بعد "حوار وطني" امتدت جلساته على مدار أشهر عديدة بمشاركة جميع القوى السياسية الوطنية في مشهد حرك المياه الراكدة في الحياة السياسية المصرية، وتوج بعد ذلك بانتخابات الرئاسة المصرية 2024 التى شهدت تنافسًا بين الرئيس المصري السيد/ عبد الفتاح السيسي وثلاثة من رؤساء الأحزاب المؤثرة في الساحة السياسية المصرية والممثلة في البرلمان بالعديد من النواب، وهم أحزاب: الشعب الجمهوري والمصري الديمقراطي والوفد.
وانطلاقًا من هذا المشهد الراقي، نطرح سؤالًا جوهريًا: ماذا نطلب من الحكومة الجديدة في الجانب السياسي تحديدًا؟، لأن أكثر المطالب ستنصب على الجانبين الاقتصادي والجتماعي نظرًا للتحديات المتعددة فيهما في الآونة الأخيرة، ولذلك نؤكد هنا على مطالبنا من الحكومة الجديدة في الجانب السياسي، لأهمية البناء على ما سبق من خطوات في هذا الجانب، ولأن الإصلاح السياسي لا ينفصل عن الإصلاح الاقتصادي أو الاجتماعي، وسينعكس بكل تأكيد على تحفيز النشاط الاقتصادي وجذب الاستثمارات وكذلك على الاستقرار المجتمعي وخلق حالة من الرضا الشعبي.
بوضوح شديد ما نريده تحديدًا هو تعزيز المشاركة السياسية للمواطنين ليصبح المواطن شريكًا في عملية صنع القرار ومساهمًا في تنميه مجتمعه في شتى المجالات، مع تعزيز دور الأحزاب السياسية وتوفير البيئة التشريعية والسياسية الداعمة لدور الأحزاب، فضلًا عن تفعيل دور المجتمع المدني كونه شريكًا أساسيًا في التنمية ولاعبًا هامًا في الرقابة والمساءلة.
نريد من الحكومة الجديدة استكمال مراحل الحوار الوطني، وأن تكون توصيات مرحلته الأولى جزءًا أساسيًا من خطتها وبرنامجها وأن تضع إطارًا زمنيًا واضحًا لتنفيذ توصياته، نريد عودة للمجالس الشعبية المحلية كونها مدرسة الديمقراطية ومحضن دائم لإعداد الكوادر السياسية والمجتمعية، وستلعب هذه المجالس دورًا حيويًا في حل مشاكل المواطنين وترجمة الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في مختلف المجالات ليشعر المواطن المصري بثمار وعوائد هذه الجهود.
هذه المطالب السياسية السابقة لا تقل أهمية عن نظريتها الاقتصادية والاجتماعية، بل هي تقع في دائرة الأمن القومي المصري، ففي ظل التحديات الإقليمية الراهنة التي تمر بها الدولة المصرية ستبقى معركة الوعي والمشاركة معركة حاسمة، وستكون مشاركة المواطن والتنظيمات السياسية في الشأن العام واستكمال حالة التكاتف الوطني هي صمام الأمان لهذا الوطن، وهذه مطالب لا تملك الحكومة الجديدة رفاهية التخلي عنها.