت المناسب" بحين تصل مسيرة قادمة من خارج الأراضي الروسية إلى سطح "القلعة المحصنة" أو ما يطلق عليه "الكرملين" باللغة الروسية أو ما يعنى مركز موسكو القديم بمبانيه وهو محاط بجدار ضخم طوله ميلان ونصف وارتفاعه 65 قدما، ويضم عدة قصور فاخرة كانت قديما ملكا للقيصر ورجاله قبل أن تتحول إلي متاحف، يشير إلى ضعف واضح في أنظمة الاتصالات في روسيا أيضا.
أما يونيو الجاري فقد قتل أكثر من 20 شخصا بينهم قوات من الشرطة وعددا من المدنيين وكاهن في هجمات مسلحة على كنيس يهودي وكنيستين أرثوذكسيتين ونقطة تفتيش للشرطة في داغستان بإقليم شمال القوقاز بروسيا، على الفور أعلن رئيس جمهورية داغستان الروسية سيرغي ميليكوف أنه "يعرف من وراء الهجمات والهدف الذي يسعون إليه"، بإشارة إلى الحرب المستمرة في أوكرانيا، كما نقلت وكالة تاس الرسمية للأنباء عن مصدر أمني قوله إن "المسلحين الذين نفذوا الهجمات هم من أنصار منظمة إرهابية دولية"، لم يسمّها.
وعلى مدار الأسابيع الماضية، ضربت قوات الدفاع الأوكرانية ثلاث قطع من المعدات الروسية النادرة، وتحديدًا نظام الدفاع الجوي R-934B "سينيتسا"، ونظام المراقبة البصرية بعيدة المدى "موروم-إم"، ونظام الدفاع الجوي التكتيكي "تور-إم2"، ووفق وكالة الأنباء الأوكرانية ضرب الجيش الأوكراني 15 نظام دفاع جوي روسي في شبه جزيرة القرم، وبلغ إجمالي الخسائر القتالية الروسية في الحرب الدائرة خلال الفترة من 17 إلى 23 يونيو 2024، 8050 جنديا؛ 63 دبابة، 129 مركبة مدرعة قتالية؛ 282 قطعة مدفعية، 4 إم إل آر إس، 10 قطع من معدات الدفاع الجوي، 166 طائرة بدون طيار تكتيكية-عملياتية؛ 19 صاروخ كروز، 281 سيارة وشاحنة وقود، 346 قطعة من المعدات ذات الأغراض الخاصة، بحسب بيان لوزارة الدفاع الأوكرانية، بالإضافة إلى إعلان كييف الأخير عن استهداف مركز الاتصالات الفضائية الروسي في شبه جزيرة القرم.
من المؤكد أن كل تلك الهجمات الأوكرانية على الأهداف الروسية، تشير إلى وجود خلل في أجهزة الاتصالات الروسية والاستخبارات والأمنية، لأنها تركز بشكل كبير على الحرب ضد أوكرانيا وتنسى خطر الهجمات المرتبطة بهذا النزاع في الداخل الروسي، ولا شك أن إتهام موسكو الموجه إلى رئيس منطقة سيرجوكالينسكي في داغستان، بسبب ضلوع اثنين من أقاربه في الهجوم، يؤكد أيضا هذا الضعف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة