كان الظهور الأول بتوقيع المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين.. أطلت حينها الفنانة الاستثنائية ماجدة الرومي بوجه شاب وموهبة لا تخطئها عين ـ غناءً وتمثيلاً ـ في فيلم عودة الابن الضال، وسجلت بأحرف من النور سطر البداية بأغان لا تزال حاضرة في الوجدان من بينها "الشارع لنا"، لتجتاز بأغنيتها الخالدة "مفترق طرق" وتبدأ رحلة طويلة امتزج فيها الفن بالسياسة، وخالطت فيها الموهبة أزمات ومحنا طالت عالمنا العربي، وفى القلب منه بلدها الأم، لبنان الشقيق، زخرت رحلتها بمراحل صعود وهبوط، وشد وجذب، إلا أن الحنين كان دوماً حاضراً لمصر وأهلها، ليتجدد الموعد بحفل ضخم ينتظره الملايين ضمن فعاليات مهرجان العلمين في نسخته الحالية.
لقبها شاهين بـ"صوت القرن العشرين"، وظهر اسمها على التتر تاليا لنجوم من بينهم محمود محمود المليجي وهدى سلطان وشكري سرحان وآخرين، فاستطاعت أن تحفر لموهبتها مكانة بارزة في القرن التالي، وأن تحتل بجدارة موقعاً مميزاً بمقدمة الصفوف لتبرهن أن للصوت العربي قامات، مهما كانت التجاذبات اللبنانية ـ اللبنانية قائمة، ومهما كانت المقارنات التي يمتزج فيها الفن بالسياسة حامية.
لقبوها بـ"صوت السلطة"، فغنت "سيدي الرئيس".. اتهموها بخذلان المقاومة فوضعت بصمات واضحة في أرشيف الأغنية العربية للبنان والمهمشين والبسطاء، دون التفات لكيانات تشوبها عمالة، أو أحزاب متعددة الولاءات.. فكان صوتها رفيقاً للحالمين بغد أفضل، لتستطيع في رحلة السنين الطوال أن تنتصر في معارك لم تخترها، فقط بصوت عذب وإخلاص صادق، وسلاح اسمه الصبر.
في ليل الجمعة المقبلة، وعبر تنظيم احترافي من الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لمهرجان العلمين الذي تحول إلى رقم مميز وفاعل على خريطة الترفيه في الشرق الأوسط، تطل ماجدة على عشاقها وبصحبتها الكثير من الأغنيات الفريدة.
اجتازت ماجدة الرومي في رحلتها الكثير والكثير، إلا أن موهبتها مكنتها من أن تكون حاضرة في وجدان جمهورها العربي والمصري، ففي الانتقال إلى المرحلة الجامعية ستجد صوتها حاضراً بـ"يا مدرستنا"، وهي من غنت "كن صديقي"، ومن "اعتزلت الغرام"، ومن كانت رفيق الأمتار الأخيرة من مسيرة الراحل أحمد ذكي بأغنية "حبيبي".
بهذا التاريخ وتلك الموهبة، ننتظر جميعاً إطلالة ساحرة على مسرح مهرجان استثنائي، لمن اجتازت بـ"طوق الياسمين" مفترق الطريق، لتكون في الميعاد مع عشاقها تحت شعار "العالم علمين".
