كان يوم 3 يوليو الجارى، يوماً استثنائياً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، فكان المصريون على موعد مع حدثين غاية فى الأهمية والتميز.. الأول، احتفلنا جميعاً بالذكرى الحادية عشرة للبيان التاريخى بعزل جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم مصر، والذى شارك فى صياغته كل القوى السياسية الوطنية، إلى جانب القوات المسلحة حامى حمى الوطن والمواطنين على مر العصور.
والحدث الآخر، هو الإعلان عن التغيير الوزارى بتشكيله الجديد، وأداء الحكومة اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى فى قصر الاتحادية، وكنت هناك وقتها، وتملكنى إحساس بالأمل والتفاؤل تجاه التغيير الشامل الذى تضمنته الحكومة الجديدة، كسائر المواطنين الذين شعروا بالارتياح والرضا من هذا التغيير الفعلى.
ولو تسمحوا لى بأن أضيف حدثا ثالثا كان فى هذا اليوم أيضاً، وهو شخصى بالمناسبة، حيث الثالث من يوليو هو يوم مولدي، ولا يسعنى هنا إلا أن أدعو بالرحمة والمغفرة لوالدى العزيزين، طيب الله ثراهما وأسكنهما فسيح جناته.
اعرف معظم قيادات الحكومة الجديدة، وقابلت أغلبهم وقت حلف اليمين الأربعاء الماضي، وهم بالفعل من ذوى الكفاءات والخبرات المتميزة؛ لهذا كلى ثقة فى قدرتهم على تنفيذ خارطة الطريق الجديدة للدولة المصرية، التى وضعها الرئيس السيسى بعناية، حينما كلف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل حكومة جديدة، قبل شهر من الإعلان عنها.
خارطة طريق الحكومة الجديدة تتضمن أهدافاً واضحة، على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى فى ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصرى على رأس قائمة الأولويات، خاصة فى مجالات الصحة والتعليم، إلى جانب مواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وكذلك على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما تم إنجازه فى هذا الصدد، وأيضاً تطوير ملفات الثقافة والوعى الوطنى، والخطاب الدينى المعتدل، على النحو الذى يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.
تكليفات الرئيس السيسى بشأن الحكومة الجديدة، تضمنت أيضاً مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك فى إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادى للدولة فى جميع القطاعات.
وحَرص الرئيس السيسى على تأكيد هذه الأهداف بنفسه، لأعضاء الحكومة الجديدة والمحافظين ونواب الوزراء والمحافظين، خلال اجتماعه معهم بعد حلفهم اليمين الدستورية، حيث أكد الرئيس أهمية التطوير الشامل للسياسات والأداء الحكومى بما يتواكب مع حجم التطلعات والتحديات خلال المرحلة المقبلة، وشدد على أهمية الاستفادة من الخبرات السابقة بما يرسخ أُطر العمل المؤسسى والحوكمة، فضلاً عن تحقيق أقصى درجات التعاون والتنسيق بين جميع الوزارات وأجهزة الدولة، وذلك فى إطار من الحرص على المصلحة العامة والنزاهة والشفافية والتواصل الفعال مع الرأى العام، كما أكد الرئيس على أهمية استكمال مسار الإصلاح الاقتصادى على جميع الأصعدة، مع إعطاء الأولوية للتخفيف على المواطنين وتحقيق طفرة ملموسة فى المجالات الخدمية، وشدد أيضاً على الأهمية البالغة لبناء وتطوير الصناعة المصرية، باعتبارها هدفاً استراتيجياً فى مسيرة بناء الدولة، موجهاً بأن تعمل الحكومة الجديدة على جذب وتشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية وتشجيع نمو القطاع الخاص، وذلك فى إطار تحسين الأداء المالى والاقتصادى الشامل للدولة، بما يحقق تطلعات الشعب المصرى فى التنمية والتقدم.
بالفعل، تزداد حالة الأمل والتفاؤل لدى المواطن، حينما يحدث التغيير الشامل فى أى منظومة.. وعلى مدار اليومين الماضيين تابعت عن كثب كل تصريحات قيادات الحكومة الجديدة، كما سألت العديد من المواطنين بمختلف مستوياتهم، عن آرائهم وطموحاتهم بالنسبة للتشكيل الوزاري، وكانت ردود الفعل معبرة عن الرضا والارتياح بشكل كبير، خاصة بعد عقد أول اجتماع للحكومة الجديدة، وإعلان الدكتور مصطفى مدبولى خلال مؤتمر صحفى عقب الاجتماع، أن العمل جارٍ على حل مشكلة الكهرباء ووقف تخفيف الأحمال، كاشفاً أنه تم توفير 1.2 مليار دولار لحل تلك الأزمة، إلى جانب تأكيده على ضبط الأسعار فى الأسواق، وهاتان المشكلتان هما أكثر ما يؤرق المواطنين حالياً ويتمنون حلهما بشكل جذري.
أما أكثر ما لفت انتباهى فى تصريحات الدكتور مصطفى مدبولى بالمؤتمر الصحفي، تأكيده أن توجيهات الرئيس السيسى للحكومة الجديدة هى التواصل الدائم والمباشر مع المواطنين وعرض كل التحديات التى تواجه الدولة، وإعلانه أنه سيتم عقد مؤتمر أسبوعى إلى جانب مؤتمر آخر شهري، بحضور الإعلاميين والشخصيات العامة، للاستماع إلى آرائهم ووجهات نظرهم فى مختلف القضايا.. وهو الأمر الذى وجه به الرئيس من قبل، خلال شهر مايو الماضي، حينما كان يشهد افتتاح مشروعات تنموية بجنوب الوادي، وطالب الوزراء باتباع مبدأ المصارحة والمكاشفة مع الشعب المصري، لتعزيز الوعى المجتمعي، باعتبار المواطن شريكاً أساسياً فى التنمية والتطوير بالجمهورية الجديدة.