هشام النجار

مكافحة الإخوان.. دروس الحرب الاستباقية

الإثنين، 15 يوليو 2024 01:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اعتادت جماعة الإخوان الإرهابية رسم سيناريوهات قذرة تبدأ بدعم الإرهاب وتحريكه من المواقع الخلفية، علاوة على إعادة بعث نشاط جهازها السري المسلح خلال مراحل محددة، وفي الأخير تخطط لجني ثمار العنف الإرهابي المسلح المتعدد الأوجه وتناور لاستثمار العنف التكفيري في صورة مكاسب سياسية.

لم تغير جماعة الإخوان الإرهابية من أساليبها القديمة؛ حيث ظلت عنوانًا لسائر  السلالات التكفيرية والإرهابية التي انحدرت منها، وهي تدير  سياساتها بيدين الأولى مختفية ولا تظهر الخيوط التي تُرقِصْ بها تلك الجماعات علاوة على تحريكها لخلاياها المسلحة التي تحرص على أن تكون سرية وبأسماء وعناوين أخرى غير عنوان الجماعة الرسمي، والثانية يد ظاهرة تحترف لعبة المناورات واللعب على مختلف الحبال وبما توفر لها من مال وأجهزة دعائية وعلاقات بأجهزة استخباراتية، حيث تحاول الضغط والتحريض والابتزاز إما للخروج من مأزق وأزمة مستعصية، أو لتحقيق المزيد من المكاسب والأرباح.

جماعة الإخوان الإرهابية هي الأخطر دون منازع حيث أنها بجانب أيديولوجيتها العنيفة التكفيرية الشمولية وبرنامجها الإرهابي العالمي، قادرة على إخفاء حقيقتها بالانخراط داخل كيانات ترفع شعارات تخالف حقيقتها وطبيعتها، علاوة على قدرتها على التسلل الناعم والاندساس داخل المجتمعات لبناء مجتمعات إنفصالية موازية، لدرجة أن باحثين غربيين أطلقوا عليها مؤخرًا لقب (الجماعة المندسة)، وهي بذلك تملك أوجهًا عديدة وأرجلًا وأياد داخل مؤسسات وهيئات وكيانات وجمعيات فضلًا عن استثماراتها الهائلة بما يجعلها أشبه بالإخطبوط، وهي بجانب ذلك لا تتخلى عن العنف والإرهاب التكفيري في لحظة من اللحظات، حيث حدده مؤسسها حسن البنا بإشارة معلومة للجميع عندما تكون دولة الإخوان الموازية مهددة، وحيث أفتى منظرها الرئيسي سيد قطب وأعطى الضوء الأخضر لاستهداف الدولة الأصلية القائمة وأركانها ورموزها ومرافقها العامة ومؤسساتها وفقًا لخطة (رد الاعتداء على دولة الدعوة).

يتعلم العالم أجمع اليوم من دروس التجربة المصرية الرائدة الملهمة في صدها ومكافحتها التاريخية والمصيرية لتنظيم الإخوان المتلون الإخطبوطي ذي الأوجه المتعددة وذي الجسد والهيكل الاقتصادي والمالي الهائل؛ حيث تكتشف دول العالم الواحدة تلو الأخرى أنها واقعة أمام تحدي مواجهة الخطر الذي تغافلت عنه مرارًا وكان بعضها يستهين ويستخف، بل ويتعاون بعضها مع الجماعة الرجعية عندما كانت مصر تحذر وتشرح وتفصل طبيعة الخطر وهوله وأبعاده.
خاضت مصر حربًا حقيقية في مواجهة حلف استعماري رجعي هدد كيان الدولة المصرية وهذه المنظمات -الظاهر منها والمستتر والصريح منها والمخادع واللاعب منها والملعوب به- لم يعدو دورها إلا أن تكون ترسًا في ماكينة التقسيم، أو في أفضل السيناريوهات جزءً من التمثيل (السني –ضد الشيعي) –في العراق والشام- أو (الإسلامي- ضد المسيحي) أو القبلي والجهوي والطائفي في شبه دول متصارعة تمرح فيها الفوضى، خططوا وأرادوا أن تكون خادمة للنفوذين الغربي والصهيوني بداية من سوريا إلى العراق إلى اليمن إلى لبنان إلى ليبيا إلى السودان، ليسقط هذا الفضاء بأكمله وتنهار جيوشه وقواه، ولتفعل أميركا وإسرائيل ساعتها ما تشاء تقتيلًا وتهجيرًا وتصفية وتأسيسًا لدولة إسرائيل الموعودة من البحر إلى النهر.

مشكلتهم مع مصر أنها تدرك أهمية وضرورة أن تبقى موحدة ومتماسكة وجيشها قوي ضمن أكبر وأقوى جيوش العالم، وتدرك أهمية خلو المنطقة من الميليشياوية والصراعات والحروب الأهلية، وأنها تدرك أهمية عودة العرب فعندما تكامل العرب وتعايشوا مسلمين ومسيحيين عاشوا أعزة كرامًا وساروا في طريقهم مبصرين ولم ينزلقوا في حفر الكراهية والثارات والأحقاد.

علمت مصر وهي تجتث جماعة الإخوان وأدواتها التكفيرية المباشرة وغير المباشرة أن المشروع برمته يهدف ليسيطر كل زعيم جماعة على جزء من الأرض، وساعتها لن يكون هناك فضاء سياسي مصري لإصلاحه ديمقراطيًا ولا إنتاج ولا ثقافة ولا تاريخ أو حضارة وارث مشترك، والأهم أنه لن يكون هناك مجتمع يملك أدنى قدرات مقاومة الأعداء الذين يحيطون بنا من كل اتجاه.

كشفت مصر في حربها ومكافحتها للإخوان الإرهابية أنه في شق المجتمعات العربية من حولنا على أسس طائفية؛ تفكيك المجتمع وفرزه إلى (إسلامي) وغير إسلامي، ثم تفكيك المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، ثم القضاء على القدرة الإنتاجية والمؤسسات الاقتصادية، وهذا ما أنهى وحدة بعض الدول حولنا وقوض إمكانياتها وقدراتها، وصولًا لتحقيق الهدف النهائي للغزاة وهو القضاء على الدور الإقليمي للدول العربية الرئيسية في المنطقة.

لنجاة الدولة ومجتمعها ووحدتها هزمت مصر الإرهاب الإخواني والداعشي والقاعدي، ولعل أحداث العامين الأخيرين وما جرى كشفه من مؤامرات للأعداء يوضح لمن لا دراية له بهذه الملفات مدى دقة وخطورة وحيوية المُنجز المصري في ميزان الإستراتيجية، وفي مسار الحرب الاستباقية للحيلولة دون تمكن الخصوم والأعداء للوصول لأهدافهم وتنفيذ مخططاتهم الجنونية.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة