لا شك أن الحوار الوطنى ليس مجرد منصة تواصل ولكنه فى الحقيقة ملتقى لجميع الآراء لكل من هو مهتم بالشأن العام على قاعدة أساسية.
ودعونا نعود بالذاكرة للهدف من الدعوة لهذا الحوار تقريبا منذ عامين. كلنا نتذكر أن السيد الرئيس دعا للحوار لوضع وتحديد أولويات العمل الوطنى فى المرحلة المقبلة، ومنذ ذلك التاريخ كان هناك عمل هائل وضخم قامت به الأمانة الفنية، من خلال كوادر مدربة من الهيئة الوطنية للتدريب، وقامت باستقبال ما يقرب من 90 ألف استفسار وسؤال فى كل المجالات، تمت فلترتها إلى ثلاثة ملفات «اجتماعى وسياسى واقتصادى»، ودعى أكثر من 400 هيئة من خلال مجلس حوار يجمع كل أطياف المجتمع، وهو أمر ساعد على نجاح الحوار فى أن يحظى بثقة المشاركين فى هذا الحوار، وتحديد ما يقرب من 120 قضية وموضوعا تمثل تقريبا كل ما يهم المواطن المصرى.
أعتقد أن نجاح هذا الحوار كان من بوابة أساسية، وهو اتفاق الجميع بمختلف أطيافهم على أن هناك مساحة مشتركة بين الجميع هذه المساحة أصبحت توافق فى أغلب الأحيان على معظم القضايا لا سيما أن مبدأ المغالبة غير موجود فى هذا الحوار.
وعلى مدار عام من التواصل، استطاع الحوار الوطنى أن يناقش أكثر من نصف القضايا المطروحة فى الملفات الثلاثة والخروج بحلول ملموسة
ومدروسة لمعظم القضايا التى طرحت على الحوار.
ولعل التزام الحكومة بما وعد به الرئيس من تنفيذ كل ما ينتهى إليه الحوار من توصيات، أعطى دفعة للحوار الوطنى وبالتالى زادت المصداقية فى الحوار وجدواه، وهو الأمر الذى أنجح الحوار فى مرحلته الأولى، والخروج بتوصيات وحلول لمعظم القضايا الوطنية فى الملفات الثلاثة، لكن فى اعتقادى أن هناك مكاسب أخرى قد تكون مهمة للغاية، وعلى سبيل المثال خلق حالة من الاصطفاف الوطنى لكل أو معظم أطياف اللون السياسى بعد فك حالة الركود السياسى والمجتمعى فى مرحلة ما قبل الحوار.
أما بخصوص ما تم طرحه من قضايا، فقد استطاع الحوار مناقشة ما يقرب من 70 قضية فى وجود، تقريبا، كل ألوان الطيف السياسى فى مصر، وتم الوصول إلى حلول مدروسة وقابلة للتطبيق لمعظم هذه القضايا.
هذا النجاح الملموس لم يكن ليحدث إلا وهناك قناعة من الدولة بجدوى وأهمية نجاح الحوار، لتحقيق الهدف من إجرائه، وهو الأمر الذى جاء بناء على وعد الرئيس بتلك التوصيات، وحرص الحكومة على تنفيذها من خلال إنشاء تنسيقية للحوار مع الحكومة لمتابعتها،
ولعل ما جاء بخطاب الرئيس، بعد فوزه بالانتخابات، بضرورة استمرار الحوار كأحد استراتيجيات الدولة المصرية مع دعوته لأن يتم الحوار فى المرحلة المقبلة بصورة أعمق وأشمل مع اعتبار المحور الاقتصادى محورا أساسيا بجانب الاهتمام بإنجاز الملفات الأخرى.
ومن هنا يتبين أن نجاح الحوار فى تحقيق الهدف من إجرائه فى المرحلة الأولى يعطى ثقة فى هذا الحوار، ووجوب استمراره لاستكمال هذا النجاح فى مناقشة باقى القضايا، مع ملاحظة أن مجلس أمناء الحوار استطاع أن يكون رقما مهما فى المتابعة، ليس فقط ما أسند له من قضايا بل استطاع أن يكون مشاركا فى كل الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية سواء محلية أو إقليمية، حيث إن هذا الحوار أصبح ركنا أساسيا لتقريب المسافات ما بين المواطن وما يمثله من أحزاب وقوى سياسية والحكومة، فكان لا بد من طرح الملف الاقتصادى على أولوية عمل الحوار الوطنى مع ملاحظة أمرين، الأول أن الرئيس أمر بطرح كل القضايا والملفات الاقتصادية التى طرحت فى المؤتمر الاقتصادى الذى عقد قبل بداية الحوار.
والأمر الثانى هو طرح رؤية الحكومة الاقتصادية للفترة المقبلة على مائدة الحوار مع التزام الحكومة بالحضور والمشاركة مع تقديم كل المعلومات اللازمة، للوصول إلى نقاش جاد ينتهى بحلول واتفاق على رؤية توافقية للاقتصاد المصرى فى المرحلة المقبلة.
وما تجدر ملاحظته، هو أن الحوار حقق نجاحا كبيرا فى تقريب المسافات بين المواطن والحكومة، فأصبحا فى حالة تواصل مستمر من خلال الحوار، وهو الأمر الذى جعل دعوة رئيس الحكومة مناقشة قضية الدعم وكيفية تقديمه ولمن يقدم وآليات تنفيذه، لتحقيق الهدف منه وهو الوصول لمستحقيه، تلك القضية التى كانت وما زالت شديدة الحساسية، فلم تجد فى أى مرحلة سابقة إجابات واضحة وشافية ومرضية للمواطن، لا سيما أنه ملف يمس بصورة مباشرة قطاعا كبيرا جدا من الشعب، وهو الأمر الذى يضع مسؤولية كبيرة على مجلس أمناء الحوار وكل المشاركين فيه.
فى النهاية، نخلص إلى أن الحوار الوطنى، وإن كان ليس بديلا لأى هيئة تشريعية أو تنفيذية، إلا أنه نجح باقتدار فى أن يحوز ثقة الهيئات والأحزاب والمجتمع والحكومة، لأنه ليس حوار نخبة، ولكنه حوار مواطن وحكومة بدعم ورعاية من الرئيس السيسى الحريص على إقامة هذا الحوار وتحقيق الهدف من الدعوة إليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة