ثمة دلالات واضحة وكاشفة على استمرار العدوان الإسرائيلى - الاحتلال الغاشم - على أهلينا فى غزة، والبادئ منذ 7 أكتوبر 2023، لعل أبرز الدلالات هزيمة إسرائيل بجحافل أسلحتها الأمريكية ودباباتها، والدعم الغربى المتواصل أمام مزيد من سقوط ضحايا ونزيف الدماء الفلسطينى، فلا تتصور مطلقا ولا تتوهم أو تظن أن تل أبيب حققت نجاحات وإنجازات بمزيد من العدوان برا وجوا وبحرا، ويمكن حصر دلالات «هزيمة إسرائيل » وتوضيحها وفهم سياقاتها وأساليبها واختصارها فى تلك النقاط:
أولا: نعم استمرار العدوان بتلك القوة الغاشمة والتحركات الهمجية والغارات البرية والجوية، هو هزيمة لإسرائيل أو بالمعنى الأحرى- الولايات المتحدة الإسرائيلية- فلو كانت تمتلك إسرائيل القوة الضاربة لاستطاعت من اليوم الأول تحقيق أهدافها العسكرية، ولعل أبرز هذه الأهداف تحرير الأسرى الإسرائيليين واستعادتهم - بشكل كامل وعاجل - دون الاستمرار فى العدوان.
ثانيا: يتوفر لدى «تل أبيب الأمريكية الغربية» معلومات استخباراتية واسعة ودقيقة بشكل لحظى من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وغيرها من الدول، ورغم ذلك لم تستعد سوى ما يقرب من 84 أسيرا بالهدنة بجانب 4 بالقوة، بينما يظل قرابة 120 أسيرا لدى المقاومة الفلسطينية، وهذا إن دل فإنما يدل على حجم المعلومات الاستخباراتية والدعم الأمريكى الغربى الذى لم تستطع إسرائيل استثماره، وحسم المعركة مع المقاومة الفلسطينية، وما زالت إسرائيل تضرب وتدك فلسطين بنظرية الـ«التضبيش» رغم ما يتوفر لديها من إمكانيات مهولة، وهو تجسيد حقيقى لـ«الفشل الذريع».
ثالثا: استمرار العدوان على غزة ليصل لـ300 يوم وليلة، وارتفاع حصيلة العدوان على القطاع لما يقرب من 38 ألفا و794 شهيدا، و89 ألفا و364 مصابا منذ السابع من أكتوبر الماضى، وضع إسرائيل وداعميها فى خانة «المنبوذين»، وهو نوع كبير من الهزائم على المستوى الدولى، مما دفع شعوب العالم للتعاطف مع الشعب الفلسطينى والمقاومة إزاء غباء رئيس الوزراء نتنياهو.
رابعا: لا تتصور أن استمرار العدوان الإسرائيلى على غزة دفع الجبهة الداخلية الإسرائيلية نحو التماسك والتكاتف والتضافر والتعاون والتآزر بل على العكس تماما، بل إنه بشكل شبه يومى تخرج مظاهرات ضد نتنياهو وتطالب بإسقاطه، وتدل تلك المظاهرات والاحتجاجات على التفكيك والتشتت فى الداخل الإسرائيلى على جميع المستويات الرسمية والسياسية والشعبية، وعزز استمرار العدوان منذ 7 أكتوبر 2023 على إصرار إسرائيلى وتصميم على الإطاحة بـ«بنيامين نتنياهو» رئيس الوزراء الإسرائيلى، والمطالبة باستقالته وإجراء انتخابات مبكرة، ليس هذا فحسب، بل طالب المحتجون ضد سياسة نتنياهو بسرعة التوصل إلى اتفاق فورى لإطلاق سراح نحو 130 رهينة إسرائيلية ما زالوا محتجزين فى غزة، ويفترض أن عددا غير معروف منهم قد مات بسبب غياب السياسة الـ«نتنايهوية» بجانب ذلك ضياع الأمن والأمان داخل إسرائيل، ولعك رأيت بعينيك وسمعت بأذنيك عن تسلسل الانفجارات التى طالت إسرائيل، والتى كان آخرها وقوع انفجار بتل أبيب نتيجة طائرة دون طيار ضربت بناية سكنية وأحدثت انفجارا وسط تل أبيب على بعد نحو 100 متر من مجمع المكتب الفرعى للسفارة الأمريكية، فضلا عن استمرار الاشتباكات بين الحوثيين وحزب الله من جانب وإسرائيل من جانب آخر، وهو ما يزيد من الخسائر الإسرائيلية.
خامسا: استمرار العدوان الإسرائيلى الذى أسفر عن مشاهد تعرى الغرب من شعاراته الرنانة بشأن حقوق الإنسان، وتؤكد أن العالم لا يحترم إلا القوى، وأن تجويع أهالى فلسطين وقتلهم أمام عيون الجميع، وحرق الجثث وهدم البنية التحتية دلالة على أن القوانين الدولية وضعت من أجل المصالح وليس الإنسانية.. أخيرا ندرك تماما أن الدماء الفلسطينية غالية وثمينة وحرام إراقتها، لكننا ندرك أيضا أنها تسقط مقابل التحرر والانتصار للقضية الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عبر حدود 4 يونيو 1967 وتكون عاصمتها القدس الشرقية.