إسراء بدر

لماذ اضطرت الدولة لتحريك أسعار الوقود؟

الخميس، 25 يوليو 2024 02:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يكن قرار تحريك أسعار البنزين بأنواعه والسولار الذى أعلنت عنه لجنة تسعير المنتجات البترولية في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، أمر مفاجئ للمواطنين فالحكومة كشفت أوراقها أمام المواطنين جميعا وحسمت الأمر فيما يتعلق بدعم المنتجات البترولية، ويُشهد للحكومة بالشفافية في هذا الأمر فلم تخفِ الحقيقة على أحد وأعلنت عن خطوات رفع الدعم وجاء ذلك منذ عدة أشهر.

ففي البداية علينا أن نعلم أن أي إصلاح اقتصادي لابد أن يبدأ بترشيد أوجه الإنفاق، حيث يؤدي زيادة مصروفات أي دولة إلى خسائر فادحة في موازناتها مما يترتب عليه زيادة ديونها وتحميلها أعباء كبيرة وهو ما جعل الحكومة تعمل على ترشيد الدعم منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في مرحلته الأولى 2015 – 2016، مع التأكيد على ترشيد الدعم وليس وقفه وهو ما يعنى أن تتدخل الدولة بحيث يصل هذا الدعم لمستحقيه الحقيقيين فقط وهم محدودو الدخل، وهو ما عملت عليه فيما يخص المواد البترولية، ووضع برنامج لهيكلة تعريفة استهلاك الكهرباء والمياه والغاز.

ولعل أبرز مثال على وصول الدعم لمستحقيه هو ما حدث في دعم قطاع الكهرباء فالحكومة كانت تستهدف أن يكون هناك دعم تبادلي داخل كل قطاع، بمعنى أن ننتهى بعد فترة زمنية معينة بحيث يصبح القطاع لا يحمل الدولة أية أعباء مالية مثل قطاع الكهرباء، ولكن داخل الشرائح هناك شريحة تدعم شريحة أخرى، إلا أن المجمل أن الدولة لا تتحمل أعباء أو أن تتحمل مبالغ زهيدة.

أما عن دعم المواد البترولية فلم يكن هناك دعم لها في عام 2021 سوى الدعم المقدم لأسطوانات البوتاجاز وكانت قد وصلت إلى أن كل المواد والمنتجات البترولية تغطي بعضها البعض، ولكن هناك أزمة طاحنة لابد من الاعتراف بها نتيجة الأزمات العالمية التي شهدها العالم بدءاً بجائحة كورونا مروراً بالحرب الروسية الأوكرانية وأزمة التضخم العالمية

ولكن ما حدث أن الدولة المصرية مثلها مثل بقية دول العالم واجهت أزمات عالمية طاحنة لم يشهدها العالم من قبل، بدأت بجائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة التضخم العالمية التي تسببت فى زيادة أسعار جميع السلع والمنتجات، نهاية بحرب غزة وأحداث البحر الأحمر وهو ما تسبب في ضغوط على الاقتصاد المصرى.

وفى ظل هذه الأزمة العالمية الكارثية اختارت كل دولة طريقها في مواجهتها، فهناك دول كثيرة قرت حكومتها عدم تحمل فروق الأسعار بهذه الخدمات وتم تحميلها على المواطن بينما الدولة المصرية كان قراراها منذ بدء الازمة الروسية الأوكرانية، المحاولة بقدر الإمكان تحمل الأعباء عن المواطن، فكان الأولوية هو تحقيق صالح المواطن المصرى البسيط وسط إدراك الحكومة بفاتورة التضخم وهو الأمر الذى جعل الدولة تتحمل المزيد من الأعباء الذى انعكس على حجم المخصصات الموجهة للدعم.

وعندما نتحدث عن الدعم المخصص للمواد البترولية فنجد أن الموازنة العامة للدولة تحملت 18.7 مليار جنيه لدعم السلع البترولية خلال عام 2019/2020، وزاد البند إلى 18.9 مليار جنيه في العام المالي التالي 2020/2021 بسبب انخفاض أسعار النفط وقتها متأثرة بجائحة فيروس كورونا، وبعدها تضاعفت قيمة الدعم إلى 59.8 مليار جنيه في العام المالي 2021/2022.

ولكن واصل بند دعم السلع البترولية زيادته ليصل إلى 119.4 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي 2023/2024 وذلك وفقًا لبيانات وزارة المالية ثم زيادة بند دعم البترول إلى أكثر من 147 مليار جنيه في العام المالي 2024/2025، وفقًا لتصريحات رسمية لوزير المالية السابق.

كما تؤكد الإحصاءات أن زيادة فاتورة دعم الوقود في مصر سببها ارتفاع التكلفة التي يدخل فيها أيضًا سعر النفط العالمي الذي قفز من 60 دولارًا للبرميل إلى 80-85 دولارًا؛ فمثلا لتر السولار الذي يدخل في كل الأنشطة والنقل والمواصلات يتكلف 20 جنيهًا ويُباع بـ10 جنيهات؛ أي أن تكلفته ضعف ثمن بيعه، ومصر تستهلك منه 16-18 مليار لتر سنويًا؛ أي يُدعَم بنحو 60 مليار جنيه.

وقامت الدولة بمضاعفة توصيل الغاز للمنازل لتصل إلى أكثر من 6 ملايين وحدة لـ 14.2 مليون وحدة، فيما دخل الغاز الطبيعي لـ81 منطقة جديدة لأول مرة منها 33 بالصعيد، ويتضمن مشروع حياة كريمة توصيل الغاز الطبيعي إلى 374 قرية كمرحلة أولى، تم الانتهاء من التوصيل إلى 196 قرية شبكات خارجية،  119 قرية شبكات داخلية، وتم إطلاق الغاز لخدمة 115 قرية شبكات داخلية وخارجية، وجاري العمل في باقي القرى طبقاً والبرامج الزمنية، كما أنه تم الانتهاء من توصيل الغاز الطبيعي إلى 2 مليون عميل منزلي و8100 عميل تجارى و174 عميلاً صناعياً بمحافظات صعيد مصر.

ويتوقع أن تتحمل الموازنة العامة للسنة المالية الحالية أعباءً إضافية عن المبالغ المخصصة لبند دعم السلع البترولية، بسبب ارتفاع متوسط سعر برميل البرنت إلى حوالي 85 دولار للبرميل، نتيجة التذبذب الكبير في الأسواق العالمية، في حين قدرت الموازنة وقت إعدادها سعر برميل البرنت بـ80 دولار، هذا بخلاف تطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة