حالة من الغرور أصابت رئيس وزراء الاحتلال تدفعه لمزيد من التورط من دون أى حسابات لتداعيات اتساع الصراع، وطول أمد الحرب التى تخلف كل يوم عشرات الضحايا من الأطفال، وهو ما يجعل الحرب من دون مواربة إبادة عرقية تستهدف قتل الشعب الفلسطينى فى غزة، مصحوبة بتصريحات عنصرية، يعلن فيها وزير الأمن والمالية رفض الدولة الفسطينية والحديث عن إبادة وقتل وتصفية مع رفض لأى محاولات سلام .
هناك أيضا احتمالات كبيرة لاتساع النزاع إقليميا بشكل يؤثر على السلم والأمن الإقليمى والدولى، خاصة فى شمال إسرائيل على جبهة لبنان بجانب استمرار رفض جهود التهدئة وآخرها المشروع الأمريكى لوقف إطلاق النار، والذى طرحه الرئيس جو بايدن الجمعة قبل الماضية ولا تزال اسرائيل تناور لعدم الالتزام بأى مساع للسلام وتتوسع فى العمليات العسكرية فى رفح وترتكب المزيد من المذابح فى المخيمات وأيضا فى مخيم الأونروا بغزة والذى شهد سقوط شهداء وجرحى.
خلال الشهور من 7 أكتوبر وحتى الآن، قتل الاحتلال الإسرائيلى أكثر من 36 ألف فلسطينى فى غزة منهم أكثر من 15 ألف طفل، ومع هذا لم يتم تحقيق أى أهداف، بل أصبحت إسرائيل تعيش أكثر أيامها خوفا، بجانب غياب أفق أو أهداف واحتمالات اتساع الصراع بشكل غير مسبوق بالرغم من جهود كثيرة بذلت لمنعها، خاصة الجهود المصرية المستمرة سياسيا ودبلوماسيا، لكن هناك قفزات فى الفراغ من قبل نتنياهو وحكومته تجاه توسيع دوائر الصراع.
وهناك تحذيرات من الغرور الإسرائيلى وعدم الاهتمام بخطر الحرب، وقد حذر وزير المالية السابق فى إسرائيل رونى بار أون، من توسيع الحزب فى الشمال وقال إن اسرائيل إذا استمرت فى هذه الوتيرة « نحن نذهب للخسارة» وهو ليس وحده لكن هذه التحذيرات تستمر من أطراف مختلفة ومسؤولين سابقين يحذرون من توسيع الحرب فى الشمال مع حزب الله، بالرغم من بقاء الصراع فى سياق محدود على مدى الشهور الماضية، وعدم رغبة إيران أو حزب الله فى توسيع الصراع إقليميا، وهناك تقديرات بأن توسيع رقعة الحرب وفتح جبهة فى الشمال لن يكون فى صالح إسرائيل لدرجة أن رئيس مجلس «الأمن القومى» سابقا جسورا إيلاند، يطالب بطرد نتنياهو لأنه يعرض أمن إسرائيل للخطر، ويرى أن إسرائيل تخسر الحرب كلما طالت، وإن احتمالات الخسارة كبيرة فى لبنان إذا تم فتح جبهة هناك .
والواقع أن التحذيرات من خارج الحكومة تعكس الانقسام داخل حكومة نتنياهو ، الذى لا يسانده سوى المتطرفين داخل الحكومة وداخل المجتمع الإسرائيلى نفسه ، ممن يعرفون حجم الأزمة الاقتصادية التى تحاصر إسرائيل من كل الجهات، حيث لم يسبق أن طالت الحرب بهذا الشكل، وظهر اعتماد إسرائيل تماما على الولايات المتحدة، وهناك تحذيرات من داخل الحكومة بجانب الصورة السيئة للاحتلال أمام العالم ومخاوف المجتمع الإسرائيلى من غياب أى صور للمستقبل فى ظل الحرب المستمرة التى ما إن تنتهى حتى تسفر عن خطر غياب الخطط.
الشاهد أن الرغبة فى توسيع الصراع تشير إلى أزمة غرور، وخوف من محاسبة على حرب لم تعد بأى انتصارات، وصنعت صورة عنصرية لاحتلال خطر على نفسه والعالم .
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع