منذ 225 عامًا اكتشف أحد ضباط الحملة الفرنسية حجر رشيد، وبالتحديد في 19 يوليو من سنة 1799، واحتفظت به الحملة وعرفت أهميته وقيمته، وعندما خرجت في 1801 أخذته منها القوات البريطانية، عندما قطعت عليها الطريق في البحر، وأخذت منهم كل غالي وثمين، وانتهى المطاف بالأثر في المتحف البريطاني.
ولو تأملنا هذه السردية، سنتعرف بسهولة أن لا فرنسا ولا بريطانيا من حقهما أن يحتفظا بحجر رشيد، ففرنسا استولت عليه من باب أنها وجدته "مصادفة" في رشيد، والإنجليز أخذوه عنوة وغلبة و"قطع طريق" على الفرنسيين في عرض البحر، بالتالي فإن هذا الأثر المهم مكانه الطبيعي المتحف المصري الكبير، في قاعة تخصه، لأنه المفتاح الذي أتاح للعالم كله أن يعرف جوهر الحضارة المصرية القديمة، وأنه كان نقطة الفصل التي حولت الفراعنة من "مساخيط" إلى "صناع الحضارة".
أعرف أن هناك محاولات دائمة لعودة حجر رشيد، كما أنني قرأت منذ سنة تقريبا ما نشرته صحيفة الاندبندنت البريطانية عن وجود اتجاه داخل إدارة متحف البريطاني في العاصمة لندن، لإجراء مراجعات بشأن آلية رد بعض التحف والآثار والمقتنيات المتواجدة في المتحف ومن بينها حجر رشيد إلى دولها الأصلية، حيث إن تلك القطع تم اقتناؤها في الحقبة الاستعمارية لبريطانيا.
لكن من وجهة نظري، أن بريطانيا لن تعيد حجر رشيد بسهولة، فهو يمثل لها قيمة من حيث العرض، لذا يحتاج الأمر منا أكثر من المطالبات الفردية، يحتاج إلى مؤسسة مثل وزارة السياحة والآثار تقود حملة استعادته، لأن حجر رشيد ليس كمثله أثر، فكيف يعقل أن يكون "مفتاح الشفرة" خارج البلاد، كما أن مصر لم تبعه أو تتخل عنه، لقد أخذه المستعمرون كغنيمة استعمارية، وهذا الكلام لا يقبل الجدل.
هناك من يرى أن وجود الحجر في الخارج ربما يكون في صالح الآثار المصرية القديمة، لأن من يراه سوف يكون شغوفا بزيارة آثار مصر، لكنني لا أتفق مع هذا الرأي، لأنه يحمل أكثر من وجه لرفضه، من ذلك عدم الأحقية كما أشرنا، كذلك هو بالنسبة للمتحف البريطاني مجرد أثر مهم وليس له المكانة النفسية التي نحملها نحن المصريين للحجر، وأخطر المخاوف تكمن في سؤال: ماذا لو غير المتحف البريطاني سياساته وقرر أن يخفي هذا الأثر ويضعه في المخازن، هل حينها سنتوسل إليه كي يعيد عرضه؟
ما أريد قوله وأؤكد عليه هو أن حجر رشيد يخص مصر أكثر من أي مكان آخر ، ومطالبتنا بعودته حق، ووجوده في المتحف المصري الكبير حق، لذا على المطالبة به أن تصبح هدفا قوميا.