بالعودة إلى أوراق الصحف القديمة ورائحتها الفريدة وبالسباحة في أرشيفها، ومطالعة الأخبار والتقارير والتحقيقات، والقراءة فيها بتعمق وإمعان وتبحر وتركيز، نجد أن مشاكلنا ومعوقتنا وعوائقنا وعواقبنا ومآزقنا قديما هي ذاتها وذات ما يؤرقنا ونعاني منه حديثا.. نجد أنه في الماضي وضعوا توصيات ونصائح ومقترحات ورسموا سيناريوهات لإنهاء المشكلات والأزمات، وكل ما ينغص علينا الحياة والمعيشة بأكملها، إلا أن المشكلات ظلت قائمة، والحلول مؤجلة وظلت حبيسة الأدراج.
كثيرة هي المعوقات التي تواجهك يوميا في طريقك من مسكنك لمقر عملك، ولا يمكن حصر الأزمات أثناء وجودك في بيتك، ويمكن غالبية الوقت لا تتم عملك ، لوجود عوائق خارجة عن دائرة إرادتك، وللأسف كل ما يواجهنا يدخل في حيز "كسل إداري" من السادة المسئولين، والساعين لإبقاء الأوضاع كما هي، دون اقتحام الملفات وإخراج الحلول من الأدراج وتطبيقها على أرض الواقع ليستفيد الجميع.
من المستفيد الأول والأخير من فكرة أن يدور المسئول حول المشكلة ثم يبتكر أسلوبا غريبا عجيبا للبعد كل البعد عن الأزمة والقيام بأعمال أخرى، وبالتالي لم يصمت المسئول عن المشكلة وتحرك بقوى لكن كل جهوده كانت بعيدة كل البعد عن دائرة المشكلة القائمة.. وحتى يكون حديثنا ممسوكا وليس كلاما في الهواء، أضرب لك مثالا بسيطا، فأنا لى صديق عزيز يسكن بشارع امتداد حسن إبراهيم بكورنيش المعادى ، التابع إداريا لحي دار السلام، ومعه الآلاف من المواطنين يعانون من أزمة في الصرف الصحى، وسلك كل الطرق لإنهاء الأزمة، وأجرى الاتصالات بالمسئولين في الجهاز الإداري من المحافظة، وشركة الصرف الصحي، ووصل به الأمر في أن يجرى اتصالات على أعلى مستوى، ورغم ذلك راحت كل الاتصالات والتحركات في مهب الريح وظلت المشكلة قائمة شامخة ثابتة راسخة رسوخ الجبال.
المبهر في أزمة الصرف الصحى بالمكان المذكور آنفا، أنها قائمة منذ سنوات وعلى بعد خطوات منها يقوم حي دار السلام بخلع بلاط الانترلوك الجديد ليركب بلاط انترلوك أجدد وأكثر لمعانا، وهو ما يدفعك إلى دائرة الدهشة والتساؤل عن: كيف يفكر هؤلاء المسئولون في الجهاز الإداري ولماذا لا يخصص الأموال التي تنفق على حل مشكلة بدلا من الذهاب إلى ساحة أخرى ليست في الحسبان ولو تمت أو لم تتم لن يأخذ باله منها المواطن.
بالمختصر هل المسئولين يعملون بنظريات "طبل في المتطبل وصلح في المتصلح"؟! وإلى أي وقت ستستمر الأوضاع القائمة دون إجراء تغييرات جوهرية أو حتى بسيطة؟! وإلى متى نضع أيدينا على المشكلات ونعرف الحلول وتظل الأمور قائمة؟! وإلى متى ستدفعنا تحركات المسئولين في المحليات إلى دائرة التساؤل والدهشة؟! وكيف نقنع المسئولين في المحليات بأن الأوضاع الراهنة تحتاج لعلم وعمل، لنستعيد حضارتنا التي نتحدث عنها كثيرا دون أن نحياها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة