لا شك أن القطاع الزراعي من القطاعات التي تحتاج إلى الكثير من الجهد لتحقيق الثمار الاقتصادية المطلوبة منها، وذلك لما في القطاع الزراعي من فرص هائلة ينقصها تكثيف الضوء عليها.
في الآونة الأخيرة برز مصطلح الزراعة المستدامة في ضوء المساعي العالمية والمصرية نحو استدامة جميع القطاعات في مواجهة التحديات البيئية والتغيرات المناخية، ولعل القطاع الزراعي هو الأهم طبقًا لطبيعته الأكثر تأثرًا بتلك التغيرات.
ولا شك أن الزراعة المستدامة ستكون هي الأداة الرابحة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاكتفاء الذاتي من الغذاء بمصر، حيث تتمتع بعدد لا محدود من الفرص التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها بشكل أوسع، والعمل على تأهيل الشباب للعمل في القطاع الزراعي بدلًا من توجههم نحو بيع أو استأجار الأراضي التي يملكونها مقابل مبالغ من المال.
ومن هنا تظهر أهمية الجانب التأهيلي لأصحاب الحيازات الزراعية عن طريق تقديم برامج توعوية وخطط استثمارية تمكنهم من الاستفادة من فرص العمل المختلفة في المجال الزراعي، والتوجه نحو زراعة أنواع جديدة مطلوبة في الوقت الراهن.
ولعل التجارب التي تحققها مصر في قطاع الزراعة هي خير مثال على أهمية الاتجاه نحو القطاع الزراعي بطرق مختلفة، فاتجهت مصر مؤخرًا إلى خوض تجارب جديدة في الزراعة مثل البن والستيفيا، بعد تزايد الطلب على السكر واستهلاك كمية كبيرة من الكافيين بمصر، ولعل تلك التجارب تعكس امتلاك مصر بتراثها الزراعي الغني وظروفها المناخية المواتية، فرصة للاستفادة من الممارسات المستدامة لتعزيز الأمن الغذائي، وتعزيز الحفاظ على البيئة، ودفع التقدم الاقتصادي.
تلك المساعي من الممكن أن تعزز فرص مصر في زيادة نسبة الصادرات من المنتجات الزراعية المختلفة الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي ومباشر على الاقتصاد، مع الأخذ بعين الاعتبار النباتات التي تحتاج كمية قليلة من الماء، مما يضمن استدامة النمو في هذا المجال.
علاوة على الفوائد البيئية للزراعة المستدامة، فإن القطاع الزراعي بارز نصب أعين المستثمرين، حيث يبحث المستثمرون بشكل متزايد عن فرص الاستثمار المستدامة والمسؤولة، لتحقيق أرباح طويلة الأمد وتأثير إيجابي، ولعل المستحدثات التكنولوجية في المجال الزراعي جعلت السوق أكثر جاهزية لإنتاج أفضل بشكل أسرع.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لتعزيز الزراعة المستدامة، تعزيز تنافسية المنتجات الزراعية المصرية في الأسواق الدولية، والوصول إلى الأسواق العالمية الراقية، مما يزيد من ربحية القطاع ويجذب المزيد من الاستثمارات.
فمن وجهة نظري، هناك حاجة ملحة لإعادة بناء الأفكار الإبداعية في مجال الزراعة وخلق بنية تحتية متطورة تسهم في جذب الشباب للاستثمار في هذا القطاع، لما له من انعكاسات اقتصادية قوية على مصر.