تمر اليوم ذكرى سقوط مدينة "ماردة" في أيدي المسلمين بقيادة موسى بن نصير، وذلك في مثل هذا اليوم 30 يونيو عام 713 م، حيث تمكن المسلمين من فتح المدينة بعد سنة من حصارها.
وحسب ما جاء في كتاب "أطلس تاريخ الدولة الأموية" لـ سامي بن عبد الله المغلوث في فصل بعنوان العبور الثاني إلى الأندلس بقيادة موسى بن نصير سنة 73 هـ: كان موسى بن نصير يتابع سير الجيش الإسلامي بقيادة طارق بن زياد في الأندلس، حتى إذا أدرك أنه في حاجة إلى مدد بعد أن استشهد منه في المعارك ما يقرب من نصف الجيش، ألزم طارقا بالتوقف، حرصاً على المسلمين من مغبة التوغل في أراض مجهولة، وحتى لا يكون بعيداً عن مراكز الإمداد في المغرب، ثم عبر موسى بن نصيرفي عشرة آلاف من العرب وثمانية آلاف من البربر إلى الجزيرة الخضراء في (رمضان 93 هـ = يونيه 712)، وشيّد بها مسجداً وانتظر هناك حتى تم عبور سائر الجند واطمأن على سلامتهم وحسن ترتيبهم، وسار بجنوده في غير الطريق الذي سلكه طارق، ليكون له شرف فتح بلاد جديدة، فاستولى على شذونة، ثم اتجه إلى قرمونة وهي يومئّذ من أمنع معاقل الأندلس ففتحها، ثم قصد إشبيلية وهي أعظم مدائن الأندلس شأناً، وأعجبها بنياناً، وأكثرها آثاراً، وكانت عاصمة للأندلس، قبل أن يغلب القوط عليها، فحاصرها، لكنها استعصت على المسلمين أشهراً، وفتحها الله للمسلمين، فدخلوها، ووجدوا فيها يهوداً، وسمحوا لهم بحرية العبادة، وكافة الحقوق التي قررها الإسلام لأهل الذمة، ثم واصل جيش موسى زحفه، ففتح لبلة و ليلة وباجة.
وتابع كتاب "أطلس تاريخ الدولة الأموية": ثم وصل إلى ماردة، فوجدها ''مدينة حصينة لها سور، لم يبن للناس مثله"، وقد تجمع فيها فلول القوط، حتى صار لهم فيها جيش قوي فحاصرها، لكن قواتها خرجت تحارب من خلف الأسوار المنيعة، فنالوا من المسلمين وآذوهم، ثم تجاسرواء وصاروا يفتحون باب المدينة، ويهاجمون المسلمين ثم يعودون إلى مدينتهم، بعد أن يوصدوا بابها، فلجأ موسى إلى حيلة للإيقاع بهم، حيث أمر مجموعة من فرسان المسلمين بالاختباء في نقب صخري قريب من السور، وعندما خرج جنود القوط ليقاتلوا المسلمين كمادتهم، فوجئوا بفرسان المسلمين في ظهورهم، فسقط منهم عدد كبير من القتلى، وتحصن القوط داخل أسوار المدينة ولم يخرجوا، فصنع حاجز من الحديد، يحمى من بداخلها من سهام العدو، ويستعان بها في فتح ثغرة في سور المدينة، وبينما كان المسلمون منهمكين في نقب السور، خرج مجموعة من فرسان القوط من الياب وباغتوهم، فاستشهد من وراء الحاجز الحديدى، فسمَّي ذلك البرج برج الشهداء، وظل يحمل هذا الاسم إلى زمن سقوط الأندلس، واستمر الحصار إلى آخر رمضان من عام 94 هـ وانتهى بفتح المدينة صلحًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة