على الرغم من أنه أمضى معظم سنوات عمره طائراً حراً طليقاً في بلاد العالم بعيداً عن بلده ومعشوقته إلا أن السفر والترحال والتعامل مع فنانين عالميين لم يغير من طباعه المصرية شيئاً، فلا يزال عمر الشريف هو الشاب المشاغب ابن نكتة يفهمها وهى طايره كما يقول المثل الشعبي. وقد برهن عمر الشريف على سرعة بديهته منذ أيام بينما كنت أجلس معه وبعض الأصدقاء في أمسية رائعة أمام تمثال أبو الهول في انتظار ظهور المطربة الأسترالية كايلى مينوج والتي تعيش حالياً في لندن، لكي تغنى أمام أبو الهول.. وقد تطرق الحديث إلى عمر المطربة الأسترالية المعروفة.. وقلت للحاضرين أن ياسمين شحاتة رئيسة تحرير مجلة إينجما-والتي دعت المطربة للحضور إلى مصر والغناء أمام أبو الهول - أخبرتني أن عمر كايلى حوالى ثلاثين عاماً .. وأضفت أنني تأكدت أن هذا ليس صحيحاً عندما قابلت المطربة في الصباح لكي أتحدث لها عن أبو الهول والأهرامات، وعلى الرغم من جاذبيتها وجمالها إلا أنها لا يمكن أبداً أن تكون في الثلاثين من عمرها!
وفاجئنا عمر الشريف بعبارة مقتضبة تحمل معان كثيرة جعلتنا نضحك من القلب، حيث قال: "أنه وهو شاب في السادسة عشرة من عمره كان من أشد المعجبين بصوت کایلی مینوج!!"...
ومن خيط الحديث عن عمر المغنية الأسترالية بدأ عمر يحدثنا عن ذكرياته مع أبو الهول، وعندما يتحدث عمر بسحره وكاريزمته المعروفة لا تملك إلا أن تستمع وتصدق كل ما يقوله.. وقد عرفته كصديق في عام 1977 عندما كان التليفزيون الأمريكى يعد فيلما تسجيلياً عن مصر وحضارتها يبث مباشرة من الأهرامات إلى أمريكا، أى أن أبو الهول هو الذى عرفنى بعمر الشريف. وكان عمر هو الفنان الذي اختير للتعليق على الفيلم الذى حمل اسم أسرار الأهرامات".. ولم يتم المشروع كما كان مخططاً له بسبب مهاجر مصرى بكندا استطاع عن طريق الغش والخداع والرشوة أن يشترى حق البث المباشر من التليفزيون المصرى وهيئة الآثار في اليوم الذي اختاره التليفزيون الأمريكى لبث الفيلم الوثائقى على الهواء مباشرة من أمام الأهرامات.. وعندما بدأ هذا المهاجر في ابتزاز التليفزيون الأمريكي أن يدفع له أتخذ الأخير قراره بالانتقال إلى قلعة اللورد كارنانفون ممول حفائر مقبرة الفرعون الذهبى "توت عنخ آمون لكى يتم البث منها على الهواء مباشرة، وخسرنا الكثير بسبب الفهلوة وانعدام الضمير .. إلا أن أغلب مشاهد الفيلم تم تصويرها بمصر ، ومنها ما جمعني وعمر الشريف عند أبو الهول وداخل حجرة الدفن للملك "خوفو" بالهرم الأكبر.
ومن بين دفتر ذكريات هذا الحدث هو سؤال عمر الشريف لي ماذا كنت تتمنى أن تكونه في زمن
الفراعنة؟
وكانت إجابتي : أننى كنت أتمنى أن أكون الملك "خوفو" نفسه، وأشاهد المصريين والمهندسين العباقرة
وهم يبنون المقر الأخير لملكهم وهو الهرم....
وبعد هذه الإجابة وجدت سيلاً من خطابات علماء الأرواح أو ما يسمون أنفسهم بـ "الروحانيين" يحدثونني عن الماضي السحيق الذى عاشته روحى من قبل..!
أخذنا الحديث إلى ذكريات وقصص حتى وجدت نفسى أقول لمن معنا أنه يجب على أن أؤلف كتاباً أسميه "أنا
وعمر الشريف..". ولم أكد أنتهى من كلامى حتى صرخ عمر فينا قائلاً : "شفتوا دايماً يحط أنا قبل
عمر الشريف...
وأنفجر الجميع بالضحك مرة أخرى على قفشة من قفشات الفنان العبقرى عمر الشريف الذي يدلل على تواضعه وعدم تكلفه فى كل مواقفه وابتسامته التى يقابل بها الجميع، لدرجة انه دائماً ما يذكر في كل جلسة تجمعنا مع الأصدقاء أننى أشهر منه فى أمريكا، على الرغم من أن هذا الكلام غير معقول، فعمر في تصوري.. هو بحق أشهر مصرى فى الخارج يعرفه ويحبه الجميع..
تركت الحفل لدقائق وخرجت لأقابل ابنى كريم.. فوجدت سيدة تسألني أين نصفك الآخر؟ وكنت أحسبها تقصد زوجتى، لكنها قالت لي: أنا أسألك عن عمر الشريف؟".. قلت لها باقتضاب هو بالداخل يناجي أبو الهول...!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة