قرار إخلاء سبيل 79 من المحبوسين احتياطا يكشف عدة دلائل ومؤشرات مهمة نشير إليها في مقالنا اليوم، خاصة أن هذا القرار نال إشادة القوى السياسية، وبمثابة مؤشر إيجابى يؤكد أن الجمهورية الجديدة تتسع للجميع بالفعل وليس بالقول، والأهم أنه يعكس – حقيقة – التزام القيادة السياسية بمخرجات الحوار الوطنى وبسعيها نحو تحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعى وتعزيز مناخ الحرية بهدف بناء مجتمع يتسم بالعدالة والتسامح، إضافة إلى أنه يعمل على تعزيز الحريات واحترام حقوق الإنسان لتحقيق التنمية المستدامة، والمضي قدمًا في مسيرة الإصلاح السياسي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وما يجب أن نتذكره ونضعه - عين الاعتبار - ونحن نتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان، أن الأزمة الحقيقة تكمن فى اختزال حقوق الإنسان في الجانب السياسى فقط وهو ما سعى النظام الدولى إلى تكريسه خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وانفراد الولايات المتحدة بقيادة هذا النظام خلال الثلاث عقود الماضية.
لكن مصر في ظل الجمهورية الجديدة خرجت من هذا المفهوم إلى مفهوم أوسع وأشمل عندما أعلنت أول استراتيجية لحقوق الإنسان، وإعلان 2022 عاما للمجتمع المدني، بأن يكون مفهوم حقوق الإنسان مفهوما شاملا يعزز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية بالبلاد مع تعظيم الحريات.
وأعتقد، أن مصر اختارت الطريق الأصعب، بحيث يتسع ويمتد مفهوم حقوق الإنسان ليشمل كافة الحقوق الأخرى، كالتعليم والصحة والسكن والحياة الكريمة جنبا إلى جنب مع الحقوق السياسية والحريات العامة، بهدف الربط والتكامل بين كافة الحقوق، وأن الكل في بوتقة واحدة، وأن الهدف واحد وهو ترسيخ مبادئ المواطنة والعدالة وتكافؤ الفرص والمساواة فى الحقوق والواجبات، بالتزامن مع مواجهة الفساد دون تمييز.
والأمثلة على ذلك كثيرة، فالمشروع القومى "حياة كريمة" الذى يضم بداخله كافة الحقوق، يستهدف قطاع طاله التهميش تعداده يصل لـ58 مليون مواطن، يسعى عمليا لتحسين حياته الاجتماعية من خلال توفير له بنية تحتية مناسبة وعصرية ودعمه ببرامج معيشية جادة تكفل له مستوى حياة أفضل كبرنامج تكافل وكرامة، والعمل على تحسين أوضاعه الاقتصادية من خلال توفير فرص عمل بقراه ومحل إقامته، وكذلك الارتقاء به تعليميا وصحيا من خلال إنشاء المستشفيات والمدارس بموطنه، وكذلك توعويا وثقافيا بإنشاء المكتبات والمسارح فى القرى والأرياف، لذا فتعاطى الدولة فى ظل الجمهورية الجديدة مع حقوق الإنسان تعاطيا شاملا مفهوما ومضمونا.
نهاية.. ما فعلته الدولة المصرية أمس بقرارها إخلاء سبيل محبوسين على ذمة الاحتياط قبل جلسة الحوار الوطنى المقرر عقدها اليوم عن الحبس الاحتياطي، يؤكد أن هناك رغبة حقيقية من القيادة السياسية في الالتزام بمبادئ الحوار الوطنى وإشارة تدل على أنها ملتزمة بتنفيذ توصياته.. حفظ الله مصرنا الغالية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة