سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 يوليو 1968.. عبدالناصر يقدم ياسر عرفات إلى القيادة السوفيتية ويقنعهم بتقديم معونة من الأسلحة إلى منظمة التحرير الفلسطينية ويخضع لفحوصات طبية فى موسكو

السبت، 06 يوليو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 يوليو 1968.. عبدالناصر يقدم ياسر عرفات إلى القيادة السوفيتية ويقنعهم بتقديم معونة من الأسلحة إلى منظمة التحرير الفلسطينية ويخضع لفحوصات طبية فى موسكو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قبل نهاية الاجتماع الأول بين الرئيس جمال عبدالناصر والقيادة السوفيتية «بريجنيف، كوسيجين، بادجرنى»، فى زيارة عبدالناصر إلى موسكو آواخر يونيو 1968، فتح عبدالناصر موضوع منظمة التحرير الفلسطينية، وأشار إلى وجود ياسر عرفات معه ضمن أعضاء الوفد المصرى، بجواز سفر مصرى باسم مستعار ووظيفة مستشار للوفد، حسبما يذكر محمد حسنين هيكل فى الجزء الثالث من كتابه «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل- سلام الأوهام »، «راجع ذات يوم- 4 يوليو 2024 ».


كان عرفات وقتئذ يتزعم حركة فتح كبرى تنظيمات منظمة التحرير، ويكشف «هيكل » أن القادة السوفيت أبدوا تحفظا واضحا إزاء ما سمعوه، ثم عبر «كوسيجين» عن رأيهم حين قال إنه يخشى أن يكون عرفات شخصا مغامرا، وهم لا يعرفون شيئا عنه، ورصدوا نشاطا لمجموعته فى سوريا، وحكمهم عليها إنها جماعة غير مسؤولة، والاتحاد السوفيتى يصعب عليه أن يتعامل معهم كحركة تحرر وطنى.


يؤكد «هيكل »: «ظل عبدالناصر يضغط، وعلى غداء أقامه للقيادة السوفيتية فى اليوم الأخير من الزيارة، كان عرفات قد ضمن المدعوين، وفى نهاية الغداء وبعد حديث مع القيادة السوفيتية، أشار عبدالناصر إلى محمد حسنين هيكل الذى قام من مكانه واصطحب عرفات إلى حيث كان الرئيس والقادة السوفيت يتأهبون للخروج من قاعة الغداء، وتم تقديمه إليهم، وكان كل ما أمكن التوصل إليه هو أن بريجنيف طلب إلى عرفات أن يتوجه إلى مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعى السوفيتى ليقابل الرفيق مازاروف، عضو المكتب السياسى المسؤول عن حركات التحرر الوطنى العام، ويتحدث معه بما يريد».


يكشف «هيكل »: «فى اليوم التالى لم يكن مازاروف مستعدا أن يقابل عرفات بنفسه، وأحاله إلى نائبه بوريس باناماريوف، الذى بدا أنه يستجوب ياسر عرفات بمجموعة من الأسئلة: من أنتم؟ ماذا تريدون؟ بأى الوسائل تريدون تحقيقه؟ ما رأيكم فى قرار مجلس الأمن 242 للحل السلمى؟ كيف ترون مستقبل إسرائيل؟
طالت المناقشة بين عرفات وباناماريوف لساعتين وربع الساعة »، يؤكد «هيكل »: «فى الاجتماع الأخير للقادة السوفيت مع عبدالناصر قبل مغادرته موسكو، أبلغه بريجنيف بأنهم سوف يبحثون موضوع منظمة التحرير على ضوء تقرير باناماريوف، وسيفكرون فيما يمكن عمله فى هذا الشأن، وسيبلغوه رأيهم النهائى عن طريق غير رسمى، وعلى هذا الأساس، فإن ردهم سيذهب إلى سيرجى فينوجرداوف، السفير السوفيتى بالقاهرة، ليقوم بإبلاغه إلى محمد حسنين هيكل باعتباره حلقة الوصل بينهم وبين جمال عبدالناصر، لأنهم حتى الآن لا يريدون أن يتعاملوا فى شأن المنظمة مع مصر عن طريق حكومة إلى حكومة ».


يكشف «هيكل » أنه بعد ثلاثة أسابيع طلب فينوجرادوف موعدا مع هيكل، وجاء السفير السوفيتى إلى الموعد ومعه ورقة بحجم ربع صفحة من القطع العادى تحتوى على قائمة ببعض الأسلحة، منها مدافع مضادة للطائرات، تصل تكاليفها إلى نصف مليون روبل، وقال فينوجرادوف: إنه لولا تدخل عبدالناصر لما فكرت القيادة السوفيتية فى التعامل مع عرفات وزملائه، لكن تقديرا لتدخل الرئيس وافقوا.


كان الفريق أول محمد فوزى، وزير الحربية وقتئذ، ضمن الوفد المرافق لعبدالناصر فى هذه الزيارة، ويكشف فى مذكراته «حرب الثلاث سنوات-1967- 1970»، أن هذه الصفقة قدرت بنصف المليون دولار، ويضيف: «تمكن عبدالناصر من الحصول على موافقة القيادة السوفيتية على صفقة أسلحة ومعدات لمصر فى حدود 200 مليون جنيه، وعلى مستشارين سوفيت مطلوبين للقوات المسلحة المصرية »، ويؤكد «هيكل» أن القيمة المعنوية لاستجابة الاتحاد السوفيتى لطلب عبدالناصر الخاص بمنظمة التحرير الفلسطينية، كانت أهم بكثير من أسلحة تساوى نصف المليون روبل، ويكشف: «كان عرفات ومعه صلاح خلف فى شدة السعادة لهذا المعنى بالذات حتى تم تسليم قائمة الأسلحة إليهما».
من جهة أخرى، كان عبدالناصر يعانى قبل الزيارة من آلام صحية نتيجة مضاعفات مرض السكر، وتكشف زوجته تحية كاظم فى مذكراتها «ذكريات معه»: «شعر الرئيس بألم فى ساقه استمر لأشهر، ولم أره قلل من شغله أو استراح أبدا، قابل السفير محمد عوض القونى فأخبره بأنه كانت عنده الأعراض نفسها فى ساقه، وذهب إلى بلد فى الاتحاد السوفيتى حيث توجد مياه معدنية تعالج هذه الحالة، وعمل حمامات لمدة ثلاثة أسابيع وشفى تماما بعد فترة، وكررها فى العام الذى تلاه، وأصبح لا يشعر بتعب وقد مضت عدة سنوات».


يؤكد طبيبه الخاص، الدكتور الصاوى حبيب، فى مذكراته: «فى أواخر 1967 وبالتحديد فى أكتوبر، بدأ الرئيس عبدالناصر يعانى من آلام فى الساقين وأسفل الظهر، وكانت تشتد ليلا نتيجة لمرض السكر»، يكشف «حبيب» عن زيارات أطباء مصريين وعالميين فى تخصصات مختلفة له لفحصه، ويؤكد: «فى أول يوليو سافر الرئيس إلى موسكو فى رحلة عمل، وكان اهتمام الروس بصحته كبيرا».


يضيف: «قام الدكتور إيفيجنى شازوف، أكبر أطباء القلب فى روسيا، والمسؤول عن علاج القادة السوفيت، ومعه اثنان من أساتذة أمراض الباطنة بالكشف على الرئيس»، ويكشف «شازوف» التفاصيل فى مذكراته «الصحة والسلطة» إعداد وترجمة الدكتورة إيمان يحى، مؤكدا أن 6 يوليو- مثل هذا اليوم- 1968، كان أول لقاء مع الرئيس المصرى والأطباء الروس.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة