مها عبد القادر

الاقتصاد البرتقالي بين الإبداع والثقافة والاقتصاد

الثلاثاء، 30 يوليو 2024 10:35 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

جدير بالذكر أنه عندما يمتزج الإبداع مع التراث الثقافي والاقتصاد لإحداث التنمية والنهضة، يصبح العالم نابضًا بالحياة والألوان ويكون الإبداع مكونًا أساسيًا للاقتصاد؛ نتيجة للتفاعل بين الفنون والثقافة وريادة الأعمال والاستخدام الأمثل للموارد واستدامتها؛ حيث تتحول الاهتمامات والإبداعات والابتكارات إلى أعمالٍ مزدهرةٍ ووسيلةٍ للتقدم الاقتصادي والتعاون بين مختلف القطاعات والمجتمعات ومن ثم يصبح المستقبل أكثر إشراقاً واستدامةً.

ويعنى بالاقتصاد البرتقالي مجموعة الأنشطة الاقتصادية، التي تهتم بتحويل الأفكار إلى سلع وخدمات ثقافية، مما يشكل مزجًا أو دمجًا بين الإبداع والثقافة والاقتصاد، وهذا النوع يخلق مناخًا مؤاتيًا يعمل على جذب من لديهم تفرد مهاراي وفكري في تقديم أفضل ما لديهم؛ لتصل المؤسسة الثقافية إلى الريادة والتنافسية بمجموعٍ يتنامى يومًا بعد يوم من الفنانين والموسيقيين والحرفيين والمصممين ومن يمتلكون أفكارًا غير تقليدية ليصبحوا قوةً داعمةً تحقق نتاجاتٍ تنمويةً مستدامةً.

ويركز الاقتصاد البرتقالي على الاستدامة والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وهو أساس الاقتصاد الدائري، حيث يتم استهدافه وتضمينه في الاقتصاد البرتقالي عبر مشروعات وزارة الثقافة المصرية؛ إذ يقوم على مقدرة مؤسساتها وما تشمله من قطاعات منتشرة في ربوع المحافظات على أن تعمل بفكرٍ عميقٍ تجاه استغلال الموارد الطبيعية والمواد التي استخدمت لتُعيد تدويرها بطرائق مستحدثة تمدنا بمنتجات ذات ذوقٍ راقٍ ومظهرٍ جذابٍ، وهذا يؤدي إلى الحد من النفايات التي تكلف الدولة النقل وأساليب التخلص منها بالحرق أو الدفن، ويشجع الكثيرين على العمل في مجالاته المتنوعة.

وفي ضوء ذلك يمكننا الاقتصاد البرتقالي في المجالات الثقافية من إنتاج أو تسويق السلع والخدمات والأنشطة المرتبطة بالأصول الثقافية أو التراثية، حيث إن ما نستطيع أن ننتجه وما نقدمه من خدماتٍ يعتمد بشكلٍ رئيسٍ على خصائص المنتج وبالطبع ما تتركه لمسات الموهبة البشرية وإبداعاتها عليه، وهذا يشمل شتى الفنون والتراث الثقافي، والأزياء ويحفز بكل تأكيد السياحة الثقافية.

وفي هذا الإطار الذي تتضح معالم الاقتصاد البرتقالي، ومن ثم يتوجب أن تركز مشروعات وزارة الثقافة المصرية على استهدافه وما يتضمنه من حماية الملكية الفكرية؛ فتهتم عبر حاضنة الأفكار خاصتها بصور النتاج الفكري الإبداعي في شكله الفردي أو الجماعي، وأن تتبنى طرائق التسويق المبتكرة والتي باتت تعتمد على الفضاء الرقمي المفتوح بأنماطه العديدة الممولة وغير الممولة؛ لتأخذ المنتجات الطابع التجاري الذي يحقق العائد المنشود منها، ومن ثم تصب مباشرة في تحسين الدخول على المستوى القومي.

ويعتبر الإعلان عن مشروعات وزارة الثقافة المصرية التي تستهدف الاقتصاد البرتقالي والعمل على تنميته متاح عبر دور السينما في العواصم والمدن؛ فعبر رسالتها تظهر الفنون الستة (العمارة والموسيقى والرسم والنحت والشعر والرقص)، وكيف يمكننا أن نعمل ببرامجٍ مقصودةٍ على تنمية مخرجاتها، ولا ينفك ذلك عن أطر تبادل الخبرات على المستويين الداخلي والخارجي بما ينهض بمستويات هذا الاقتصاد؛ فنستطيع أن نستفيد من النظم البيئية الطبيعية المحيطة بنا ونستثمر الطاقات في إيجاد وابتكار منتجات وخدمات مستدامة، وهذا ينبري تحت مسمى الاقتصاد البيولوجي أحد أنماط الاقتصاد البرتقالي.

ومن أدوار السينما التي تسهم في تنمية الاقتصاد البرتقالي أنها تظهر بصورة إبداعية عبر أنواع المعالجات المختلفة للقضايا والمشكلات والظواهر التي تقدم لكثير من الفئات المجتمعية ويثمر عن نتائج إيجابية فعالة، وهذا يجعلنا نهتم بشتى الأنشطة التي تحول قناعات المستهلك إلى توظيف واستخدام الطاقة المتجددة والتكنولوجيات النظيفة للحد من التغيرات المناخية التي باتت تهدد بيئتنا، بل ووجودنا على الأرض، ومن ثم يتم التوجيه نحو الاقتصاد الأخضر وما يرتبط به من أنشطة تسهم بصورة فاعلة في تنمية العديد من المشروعات التي يعتمد عليها الاقتصاد البرتقالي.

وما تعرضه دور السينما من تجارب ناجحة ومفيدة من خلال القصص الواقعية منها والخيالية تحث وتحفز الوجدانيات تجاه أفكار تقوم على الشراكة والتبادل الفكري والمادي والخبراتي بما يؤدي إلى تحسين وتطوير للمنتج ويرفع من قيمته المادية ويعمل على زيادة التأثير المعنوي في نفوس الجمهور المستهدف، وهذا ينزوي تحت الاقتصاد التشاركي الذي يعد أحد أنماط وصور الاقتصاد البرتقالي.

وللسينما دورٌ بارزٌ في توجيه أذهان المشاهدين لرؤية الجوانب الخفية التي تكمن في الاقتصاد الأزرق، وإيضاح أوجه الاستفادة من الموارد البحرية والمحيطات بطريقةٍ مستدامةٍ، وهذا يحقق الهدف العام للاقتصاد البرتقالي المتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة من خلال الابتكار والتعاون بين مختلف القطاعات والمجتمعات من خلال الأنشطة والبرامج التي تتبناها وزارة الثقافة المصرية.

وننوه بأن السينما ما هي إلا نموذجٌ من نماذج الترويج للاقتصاد البرتقالي؛ وما تمتلكه وزارة الثقافة من هيئاتٍ وقطاعاتٍ وما تتضمنه من مجالاتٍ تستطيع أن تحدث نقلة نوعية في هذا النوع من الاقتصاد المربح؛ فيمكن أن ندعم كافة الصناعات الإبداعية المحلية، ومن ثم نغير من أنماط وصور الاستهلاك الثقافي، بما يؤكد الاعتزاز والتمسك بالهوية الثقافية وتعزيز الانتماء والولاء والمواطنة، ومن ثم الانفتاح على الثقافات الخارجية ونؤثر فيها ونستفيد من معطياتها الإيجابية المواءمة لنا، ومن ثم يعد الاهتمام بهذا الاقتصاد إبراز لدور الثقافة والإبداع كمحرك للنمو الاقتصادي ومسارًا نحو تطوير البنى التحتية المرتبطة بالفنون والثقافة، كالمتاحف والمسارح والمراكز الثقافية.

ونخلص الي أن الاقتصاد البرتقالي باعث على الإبداع دون جدالٍ خاصةً فيما يرتبط بالتراث الثقافي والأصول القائمة على المعرفة بالقطاعات المختلفة، من الفنون والحرف والتصميم والأزياء، والموسيقى، والأفلام، وصناعة التكنولوجيا، وما تشمله من تطوير البرمجيات والتصميم وإنشاء المحتوى الرقمي، وأنشطة منصات التواصل الاجتماعي ومحتواها الفني؛ فمن خلاله نتحصل على التعبير الثقافي والتنوع، وباسطته يتم إيجاد فرص العمل والتوظيف التي ننشدها، وفي غماره نرصد المشاركة المجتمعية والاندماج الاجتماعي التي تحدث حالة من الفعلية المعضدة للتعلم والحافزة لتنمية المهارات؛ فنشاهد على أرض الواقع تنميةً للسياحة والتراث الثقافي قائمةً على الفكر التقني الداعم لمسارات الإبداع والابتكار.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة