انطلاقا من أهمية الأمن الغذائي في تحقيق الاستقرار ومكانته في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتزامنا مع تنفيذ الدولة المصرية لاستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، يستهدف البرنامج الحكومي المصري (2024-2027) تحقيق الأمن الغذائي الوصول لمجموعة من الأهداف والبرامج الفرعية في سبيل تحقيق هذا البرنامج.
وفصلت الحكومة مستهدفاتها في 10 برامج فرعية تحقيقا للأمن الغذائي، ولعل في مقدمة ذلك ما يخص زيادة المخزون من المحاصيل الاستراتيجية، مثل القمح والأرز والذرة والفول والفاصولياء، وغيرها والتي تمثل بدورها ركيزة أساسية للأمن الغذائي، حيث تعد بمثابة السلع الغذائية الأساسية بالدولة.
لذلك استهدفت الحكومة المصرية عدد من الاجراءات الهامة لزيادة المخزون من المحاصيل الاستراتيجية، في مقدمه ذلك تحقيق مخططات الدولة ذات الصلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، عبر توظيف التكنولوجيا لزيادة الإنتاج الزراعي، الحد من إهدار القمح عن طريق الحفاظ على منظومة الصوامع، ومواصلة بناء صوامع جديدة لاستيعاب الزيادة في المساحة المزروعة بالقمح، تنفيذ سياسات حديثة لري الأراضي الزراعية، وتنفيذ سياسة صرف الأراضي الزراعية وتعميم شبكاتها لكل الأراضي الزراعية، بما يحافظ على خصوبة التربة ويعزز الإنتاجية من المحاصيل الاستراتيجية.
وتضمنت خطة الحكومة، صرف حوافز إضافية للمزارعين لتحفيزهم على زراعة القمح، بما يكفل زيادة معدلات توريد القمح بكميات كبيرة، التوسع في عدد المحاصيل الزراعية التعاقدية، وضمان تطبيق سعر الضمان طبقا للأسعار العالمية قبل موسم الزراعة، وإشراك التعاونيات الزراعية في التسعير، استكمال البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي محاصيل الخضر لزيادة قدرة مصر على توفير بذور الخضراوات محليا بدلا من الاستيراد.
يأتي ذلك إلي جانب العمل على تعظيم الاستفادة من التمويلات التنموية الميسرة المقدمة من شركاء مصر في التنمية لتنفيذ مشروعات صوامع تخزين الحبوب وتوفير السلع الاستراتيجية كالقمح.
وانطلاقا من كون التوسع في الرقعة الزراعية من صميم وأولويات الأمن القومي، جاء البرنامج الفرعي الثاني تحت مسمي "زيادة مساحة الرقعة الزراعية" لاسيما وأن توجهات الحكومة المصرية في السنوات الماضية انصبت علي تحقيف الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل، وبالتالي ضمنت الحكومة برنامج زيادة مساحة الرقعة الزراعية ليرتكز على التوسع الأفقي من خلال إضافة أراض جديدة في ضوء الموارد المتاحة، التوسع الرأسي من خلال استنباط أصناف عالية الإنتاجية، وتطبيق ممارسات زراعية حديثة، والتوسع في الزراعات المحمية.
وأكدت الحكومة، تبني برامج قومية لاستصلاح الصحراء في إطار تدعيم ملف الأمن الغذائي، واستكمال تنفيذ مشروع تطوير ميكنة منظومة الحيازة الزراعية، وبناء قاعدة بيانات أصحاب الحيازات على مستوى الجمهورية، إنشاء قاعدة بيانات جغرافية للحيازة الزراعية لضبط المساحة المزروعة، وضمان وصول دعم الدولة للأسمدة ومستلزمات الإنتاج إلى مستحقيها.
ولفتت الحكومة إلي استمرار متابعة تنفيذ المجتمعات المستقبلية الخضراء والزراعة المستدامة المتكاملة للاستفادة من الموارد المتاحة المياه - الأراضي - الطاقة لإنتاج الغذاء، مع تعظيم الاستفادة من التمويل الميسر المقدم من شركاء التنمية في مجال استصلاح الأراضي الصحراوية لزيادة الرقعة الزراعية.
وتؤكد الحكومة خلال البرنامج الفرعي الثالث "تحسين مناخ الاستثمار الزراعي" أبرز الإجراءات المستهدفة في إطار تحقيق ذلك وفي مقدمه ذلك تحديث التشريعات التي تحفز آليات السوق وتسهم في انتشار الممارسات الزراعية المستدامة، تيسير إجراءات تخصيص الأراضي الجديدة باستحداث إدارة موحدة تمثل فيها جميع الجهات المعنية بهذا الأمر، ومراجعة إجراءات تخصيص الأراضي الجديدة وحيازتها، بالإضافة إلى دعم الحيازة الآمنة للأراضي الجديدة من خلال إصدار سندات ملكية ممتدة للأراضي وإصدار عقود تأجير طويلة الأجل، ومراجعة السياسات الائتمانية والإقراضية المتعلقة بالزراعة ومشروعاتها.
ويأتي البرنامج الفرعي الرابع مستهدفا "رفع جودة المنتجات الزراعية" والتي تعد من الركائز الرئيسة لتحقيق الأمن الغذائي: حيث إنه من الضروري مواكبة التقنيات الحديثة ومطابقة معايير الجودة في هذا الشأن، وذلك لتعزيز الإنتاج الزراعي، ومن ثم زيادة الصادرات الزراعية.
ويمكن استعراض أبرز الإجراءات المستهدفة في إطار ذلك البرنامج، مطابقة معايير الجودة بالمواصفات القياسية للمنتجات الزراعية. زيادة الكفاءة الفنية للمعامل الفنية والزامها بتلبية معايير الاعتماد، بالإضافة إلى مواكبة التقنيات العالمية المتطورة والحديثة التي تدعم وتعزز مستويات الكفاءة الاقتصادية للإنتاج الزراعي، تدعيم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في الأسواق المحلية والدولية. استكمال تنفيذ استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030 مع العمل على تطبيق التقنيات الحديثة
ويأتي البرنامج الفرعي الخامس تحت عنوان الارتقاء بالبحوث والممارسات الزراعية باعتبارة ركيزة أساسية لتعظيم الاستفادة من وحدتي الأرض والمياه وزيادة الإنتاجية لتحقيق الأمن الغذائي، وتبذل الدولة جهودًا حثيثة للارتقاء بالبحوث والممارسات الزراعية.
ويمكن استعراض أبرز الإجراءات المستهدفة في إطار ذلك البرنامج، ومنها تطوير البحث والتطوير في مجال الزراعة من خلال نظم اعتماد منح شهادات، والتعاون مع مراكز بحوث أخرى، وضع قواعد الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمنظمات غير الحكومية والتعاونيات لتقديم الخدمات الإرشادية، وضع أسس تقديم حوافز لتشجيع القطاع الخاص على تقديم المشورة الموثوق بها للمزارعين، تعزيز الإرشاد الزراعي ودعم الرائدات الريفيات، تحسين منظومة الموارد البشرية من خلال تطوير التعليم الفني الزراعي والتعليم الجامعي والتأهيل والتدريب لدعم الممارسات الزراعية المستدامة والعضوية.
وتضمنت مستهدفات البرنامج السادس دعم الفلاح المصري، وبذلت الدولة على مدار السنوات الماضية جهودًا دؤوبة لدعم وتمكين الفلاح المصري؛ نظرًا لاعتباره شريكًا رئيسًا في تحقيق الأمن الغذائي، لا سيما في ظل تعدد التحديات التي تواجه القطاع الزراعي على الصعيدين المحلي والدولي، وعكفت الدولة على تطبيق سياسات زراعية متكاملة وإطلاق العديد من المبادرات التي تضع الفلاح على رأس أولوياتها، فضلا عن إفراد برنامج مخصص لدعم الفلاح المصري.
وتستهدف الحكومة الفتره القادمة ربط المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة بالأسواق، العمل على استكمال مراحل الكارت الذكي للفلاح الخاص بتسجيل جميع الأراضي وبيانات المزارعين إلكترونيا، وتطبيق هذه المنظومة على جميع المحافظات، تفعيل أحكام قانون صندوق التكافل الزراعي وسرعة إصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 126 لسنة 2014 مع سرعة تشكيل مجلس إدارة الصندوق.”، استحداث آلية تضمن حصول مستأجري الأراضي الزراعية على مستلزمات الإنتاج الزراعي اللازمة من الجمعيات الزراعية بأسعار مناسبة، تعزيز التنسيق بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والبنك الزراعي المصري للتوسع في تمويل المحاصيل الزراعية، وزيادة عدد المستفيدين من مبادرة تأجيل سداد الأقساط المستحقة.
أما البرنامج الفرعي السابع فيحمل عنوان مراعاة تأثير التغيرات المناخية على قطاع الزراعة، حيث انها من القطاعات المتأثرة بظاهرة التغيرات المناخية؛ إذ تؤثر على إنتاجية الأرض الزراعية بداية من التأثير على خواص الأرض الطبيعية والكيميائية والحيوية ومرورًا بانتشار الآفات والحشرات والأمراض وانتهاءً بالتأثير على المحصول المنتج. وإدراكًا لخطورة تأثير التغيرات المناخية على قطاع الزراعة أولت الحكومة اهتمامًا بالغًا بذلك الملف في برنامجها.
وفي هذا الصدد تستهدف الحكومة، وضع خريطة استثمارية زراعية جغرافية ومناخية تراعي التغيرات المناخية وربطها مع شبكة الري، تتضمن خطط الزراعات المستقبلية باستخدام نظم الرصد والاستشعار عن بعد عن طريق ربطها بشبكة مزودة بنظام بصمة طيفية للمحاصيل الزراعية، تفعيل نظم الإنذار المبكر للتنبؤ بتأثير التغيرات المناخية المتوقعة على المحاصيل الزراعية، وتوعية الفلاح بطبيعة المحاصيل المناسبة وفق هذه المنظومة، تبني سياسة الزراعات الذكية المناخية Climate Smart Agricultural بما يكفل الزيادة المستدامة في الإنتاجية الزراعية، والتكيف أو الحد من تأثير التغيرات المناخية على قطاع الزراعة، بالإضافة إلى خفض أو إزالة الانبعاثات الكربونية، تعزيز سبل الزراعة المستدامة، وتوفير الدعم المالي والفني لتحسين قدرة الإنتاج الزراعي على الصمود أمام التحديات ذات الصلة بتغير المناخ، توظيف التكنولوجيا الحيوية لتطوير والتوصل إلى تركيب محصولي متوافق مع التغير المناخي وكمية المياه وجودتها.
كما تستهدف تعريز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ونظم إدارة المعلومات للسياسات الزراعية وتطبيقاتها في عمليات المتابعة والتقييم في المجالات كافة، الاستفادة من برنامج "نُوفِّي" في مجابهة آثار التغيرات المناخية.
ويعمل البرنامج الفرعي الثامن علي تنمية الثروة الحيوانية، حيث تعد إحدى الركائز الرئيسة للأمن الغذائي، ونظرًا لذلك فهي على رأس أولويات الحكومة المصرية، وتبذل الدولة جهودًا حثيثة لدعم الثروة الحيوانية لتحقيق الأمن الغذائي.
ويمكن بلورة أبرز الإجراءات المستهدفة في إطار ذلك البرنامج في مواصلة جهود تطوير السلالات الحيوانية المصرية، من أجل زيادة الإنتاج المصري من اللحوم والألبان، مع توطين هذه السلالات المُهجنة، بالإضافة إلى العمل على تطوير خطوط التحسين الوراثي لتعزيز وتنمية الثروة الحيوانية، توفير أعلاف الماشية بأسعار مناسبة وذات قيمة غذائية وبجودة عالية للحيوانات، إنشاء منظومة متكاملة من البنية الأساسية الخاصة بالإنتاج والاعتماد على أحدث الأساليب المتبعة بمراكز التلقيح الصناعي.
كمل تستهدف الحكومة، العمل على زيادة الطاقة الإنتاجية للقاحات الطبية، والسيطرة على الأمراض والأوبئة الحيوانية، زيادة القوافل الطبية التي تُنفّذ داخل قرى الجمهورية لتحسين الجودة الإنتاجية والعلاجية.
وكذلك يأتي البرنامج الفرعي التاسع مستهدفا تنمية الثروة الداجنة، حيث تولي الحكومة قضية الأمن الغذائي اهتماما خاصاً، لذا تعمل على تحقيق تنمية في قطاعي الثروة الحيوانية ومنها الثروة الداجنة بما يضيف إلى الاقتصاد القومي ويحقق الأمن الغذائي
ويمكن بلورة أبرز الإجراءات المستهدفة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواجن، من خلال زيادة الاستثمارات لتنمية الثروة الداجنة، توفير الأعلاف بأسعار مناسبة لضمان توفر الدواجن للمستهلك بتكلفة مقبولة، وذلك عبر دعم زراعة الأعلاف، وتنويع مصادر استيراد الأعلاف، بالإضافة إلى دعم إنشاء مصانع الأعلاف، وبناء صوامع لتخزين احتياطيات استراتيجية من الأعلاف، إلى جانب نشر الوعي بأفضل ممارسات التغذية الحيوانية ومكافحة الأمراض الحيوانية.
وأخيرا البرنامج الفرعي العاشر، حيث تنمية الثروة السمكية، حيث تسلط الدولة المصرية الضوء على مشروعات تنمية الثروة السمكية؛ نظرًا لأهميتها البالغة في تحقيق الأمن الغذائي.
وفي هذا الاطار تستهدف الحكومة استكمال مراحل عمل مشروع الفيروز للاستزراع السمكي بشرق التفريعة بمحافظة بورسعيد وغيره من مشروعات الاستزراع السمكي، مواصلة مشروعات تطوير البحيرات المصرية، التوسع في الاستزراع السمكي لزيادة الإنتاجية، مواصلة مشروعات تعزيز الثروة السمكية في بحيرات قارون - المنزلة - البرلس)، تعزيز القدرات الوطنية في البحث والتطوير في تقنيات حديثة لإنتاج الأحياء المائية الداخلية المزارع السمكية والبحرية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة