زكى القاضى

حكايتى مع 30 يونيو واتصال 3 يوليو

الأحد، 30 يونيو 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أتذكر تلك الأيام جيدا، تلك الفترة ما بين شهر أبريل 2013 وحتى يوليو 2013، والتى شهدت مولد حركة تمرد، تلك الحركة الشعبية المصرية العفوية، والتى جاءت تعبيرا عن قدرة المصريين على التغيير، بل وخلع جماعة لها باع فى الحياة العامة المصرية، فاستطاعت حركة تمرد مع غيرها من الحركات والجبهات فى المساهمة بشكل كبير فى إزاحة الإخوان عن مصر عموما، لتخرج مصر مجددا للنور، وتهرب من مصير مأساوى للغاية كان مكتوبا عليها، فى ظل حكم جماعة إرهابية لا ترضى بغير الإخوان بديلا، وهو ما تم بفضل الله وبإرادة الشعب المصرى، وبتأييد الجيش المصرى وقيادته فى ذلك التوقيت، لنسجل ثورة عظيمة فى التاريخ عموما، وثورة متفردة فى أحداثها فى التاريخ المصرى.

فى أحد ليالى شهر مايو 2013، أتذكر ذلك الاتصال الهاتفى بينى وبين أحد المسؤولين الكبار فى الدولة المصرية، حينما وقعت فى مساحة التشويش، فسألته بشكل مباشر: «حضرتك شايفنا إزاى»، كان لفظ « إزاى» استدلالى يبحث عن إجابة تطمئنه، وكان الخوف يتملكنى بكل ما تعنيه الكلمة، فنحن لدينا يقين داخلى بأن الإخوان ومن فى حكمهم يعدون لنا العدة، ويضعون القوائم، وهم مغرمون بالقتل والتنكيل بكل من ضدهم، وحينما سألت ذلك المسئول وصمت بعض الوقت، ظننت أنه لن يتحدث، ربما يكون قد ارتاب من سؤالى هاتفيا فذكرنى برقم خطه الأرضى، وكان موجودا لدى مسبقا، وطلبته فأجابنى: «انت عايز إيه يعنى، أجاوبك أقولك إيه»، فطلبت منه قائلا: «أنا عايز بس أعرف انتوا شايفينا إزاى»، فأخبرنى بتلك الرسالة التى أحفظها وأنقلها لكم بكل صدق قائلا: «تمرد حركة شبابية طاهرة، لديها طموح بأن تغير الوضع، وترى فينا ثقة لدعم مطالب الشعب، لكن لكل حدث حديث»، أغلقت معه الهاتف وأنا أفكر فى تلك الإجابة، ومرت الأيام وكنا قد اقتربنا من 30 يونيو فتواصلت مع قيادة كبرى توفاها الله الآن وسألته: «يافندم انتوا هتسيبوا البلد كدة.. الناس تايهة»، فأجابنى بصوته الوثيق قائلا: «الجيش المصرى عمره ما ساب الشعب المصرى يا زكى، بس خلينا نحاول نلاقى حل لآخر لحظة»، أخذت منه الإجابة وصمت، فقد كان الشارع يغلى، وثورة الشعب بوادرها تملأ الميادين.


فى 30 يونيو 2013، ذلك اليوم المشهود شاركت فى مسيرة من مصر الجديدة، مع الزملاء محمود بدر وحسن شاهين ونورهان طمان، وأستطيع القول إن ثقتنا فى التغيير كانت كبيرة، فقد كان هناك وعد الـ3 أيام، وهو وعدنا الضمنى مع كل القوى السياسية والشعبية بالالتزام بالميادين لمدة 3 أيام، وحينها ستفهم الدولة المصرية ضرورة تدخلها، وهو ما توقعناه وحدث، وتدخل الجيش المصرى ببيانات متتالية، حتى وصلنا للبيان العظيم فى 3 يوليو 2013، والذى أعلنت فيه مصر زوال حكم جماعة الإخوان، بل وانتهاء الإخوان أنفسهم من مصر والعالم فيما بعد، ومن مفارقات ذلك اليوم أتذكر أننى قابلت سيدتين أشقاء كبار فى السن فى تلك المسيرة، ظلا يتواصلان معى لعدة سنوات حتى توفى إحداهما الله منذ عامين تقريبا.


من بين ذكريات تلك الفترة أننا كنا نقطن فى شقة رقم 902 فى نهاية شارع خضر التونى، وكانت تطل على رابعة العدوية فى الشارع الفاصل بين وزارة الدفاع القديمة ومول شهير، وكنا نطلق عليها اسم « بطن الزير»، والتى شهدت تواجدنا بجانب مقرين آخرين فى وسط البلد وشارع صلاح سالم، وأتذكر فى أحد الأيام بعد أن امتلأت الشوارع بضباط الجيش بعد انتشارهم فى كل ربوع مصر، بأن أحد الضباط شاهد أن شبابا يرتادون كثيرا على العمارة، فطلب من أحدهم بأن يدخل «الحمام»، وهو لا يعرف أن ذلك المقر هو مقر حركة تمرد، وحينما جاء ذلك الشاب مع الضابط، اعتقدنا جميعا بأن الجيش سيتخذ إجراء معنا، وسيطر علينا القلق بشكل كبير، حتى أن بواب العمارة كان يقف أسفل المبنى ويطلب من كل القادمين ويعرفهم بأن يغادروا بسرعة لأن الجيش فى الشقة، ولم يكن يعرف أن الضابط شريف درويش ماهو إلا ضابط يرغب فى دخول الحمام لا أكثر، وقد تعرف علينا حينها ولم ينبهنا لذلك لعدم إثارة القلق.


فى 3 يوليو 2013 .. ذلك التاريخ الذى أعلن العالم فيه أن المصريين قادرون على التغيير، فقد شاركت _ بجزء بسيط_ بصفتى عضوا فى حركة تمرد، حينما جاء الاتصال الهاتفى من وزارة الدفاع المصرية يطلبون فيه حضور حركة تمرد لمقر فى شارع الثورة للحديث مع القوى السياسية للوصول لحل لما يتم فى الشارع، وكانت وسائل التواصل بين الحركة والقوات المسلحة غير موجودة رسميا على الإطلاق قبل ذلك اليوم، وبالفعل تحققت المهمة، ووصلت تمرد بأعجوبة للمكان وحدث ما حدث بعدها.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة