أكرم القصاص

عطل «مايكروسوفت» يعيد العالم إلى القرن العشرين!

السبت، 20 يوليو 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليست المرة الأولى، وطبعا لن تكون الأخيرة التى يجد العالم نفسه فى مواجهة تحد تقنى، فقد أصاب الشلل العديد من خطوط الطيران العالمية ونظم الخدمات الطبية والسكك الحديدية فى الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية معتمدة على أنظمة تشغيل مايكروسوفت بسبب عطل تقنى أصاب الشركة، وعانى مستخدمو مايكروسوفت فى العالم بالرغم من أن الشركة أعلنت إصلاح العطل لكن شبح العطل انتشر فى دول العالم وأغلب المطارات والموانى والأنظمة الطبية، وشلل فى أنظمة الاتصال وأعطال فى المطارات والمؤسسات الخدمية عبر العالم، صحيح أن مايكروسوفت أعلنت بعد ساعات إصلاح العطل، لكن هذا حدث بعد أن أصيب العالم بارتباك خاصة فى حركة الملاحة والطيران، أكثر من 110 آلاف رحلة تأخرت، ومن المفارقات أن بعض أو أغلب شركات الطيران عادت إلى الخلف واضطرت للكتابة بالقلم والورق، وهو أمر يعيد الإنسان إلى عصر «القرن العشرين» كما أصفها، حيث تصبح الأيام أو الأسابيع أو السنوات القريبة من الماضى ونتذكرها ونضحك أو نسخر.


وما زلنا نتذكر ما جرى فى أكتوبر 2021 عندما أصيبت منصات فيس بوك بالسكتة، ومعها واتس آب وإنستجرام، ما وضع مئات الملايين عبر العالم فى حالة من الصدمة أو الدهشة أو التساؤل، وحتى مارك زوكربيرج والشركة العملاقة لم يستطيعوا إعلان العطل أو البيانات على فيس بوك ولكن على تويتر، وهو ما بدا جزءا من مفارقات التكنولوجيا.


عودة انقطاعات وأعطال التكنولوجيا تعيد مخاوف من انقطاعات أو هجمات سيبرانية يمكن أن تصيب العالم بالشلل أو تهاجم البشر عبر هجمات الهاكرز أو المتسللين، بل إن بعض أفلام السينما تذهب بخيالها إلى ما بعد هذا، إلى احتمالات وقوع هجمات من سكان عوالم أخرى، وهو أمر لم يثبت حتى الآن لكنه يمثل هاجسا ولو من الخيال.


لكن المخاوف أيضا تذهب إلى تساؤلات عن مدى اعتماد البشر على التكنولوجيا، وانتصارات العولمة التى تم الإعلان عنها فى التسعينيات من القرن العشرين، بأن العالم سيكون أكثر تواصلا أو هو قرية صغيرة تتواصل وتعمل معا من أجل قيم مشتركة، لكن هذا الحلم لم يتحقق فى ظل  عدوى العطل وليس عدوى النمو والتقدم، فقد بدت ثغرات العولمة مع كورونا، بل وانتهاء أحلام وحدة البشر والمصير ووعود لم تتحقق بينما بقيت التكنولوجيا حكرا على الدول المتقدمة، وتترك عيوبها عند الدول الأقل.


وقد تأثرت دول عبر قارات العالم بالعطل فى مايكروسوفت، لكن هناك دولا أعلنت أنها لم تتأثر، ومنها مصر حيث سارعت وزارة الاتصالات أعلنت أن الأنظمة المصرية فى المطارات والبنوك وغيرها لم تتأثر، وهو ما أكدته الحكومة فى بيانها، بأن الأزمة لم تؤثر فى مصر، الأمر الذى فسره بعض الخبراء بأن الجمع بين الأنظمة التقنية واليدوية فى المؤسسات المصرية، يضاعف من القدرة على امتصاص التحديات والتعامل معها.


وهذه الحوادث من الهجمات والانقطاعات السيبرانية دائما ما تضع البشر أمام تساؤلات: هل يمكن للإنسان المعاصر أن يستغنى عن التقنيات؟ الإجابة بالطبع لا، فالعالم والبشر يجدون ميزات وسرعة وإمكانيات واطلاعا بجانب ما تقدمه أدوات ومنصات التواصل من قدرة على التفاعل والتواصل والتعارف، لكن الثمن أيضا كبير فى حال التعطل أو الهجمات.


وهذه الأعطال بالطبع تكشف عن هشاشة الترتيبات الأمنية، وإمكانية أن يستطيع الهاكرز إصابة العالم بشلل فى حال نجحوا فى تكرار هذه الترتيبات، وهؤلاء يعيدون التذكير بعشرات المحترفين عبر العالم ممن نجحوا فى اختراق مواقع وأنظمة معلومات الولايات المتحدة من قبل، أو مخترقين روس متهمين بالتعامل ضد الولايات المتحدة والتدخل فى الانتخابات السابقة.


بعد عطل فيس بوك 2021 خرج مستخدمون ليعترفوا أنهم افتقدوا الموقع الاجتماعى الأهم، والبعض راهن على أن الانقطاع نوع من العقاب باعتبار أن الحياة من دونه أفضل، لأنه صنع حالة من التشويش، وبالرغم من زيادة استثمارات منافسى فيس بوك فى مواقع أو تطبيقات يمكنها انتزاع جزء من نصيب فيس بوك، لكن بقى الموقع من أكثر المواقع جذبا وتأثيرا، بالرغم من ظهور منافسين وبدائل.


وها هو عطل مايكروسوفت يعيد طرح الأسئلة، ويؤكد مدى اعتماد البشر على التقنيات، حيث لايمكن لأجيال ولدت وكبرت مع الموبايل أن تتخيل العالم من دونه، خاصة أجياله الجديدة التى تتجاوز كونها أدوات اتصال، إلى منصات للاتصال والتواصل والعمل وكل الأنشطة التى لا يمكن التخلى عنها، وفى كل مرة يقع عطل يعيد طرح السؤال، الذى لا يمكن أن يتعلق بالعودة إلى القرن العشرين قبل كل هذه التكنولوجيا.


 

مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة