يبدو أن الاجتماع الوزاري السابع والثلاثين الذي يشمل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والدول المشاركة معها (أوبك بلس) حمل كثيرا من الإرشادات والمناقشات، وكذلك المعطيات الجيوسياسية الطارئة في أوكرونيا والشرق الأوسط، التي جعلت التعاون المستهدف من الدول المصدرة للنفط آلية النهج الوقائي والتوقعي في ردع أي تصدع أو خلاف داخلي أو خارجي بل ومواجهة أي تكتلات من شأنها زعزعه تحالف الأوبك.
وركز الاجتماع على تذكير الدول الأعضاء بميثاق التعاون المشترك والذي وقعت عليه كل الدول الأعضاء في 2016، وأعادت التأكيد عليه أيضا في 2019، وكذلك في هذا الاجتماع.
وقد بدأت منظمة الأوبك والأوبك بلس مطلع هذا العام بتخفيض الإنتاج من 6 دول في الأوبك، ودولة وروسيا من خارج الأوبك، حيث كان الإنتاج اليومي قبل أتفاق التزام الخفض يمثل 28.3 مليون برميل وخفض الي 26.4 مليون برميل بينما دول الأوبك بلس كانت تنتج 11 مليون برميل وخفضت إنتاجها إلى 10.6 مليون برميل، وعلى ضوء تقارير صندق النقد الدولي وكذلك وكالة الطاقة الدولية والتي أوضحت أنه عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط وخاصة مناطق المضايق في بحر العرب ومدخل البحر الأحمر وكذلك شرق أوروبا له تأثير علي حركة النقل البحري للناقلات النفطية التي تداركتها كل التعاقدات بالعقود طويلة الأجل التي تعطي ارتياحيه في الأسواق النفطية والبورصات وتقلل من تذبذبات الأسعار.
بينما على الناحية الأخرى هناك تقارير عن دول خارج إطار تحالف أوبك مثال البرازيل وناميبيا والنرويج وأنجولا لجأت حكوماتها إلى زيادة قدراتها الإنتاجية، نظرا للاحتياجات الاقتصادية لتلك الدول، مما يتوقع زيادة المعروض بمعدل 1.8 مليون برميل يومي والتي قد يمتصها أسواق الصين والهند، نظرا لارتفاع معدل الطلب لديهم إلى ما يزيد على 1.2 مليون برميل.
وهناك بعض دول الأوبك قد تعاني انخفاضات متوقعة خلال الربع الرابع من 2024 لدول المنظمة مثل العراق وفينزويلا وليبيا ونيجيريا، نظرا لحالة عدم الاستقرار الأمني في بعض تلك الدول، والبعض الآخر لديه مشاكل فنية في البنية التحية للحقول، ويتوقع معدل انخفاض في الإنتاج ما بين 0.8 -0.6 مليون برميل.
وطبقا للمؤشرات العالمية بالنسبة للاقتصاد العالمي والتي ذكرها التقرير الربع سنوي لصندق النقد الدولي في ان معدل النمو خلال 2024 يمثل 3.2% مع توجه إلى هبوط ناعم بسبب الأزمات الاقتصادية في كل من اليابان وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى ارتفاعات نمو في الصين والهند وتحفيزات في منطقة اليورو لرفع مستويات التصنيع المحلي والاعتماد والمنتج الأوروبي وتقليل شراهة الاستيراد من الصين، والاعتماد على اليورو في توطين نقص الصناعات، وعليه فان خريطة العالم مستقبليا لعام 2025 في استهلاك كميات النفط ستزيد الي 107.7 مليون برميل يومي ينتج منها حاليا 104.6 مليون برميل يومي.
وعليه فإن معدل النقص بين المتوقع والحالي حوالي 3.1 مليون برميل، جزء منها حوالي 1.8 مليون من زيادة إنتاجية الدول خارج الأوبك والمتبقي 1.3مليون برميل وهي المستهدف من رفع سقف الإنتاج اليومي للأوبك.
ومن مجمل عام خريطة العرض والطلب والمتوقع نجد أن استمرارية خفض سقف الإنتاج الذي تنتهجه تحالف الأوبك والأوبك بلس قد يلاقي تحديات لزيادة المعروض من الولايات المتحدة والتي قد تستهدف رفع انتاجها اليومي لأكثر 0.5 مليون برميل يومي، وفي نفس الوقت تستخدم مليون برميل من مخزونها الاستراتيجي حتي تستطيع خفض سعر البرميل تحت الـ 80 دولارا، والذى يمثل لها ارتياحيه الشراء وزيادة المخزون وأيضا إعطاء تنشيط لمنطقة اليورو التي تستورد كميات كبيرة من النفط.
إن الدول التي تعاني اقتصاداتها سلبا من تذبذبات سعر البرميل لابد أن يكون لديها نهج وقائي من حرب البرميل القادمة في 2025، ولذا لابد لها من التخزين والعقود مركبة الأجل التي تعني تعاقدات إلى 3 سنوات فأكثر أو عقود تأمينية للبرميل الخام.. وإلى تكملة قادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة