صدر حديثًا عن دار التعليم الجامعي كتاب منهج صناعة القائد رؤى البناء والتنمية والنهضة تأليف عصام محمد عبد القادر أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بنين بالقاهرة بجامعة الأزهر ومها محمد عبد القادر أستاذ أصول التربية كلية التربية للبنات بالقاهرة بجامعة الأزهر، ويؤكد المؤلفان أن منهج صناعة القائد من منظور التخطيط الاستراتيجي أضحى لا غنى عنه؛ فمن خلاله يتمكن القائد من تحديد أولويات النظام المؤسسي وفق أهدافه بأدوات صحيحة، وعبر ذلك يخصص الموارد بتنوعاتها ويصمم الاستراتيجيات التي تحدد مسار وآلية ومراحل العمل بصورة وظيفية، تضمن انخراط الجميع في مهام واضحة البيان، مع الأخذ في الاعتبار جاهزية مقومات النجاح التي تتمثل في المتابعة والتقييم والتقويم الذي نتاجه الإصلاح والتطوير في آن واحد؛ بالإضافة إلى صناعة قادة يتحملون المسئولية معه وحوله وبعده؛ فالراية ستظل مرفوعة لا ريب.
وقد أصبحت دول العالم بمؤسساتها وفي مجالاتها التنموية المختلفة تتبني فلسفة جديدة تسمى بالتنافسية والريادة، بما يؤكد أن منهج إعداد القائد يتوجب أن يلم ويتقن تلك الفلسفة، وليس هناك أدنى شك من العلاقة الارتباطية الإيجابية بين ماهية التنافسية والريادة والخلق الحميد؛ فمن يتقن عمله يبدع فيه، ويصير ملمًا بفنونه؛ فما أحوج مؤسساتنا الوطنية بهذه المنهجية التي تخلق صور ومستويات الابتكار، وتستثمر في الطاقات والعقول.
وتُعد التنشئة أمرًا مهمًا في صنع قائد يمتلك خبرات مربية يستطيع أن يستثمرها من خلال وجدانه الراقي؛ فيحدث نقلة نوعية في الأداء المؤسسي؛ فمن تربى على مسئولية مواجهة الضغوط وتحمل التحديات والمقدرة على تحقيق الغايات من خلال عمل جاد متواصل يستطيع أن ينجو بالسفينة من بحر الأزمات المتلاحقة والتي تشكل التحدي المستدام في هذا العالم غير المنصف في مجمله.
وجدير بالذكر أن منهجية الإصلاح تُعد ضمانة رئيسة لركب قطار التقدم والرقي للنظم المؤسسية وللدولة؛ فلا تطوير يحدث ولا ازدهار نتحصل عليه بعيدًا عن هذا المفهوم، الذي يضمن سلامة المدخلات وحسن المخرجات ومن ثم تلبية المتطلبات والاحتياجات وسد حالة العوز التي تعاني منها دول ليست بالقليلة، وقد أذعن العالم بأسرة لمسلمة أن الإصلاح والتطوير لا ينفكان عن بعضهما البعض.
ومنهج صناعة القائد من منظور اتخاذ القرار يقوم على مرتكزات مهمة، تبدأ بالتخطيط المحكم والتنفيذ في ظل متابعة مستمرة وتعزيز لنتاج متميز ومعالجة لفجوات أو مشكلات قد تعطل مسيرة العمل والإنتاج؛ فتحتاج لصناعة واتخاذ قرارات ناجزة تسهم في تحقيق المصلحة للنظام المؤسسي وتنعكس إيجابًا على غايات الوطن الحبيب، وهنا يهتم القائد بماهية الدعم سواءً من المجتمع المؤسسي أو من خارجه؛ فتحدث المساندة التي من خلالها تستكمل مسيرة العمل الفاعل.
وسلوكيات القائد تضمنها منهجية منظور السمات؛ فمن خلالها يتربى على الحب والتواد والتراحم والتعاون والعمل الجاد، ناهيك عن الحزم والالتزام مقابل المرونة ومراعاة الحالات الاجتماعية التي يمر بها البعض؛ فصناعة القائد وفق هذا المنهج تقوم على تعزيز آليات الاستقامة؛ فتتوافر خصال وصفات يتفرد ببعضها هذا القائد الذي يقع على كاهله تحقيق مسيرة النهضة وفق نجاحات متتالية وقليل من الاخفاقات التي تتلوها استدامة في الوصول للمنشود.
ويصعب بمكان أن نحصي هموم القائد وما قد يعاني من صعاب متجددة؛ فهناك الشائعات التي تبث ليل نهار والتي تستهدف النيل من شخصه والعمل المؤسسي، ومن ثم فلا منزع عن رقابة ومتابعة وعمل مستدام بصورة تقوم على احترام القانون ولا ينفك عن المناخ الديمقراطي الذي يبعث برياحين الأمن والأمان المؤسسي، وهذا ما تضمنه ممارسات القائد العادلة التي تهتم بالمورد البشري والمادي وتنميتهما في آن واحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة